بعد حملات ترحيل الأجانب.. أزمة مكتومة بين جوبا والخرطوم

تقرير – أمير عبدالماجد

مع تحرك القوات المشتركة المكونة من الجيش والامن والشرطة وبعض القوات المساندة في ملف الأجانب وازالة العشوائيات تحركت بعض العواصم المجاورة وتململت بعد وصول بعض مواطنيها المبعدين بسبب ترحيلهم من المدن السودانية ومن بين العواصم التي أبدت عدم رضاء على الخطوة وبدأ اعلامها في الهجوم على الحكومة السودانية جوبا التي تستقبل يومياً الاف الجنوب سودانيين المبعدين من مدن السودان بسبب اشكالات الاقامة وعدم حيازتهم لاوراق هوية وجوازات سفر إذ ولد معظمهم وعاش في السودان الشمالي ولايعرف شيء عن بلاده ولم يزرها في حياته.

والمفارقة الغريبة هنا أن الجنوب سودانيين صوتوا للانفصال بنسبة عالية جدا وباكثر من (90%) ومع ذلك ظل ملايين الجنوب سودانيين في مدن السودان الشمالي دون أوراق هوية أو اقامات كما هو مفترض بل عاشوا كمواطنين وظلت السلطات تغض النظر عنهم حتى اندلعت الحرب التي انضم إليها غالبية الجنوب سودانيين وقاتلوا في صفوف قوات مليشيا الدعم السريع وهو ما وضع العربة أمام الحصان إذ بات من الضروري النظر إلى ملف الاجانب وحسمه بالقانون وابعاد كل المخالفين لقانون الاقامة وعلى رأسهم مواطني جنوب سودانيين والتشاديين والاثيوبيين وهم الغالبية واعدادهم تقدر بالملايين وهو ما يجري الان عبر حملات القوات المشتركة وأخرها أمس في مدينة صالحة جنوب غرب ام درمان إذ تم القاء القبض على عشرات الاجانب المخالفين لقانون الاقامة ووجدت بحوزتهم أسلحة ومواد مخدرة وهو مايحدث في كل الحملات تقريباً.
مع تحرك الملف تململت جوبا عبر اعلامها الذي طالب الخارجية الجنوب سودانية ورئاسة الجمهورية بموقف قوي بل طالب بعضهم بقطع العلاقات مع السودان الشمالي بسبب ابعاده لملايين الجنوب سودانيين بصورة وصفوها بـ (المتعسفة) وهو ما يرى اللواء (م) صلاح الدين دوشكا “أنه شطط من اعلاميين لن تنساق له حكومة جنوب السودان التي تعلم أن ما يجري هو قرار داخلي وفقاً للقانون لان المبعدين فعليا وبعلم سفارة جنوب السودان مخالفين لنظام الاقامة دعك من مشاركتهم في الحرب وانضمامهم لقوات المليشيا وقتلهم للسودانيين دعك من كل هذا هم هنا خالفوا نظام الاقامة فتم ابعادهم وحكومة جنوب السودان نفسها تبعد يوميا الاجانب المخالفين لنظام الاقامة”، وتابع “حكومة جنوب السودان تفرض قيوداً كبيرة على نظام اقامة الأجانب في الدولة فكيف ستطالبنا أن نستمر في استضافة هذه الاعداد المهولة من الجنوب سودانيين بدون اقامات أو أوراق ثبوتية وبدون عمل واضح ومحدد”، وتابع “لا اعتقد أن حكومة الجنوب يمكن أن تذهب الى حد القطيعة بسبب ترحيل مواطنيها حتى لو كانوا ملايين الجنوب سودانيين لانها تعلم أنهم خالفوا القانون واقاموا لسنوات في السودان الشمالي بدون أوراق قانونية”، وقال “يجب أن تقدم جوبا الشكر لحكومة السودان لانها استضافت ملايين الجنوب سودانيين لسنوات رغم ازماتها الاقتصادية ورغم الحرب ورحلتهم دون محاكمات إذ في هذه الحالات في دول أخرى يحاكم من يخالف نظام الاقامة قبل ترحيله”.
ويرى د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان “قد يثير بعض الحساسيات الموجودة اصلاً بين جوبا والخرطوم لكن ولان القرار يشمل كل الاجانب لا اعتقد أن تداعياته السياسية ستتصاعد أولا لان جوبا تدرك أسباب اتخاذ الخرطوم لهذه الخطوات في ملفات الاجانب وازالة السكن العشوائي وغيرها .. هي تدرك حيثيات ماحدث وتفهم أن الخرطوم لديها الحق القانوني والاخلاقي الذي يخول لها ابعاد الأجانب المخالفين لنظام الاقامة من اراضيها”، وأضاف “هناك اتصالات بين حكومتي جوبا والخرطوم لكن لا اعتقد ان الاخيرة ستتراجع”، وتابع “لنكن واضحين معظم الاجانب الذين دخلوا البلاد باوراق قانونية واقامات غادروا مع اندلاع الحرب ومن بقي هم الاجانب الذين لايملكون لا اقامات ولا اوراق ثبوتية”، وأضاف “كيف نفهم ان يغادر أصحاب البلاد ويبقي الاجانب رغم الحرب هذا وضع غريب ثم أن هؤلاء الاجانب معظمهم تورط في هذه الحرب وتعاون بل وحمل بعضهم السلاح مع المليشيا وهو وضع غريب لا اعتقد أن مخابرات دولة جنوب السودان لاتعرف أو لم ترصد مشاركة مواطنيها في هذه الحرب”. وقال “مايحدث الان هو ان بعض الناشطين الجنوب سودانيين في الميديا والاعلام يحاولون خنق الموضوع وايقاف ترحيل مواطنيهم والضغط على حكومتهم التي تعلم حقيقة ما يجري .. للضغط عليها لاتخاذ موقف لن يخدمها لان الحقيقة واضحة وجلية من حق السودان ابعاد أي أجنبي مخالف لنظام الاقامة”.

Exit mobile version