تقرير – أمير عبدالماجد
تصريح مقتضب للأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي علي الحاج أعاد من خلاله التساؤلات القديمة حول الاتفاق الإطاري والجلوس مع الدعم السريع وتواجد قيادات من مجموعة علي الحاج في مؤتمر تنسيقية تقدم الأخير بأديس أبابا والتي تمثل الذراع السياسي لمليشيا الدعم السريع التي ارتكبت فظائع مروعة بحق السودانيين.
احتلال منازل
وكان علي الحاج قد أجاب على سؤال حول رؤيته اليوم بعد ما حدث للاتفاق الإطاري والدعم السريع فقال إنه لو كان يعلم أن الدعم السريع سيحتل منازل الناس لما جلس معهم ولم يكن ليوافق على الجلوس معهم وتوقيع الاتفاق الإطاري، فهل هي محاولة من جناح علي الحاج للتبرؤ مما حدث أم قفز من المركب التي تكاد تغرق الآن بعد رفض السودانيين لقوى الإطاري واتهامها بمساندة مليشيا الدعم السريع أم أن حديث الرجل لديه دلالات أخرى؟.
هزة عنيفة
وكان المؤتمر الشعبي قد تعرض لهزة عنيفة وخلافات عميقة عصفت بالحزب وحولته إلى جناحين أحدهما مع الاتفاق الإطاري وهو جناح علي الحاج وكمال عمر وآخرين، والآخر ضد الاتفاق الإطاري.
وتباعدت مع الوقت رؤى الجناحين الفكرية والسياسية لحد بعيد وذلك بعد أكثر من عامين على تحركات مكتومة وأخرى علنية سعت لمعالجة تصدعات عنيفة ضربت الحزب وانتهت لطريق مسدود بقرار من مجلس الشورى وهو ثاني أعلى جهة تنظيمية في الحزب بإقالة الأمين العام علي الحاج وإلغاء كل القرارات والتحالفات مع القوى السياسية. واستندت الشورى في قراراتها هذه إلى ما يُعرف بالنظام الأساسي للحزب بـ(أحكام الضرورة والواقع) التي تمنح الحق للشورى في اتخاذ إجراءات استثنائية عامة، وأدى قرار الشورى لانقسام الحزب لتيارين يؤيد أحدهما جماعة الشورى التي ينضوي تحت لوائها قادة التنظيم التاريخيين وعدد من أنجال مؤسس الحزب حسن الترابي، بينما يتزعم علي الحاج وكمال عمر ما يعرف بمجموعة الأمانة العامة، وبدا الخلاف يظهر علناً بعد قرارات الفريق أول البرهان في 25 اكتوبر 2021 التي أطاحت بحكومة حمدوك وقتها أصدر الأمين العام بياناُ أدان فيه ماحدث ووصفه بالانقلاب قبل أن تتدخل مجموعة الشوري وتسحبه من مواقع الحزب في وسائل التواصل الاجتماعي لتدور بعدها ملاسنات عنيفة بين الطرفين اتخذ على إثرها علي الحاج قرارات بفصل أمناء الأمانات وعدد كبير من قادة التنظيم مما زاد التوتر والاستقطاب في الحزب.
بعدها توالت المواقف والتصريحات المتناقضة في الحزب بإعلان قادة معروفين في المؤتمر الشعبي تأييدهم تحركات الجيش الراغبة في تصحيح العملية السياسية وتوسيع قاعدة المشاركة، بينما تمترست مجموعة علي الحاج في رفضها لما حدث واعتبرته انقلاباً على الفترة الانتقالية واستمر التشاكس في الحزب لأشهر طويلة إلى أن نشبت الحرب في أبريل حيث أعلنت مجموعة الشورى انحيازها الصريح للقوات المسلحة بينما ظلت مجموعة علي الحاج متمسكة بوجودها ضمن منظومة قوى الاتفاق الإطاري والتي تتهم بأنها تساند المليشيا.
ضرب وحدة الحزب
تصريحات علي الحاج الأخيرة أيقظت كثير من المواقف القديمة لجناح الشورى الذي حذر من التماهي مع دعوات قحت حينها والدخول معها في شراكات قد تفقد الحزب رصيده الجماهيري وتضرب وحدته وتماسكه فهل عرف علي الحاج الآن بعد أن (شق البلد والحزب) أن موقفه كان خاطئاً وأن الجهة التي اختارها هي نفسها ليست فقط الجهة التي أشعلت الحرب بل هي الجهة التي تسرق بيوت الناس الآن وتقتلهم وتقصف منازلهم وتنتهك أعراضهم؟، هل هي عودة لمربع مجموعة الشوري التي تضم قيادات بارزة في الحزب أم أنها مجرد محاولة لمغادرة سفينة على وشك الغرق؟.
رفض قرارات
الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية احمد عمر خوجلي قال إن الإجراءات التنظيمية التي اتبعها مجلس الشوري واتخذت قرارات رفضها علي الحاج ومجموعته كانت صحيحة حيث تأسست القرارات على المادة 26 الخاصة بأحكام الضرورة والواقع وهي احكام يجوز العمل بها حال تعذّر عقد المؤتمر العام وتسري المادة بقرار من هيئة الشورى، واضاف (ماحدث كان انقلاب مؤسسات على الأمين العام وذلك بعد توقيع 1000 عضو من المؤتمر الشعبي بينهم أنجال الترابي على مذكرة في ديسمبر طالبت الشورى بالانعقاد وانتخاب أمانة عامة جديدة حيث نبّهت المذكرة لخروقات عديدة ارتكبها علي الحاج على المستوى التنظيمي والمضي في تحالفات سياسية دون موافقة مؤسسة الحزب)، وتابع (علي الحاج مارس الديكتاتورية ورفض هذه القرارات لأنها أطاحت به وانضم هو ومن معه إلى قحت ثم إلى تقدم إلى ان انتهي بهم الحال لما وصلوا له اليوم جناح سياسي لمليشيا تقتل السودانيين وهو موقف غريب جداً أن يقف حزب أي حزب يؤمن بان الديمقراطية هي الرافعة التي ستقوده للحكم ضد مواطنيه ويؤيد من يقتلهم ويسحلهم وينتهك حرماتهم)، وقال (اعتقد ان مايحدث في الفاشر هو ما جعل علي الحاج يخرج لينتقد الدعم السريع ويحاول القفز من المركب ليس لأسباب سياسية بالدرجة الأولى)، وأضاف (حتى لو قفز سياسياً من المركب الآن فإن الأمور على الارض داخل الحزب تغيرت كما تغيرت أمور كثيرة في المشهد السياسي ولا اعتقد أن خبرة الرجل ودهاءه الذي قاده للنجاة من عثرات سياسية عديدة سيسعفه الآن).