الفاشر.. سرّ الصمود الأسطوري

 

د.عبدالعظيم عوض

*الصمود الأسطوري الذي قدمته الفاشر سيبقى عبر التاريخ درسا قاسيا لكل من تسوّل نفسه مجرد الاقتراب من أسوار هذه المدينة الصامدة ،وستحكي عن صمود الفاشر الأجيال ، جيلا بعد جيل.
*شنّ الأوباش أكثر من 180 هجوما تكسرت عند أسوار المدينة أمام خططٍ دفاعية محكمة ستبقى مرجعا مهما حول إستراتيجيات الدفاع عن المدن وذلك بفضل التنسيق الدقيق بين القوات المسلحة والقوات المشتركة ، وقبل ذلك بفضل الله ، وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.
*أهمية الفاشر الاستراتيجية تتأتى من كونها تعتبر نقطة إنطلاق رئيسية لتحرير بقية ولايات دارفور والحيلولة دون أي شرخ يكون مهددا للولاية الشمالية عبرالصحراء، كما أن موقعها المميز شمال غربي البلاد يكسبها أهمية خاصة من حيث خطوط الاتصال مع ثلاث دول مجاورة، هي ليبيا تشاد ثم مع مصر عبر طريق الأربعين.
*إن الصمود الجبار الذي ظلت تشهده المدينة أخرس كل الألسن التي كثيرا ما كانت تزعم بأن سقوط الفاشر بات مسألة وقت ليس إلا، وأذكر في هذا الصدد ماقاله ذلك الاكاديمي الدَّعي المنسوب لآل مادبو لقناة الجزيرة قبل عدة أشهر بأن الفاشر لا محالة ساقطة وفي غضون هذا الأسبوع على الأكثر، مما جعل علامات الدهشة ترتسم على وجه المذيع وهو يسمع كلام منجمي العصرالمليشي الماهري، مع ملاحظة أن الرجل والذي لاحظت انه يتعمد الحديث بلهجة غير سودانية إختفي منذ ذلك الحين عن الظهور الاعلامي.
*والذي لا شك فيه إن صمود الفاشر الاسطوري لم يات بالصدفة، وإنما كان نتيجة تقدير موقف سليم من القيادة بالنظر للأهمية التكتيكية لهذه المدينة المحورية، لا سيما ما يتعلق بقطع خطوط الإمداد للعدو وحرمانه من الحصول على تعزيزات.
*ظلت الفاشر تحت حصار المليشيا ومرتزقتها لنحو مائة يوم ولم تأبه لدعوات مجلس الأمن برفع الحصار ووقف الاعتداءات على المدينة، مما يجعلنا نطالب المجلس باتخاذ خطوات عملية في مواجهة الموقف المتعنت للمليشيا، ونتفق في هذا الصدد مع مناوي بأن المجلس مطلوب منه خطوات اكثر جدية أولها إعلان الدعم السريع منظمة إرهابية.
*ستظل الفاشر صامدة عصية على العدو وتبقى صخرة تتكسر امامها كل المحاولات اليائسة للاختراق، ودرساً لكل من تسوّل له نفسه النيل من هذا البلد ووحدته الوطنية.
*الملاحظة الجديرة بالاعتبار هي أن العدوان المليشي الإماراتي على السودان، خلق من حيث لا يدري وحدةً وطنية وتماسكا في الجبهة الداخلية، صار على أثره شباب دافور يدافعون عن الجزيرة وعيال بحر أبيض والشمالية ينتشرون في ربوع كردفان في أم روابة وغيرها، كما كان للقوات المشتركة لأبناء دارفور الِقدح المعلّى في استرداد قرى الجزيرة .. وصار شعار( كل البلد دارفور) لأول مرة واقعا على الأرض .. أدام الله هذه الوحدة وهذا التعاضد لنعيد معا بناء السودان وتعميره، ونقدم بذلك نموذجا حيّاً للتعايش في ظل وطن واحد موحد، شعاره الوطن للجميع والمواطنة هي الأساس بلا اي تمييز آخر سوى الوطن.

نقلا عن “أصداء سودانية”

Exit mobile version