العنوان: العواء الجديد!! (1)

فيما أرى

عادل الباز

1
هل سمعتموه؟ ذلك العواء الذي أطل من أسافل الأسافير وعم البرية! إنه عواء عجيب جاء خارج زمانه ومكانه. جاء في زمن يقاتل الناس فيه دفاعًا عن بلادهم وأعراضهم، ويدفعون أرواحهم فداءً لوطنهم. في مثل هذا الوقت، نُفخت أبواق “تقدم” في كير الهواء، معلنةً إفلاسها النهائي، إذ لم يعد لها ما تفعله سوى طق الكواريك. في كل وقت، تعزف لحنًا جديدًا وكلامًا مخادعًا… كيف؟
2
انتقلنا من “حرية، سلام، وعدالة” عشية التغيير الذي يسمونه “ثورة ديسمبر” إلى عواء غريب: “معليش ما عندنا جيش”، “الجيش جيش كيزان”، ثم ذهبوا بعد ذلك إلى شراكة قالوا عنها وقتها ذكية مع ذات جيش الكيزان “اللجنة الأمنية” “للإنقاذ”. ذلك كان زمان حميدتي، “الضكران” الذي خوف الكيزان. في ذلك الزمان، وفي سبيل الوصول إلى مقاعد السلطة، تحالفوا مع جيش الكيزان ولجنتهم الأمنية، بل وتحالفوا مع قاتل رفاقهم في مجزرة القيادة بلا حياء!
3
انتهينا من هذه العواءات الماكرة بحصد رمادها. وحين “الهواء قلب” وأطاحت بهم ذات “اللجنة الأمنية”، بدأ عواء جديد: “انقلاب الموز”، “انقلاب الفلول”، “الحقوا الثورة بتموت”.ولكنهم مالبثوا ان عادوا مرة أخرى للتفاوض مع جيش الكيزان الذي انقلب على الحيران الذي قَبِل أن يكون رئيس وزراء انقلاب الكيزان قبل الاستقالة!
4
مرة أخرى، ملأ الهواء أشرعة العوائيين، وخاصة بعد الشروع في مؤامرة الإطاري. فتغير لحن العواء: “الجيش جيش السودان، ما جيش برهان ولا الكيزان”. ثم ما إن قَبِل “كيزان اللجنة الأمنية” الانخراط مرة أخرى في التفاوض مع شتات قحت، فتحول الرئيس البرهان من متآمر وكوز إلى “جنرال ماهر”، وارتضوا مرة أخرى أن يقتسموا السلطة مع ذات “جيش الكيزان”، مع ذات الذين قتلوهم في القيادة “والبنوت نيام”، وكل هذا من أجل العودة إلى مقاعد السلطة!
5
حين هبت رياح الإطاري واقتربوا من حصد السراب، قالوا: “إما الإطاري أو الحرب”. قامت الحرب وأطاحت بالإطارى، فعاد الجيش جيشًا للكيزان، وقالوا إن الحرب أشعلها الكيزان لا الجنجويد! فالكيزان هم من قادوا التاتشرات واحتلوا المطارات، وهم من هاجموا القيادة واستولوا على المعسكرات!
بالله! لو كان الكيزان يريدون إشعال حرب في البلاد كلها، لكان بإمكانهم فعل ذلك وهم في أفضل أحوالهم وفي مركز القرار والسلاح بيدهم والجنجويد تحت أمرتهم. كان بإمكانهم القضاء على الثورة وقتل الآلاف تمامًا مثل ما فعل حلفاؤكم الجنجويد، لكنهم آثروا سلامة البلاد على سلطة زائلة عندما رأوا أن الشعب ينشد التغيير في تلك اللحظة. فأسلمولكم وطنًا مستقرًا وآمنًا في الحد الأدنى. فماذا فعلتم به؟ لو كانوا يريدون إشعال حرب، لما سمحوا لكم بالاتفاق مع “لجنتهم الأمنية” التي سلمتكم نصف السلطة! … ولا كيف؟ لماذا يشنون حربًا وكان بإمكانهم أن يسمحوا للفريق هاشم عبد المطلب، رئيس هيئة الأركان، أن يستلم البلاد ببرقية من القيادة؟ لماذا يشنون حربًا أصلاً وأنتم لا تسوون شيئًا من حيث القوة ولا حلفاؤكم وقتها.
الكيزان أذكى من أن يشنوا حربًا غبية كالتي اقترفتموها مع حلفائكم. بالله، هل رأيتم كيف كان انقلابهم قبل ثلاثين عامًا نظيفًا؟ المحكمة نفسها احتارت في إيجاد دليل واحد يدين أياً من المشاركين فيه، فأنقذ الرئيس البشير المحكمة ، متعه الله بالصحة والعافية، معترفًا “رجاله ساكت” ” انه هو وحده من قام بالانقلاب!
6
للمرة الالف ، بدأوا عواءا جديدا، بعد أن اشلعوا الحرب، عجزوا عن الاصطفاف مع الجنجويد مباشرة رغم أن الكفيل واحد! فبدأ العواء الجديد المخنث: “لا للحرب”، ثم مالبث ان تجدد لحن العواء قليلاً: “لازم تقيف”. كيف تقيف؟ ما عارفين، لكن لازم تقيف! من الذي سيوقفها؟ لابد أن أسيادهم في المجتمع الدولي والإقليمي والكفلاء هم الذين سيوقفونها، قم يهندسوا لهم عملية سياسية تحملهم إلى كراسي الحكم مجددًا! ليس لديهم أي فعل سياسي خاص سوى عقد الورش والندوات التي يعتاشون منها.
7
انتهى كل ذلك إلى لا شيء، فلا الحرب توقفت ولا مؤامرات المجتمع الدولي والكفلاء نفعت، فعادوا يبحثون في دفاترهم القديمة، فخرجوا بعواء جديد يطلقونه هذه الأيام في الأسافير: ” قامت الحرب لدفن ثورة ديسمبر”. بالله! هى جثة الثورة دى لم تُدفن بعد؟! تركتموها في العراء أيضًا كما تركتم جثث شهدائها تتعفن في المشارح؟ كيف الكلام ده؟ … حنشوف.نواصل

Exit mobile version