السودان والخروج من النفق .. نحو سياسات إقتصادية ومالية لما بعد الحرب الجزء (1)

بروفسور أحمد مجذوب أحمد
تعتبر السياسات أداة مفتاحية فى تحقيق الأهداف وتنفيذ البرامج، لأنها تضع الإطار الملائم وتحدد المسار المناسب لعمل كل المعنيين بالملف الاقتصادي ، فهى البوصلة التى تحدد الاتجاهات ، وهذا المقال يستهدف الإشارة إلى السياسات الاقتصادية والمالية ذات الأولوية التى ستساعد على تجاوز آثار الحرب على الاقتصاد السوداني ، فقد أشرت في مقالات سابقة إلى تفاصيل خطة النهضة والإعمار ، وأركز هنا على مقترح السياسات الاقتصادية المطلوبة والتى ينبغي الاتفاق عليها للانطلاق نحو آفاق أرحب ونهضة شاملة.
معلوم أن السياسات الإقتصادية تبنى ابتداءً على مؤشرات الواقع الاقتصادي الماثل بآثاره الظاهرة وتحدياته القائمة ، ولهذا أشير إلى التحديات التي تواجه إقتصاد ما بعد الحرب فى الآتى:
1. تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي
2. تناقص معدل النمو السنوي
3. تراجع متوسط دخل الفرد
4. إزدياد معدل التضخم
5. إنخفاض قيمة الجنيه
6. هروب المستثمرين
7. إزدياد عجز الميزان التجاري
8. توقف الأعمال فى المركز الاقتصادي (الخرطوم) وبعض الولايات المتأثرة بالحرب
9. إرتفاع نسبة البطالة
10. تدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية والتجارية فى عدة ولايات.
11. ازدياد معدلات الفقر .
ولهذا فإن السياسات الاقتصادية تستصحب ذلك وتضعه نصب عينيها، حيث يتم تحديد و ربط كل سياسة بهدف أو أهداف معينة، وبهذا يعتبر تحديد واختيار الأهداف و البرامج التي تساعد على تجاوز هذه التحديات ، هو مرتكز وأساس هذه السياسات ، حيث تتم متابعتها وتقييم وقياس أدائها وكفاءتها فى تحقيق هذه الاهداف.
*الأهداف:*
الهدف الإبتدائي هو إيقاف التدهور ، كمثل الطبيب وهو يستقبل مريضه ، فإنه يسعى أولاً لإيقاف التدهور فى صحته ليكون مستعداً لأخذ جرعات الدواء .
أما الهدف النهائي فهو تحقيق النهضة الاقتصادية المرتجاة بعد رحلة عناء تمددت آثارها فحذفت حصيلة العمر وجهد السنين ودمرت كسب الحكومات فى إنشاء البنى التحتية.
إيقاف التدهور يعتمد على تشخيص صحيح للمشكلة ، ومن ثم إقرار حزمة سياسات تعمل على مواجهة كل تحدٍ ، عبر تبني البرامج والمشروعات التي توقف هذا التدهور ، ولهذا فإن صياغة أهداف خطة الإعمار المرحلية تتصل بالتحديات المشار إليها أعلاه.
ووفقا لما ذكرت من تحديات يمكن أن نحدد الأهداف الاقتصادية المرحلية لتجاوز التحديات وأهداف تحقيق النهضة فى الآتي:
1. إعمار ما خربته الحرب في البنى التحتية والمرافق الحكومية والمؤسسات الخدمية والمالية والتجارية والاجتماعية والثقافية..
2. العناية بالإنتاج وترتيب أولوياته وتوفير المعينات اللازمة للانطلاق .
3. محاربة البطالة بفتح فرص التوظيف وزيادتها فى القطاعين العام والخاص.
4. تحقيق معدل نمو إيجابي فى الناتج المحلي خاصة فى القطاعات التى تضررت من الحرب (القطاع الصناعي وقطاع الطاقة والخدمي والتجاري وقطاع الصادرات ).
5. تخفيض معدل التضخم وتحسين قيمة الجنيه .
6. إعادة الثقة فى الاقتصاد وخلق بيئة جاذبة للاستثمار تحافظ على الاستثمارات القائمة وتستقطب آخرين وتعيد المستثمرين الهاربين .
7. العمل على تأسيس مناطق استثمار ومراكز جذب جديدة فى الولايات لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي.
8. إعادة بناء وترميم العلاقات الاقتصادية الخارجية والمحافظة على الأسواق الخارحية .
9. معالجة عجز موازنة الحكومة، وما نجم عنها من عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية.
10. توفير الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف من المصادر الداخلية والخارجية، وتوفير الموارد المالية هو هدف محوري لإنفاذ الأهداف أعلاه لضمان تشغيل الاقتصاد ووضعه فى المسار الصحيح.
11. مراجعة البناء المؤسسي والتشريعي والتنظيمي لتحقيق الكفاءة والمرونة والعدل.
هذه الأهداف كما ذكرت تمثل مرجعية لخطط وسياسات وبرامج المدى القصير والمتوسط.
نقلا عن موقع “المحقق”