الإعلام المضلل وصناعة الوهم… من يوجه وعي السودانيين؟

راشد شاويش
وسط كل هذه الضوضاء، هناك صوت واحد لا يزال نقيًا، واضحًا، غير خاضع للمزاد السياسي أو التمويل الأجنبي:
هو صوت الشعب حين يصطف خلف جيشه الوطني.
في زمن الحروب والانهيارات، يصبح الإعلام ليس مجرد ناقل للأحداث، بل صانعًا للواقع، وموجهًا للوعي، ومهندسًا للرأي العام.
لكن ماذا لو انحرف هذا الدور؟
ماذا لو أصبح الإعلام أداة في يد المليشيات؟ أو وسيلة بيد الأعداء لإعادة تشكيل السودان وفقًا لمصالحهم؟
هذا تمامًا ما نعيشه اليوم.
من يتحكم في السردية؟
من يتابع المشهد الإعلامي السوداني، يلاحظ بوضوح سيطرة صفحات مدفوعة وممولة على النقاش العام.
صفحات تتحدث باسم “الثوار” لكنها لا تهاجم جرائم الدعم السريع.
قنوات “عربية” تتحدث عن “السلام” وتغض الطرف عن القصف والنهب والاغتصاب في الخرطوم والجزيرة ودارفور.
إعلام لا يجرؤ على وصف ما يجري باسمه الحقيقي: محاولة احتلال عبر مليشيا مدعومة خارجيًا.
رموز الثورة… بين الشعار والواقع
ربما كانت الصدمة الكبرى ليست في الإعلام فقط، بل في بعض رموز الثورة أنفسهم.
كانوا يتصدرون المشهد سابقًا كشعلة للحرية، لكن مواقفهم الأخيرة كانت صادمة:
إما انحياز صريح للدعم السريع، أو حياد غامض في لحظة لا تحتمل الحياد.
والأسوأ أن بعضهم الآن ينشط في محافل خارجية، يسوّق لـ “سودان جديد” يرعاه حميدتي والإمارات.
أي “سودان جديد” هذا الذي يُبنى على دماء الأبرياء، وبسند أجنبي؟
🔵 الإمارات والدعم السريع: تحالف الإعلام والمال
لا يمكن تجاهل دور بعض الدول في تغذية هذه الفوضى.
الإمارات على سبيل المثال، أصبحت حاضنة إعلامية وسياسية لشخصيات تدّعي الوطنية، بينما تعمل ضد مصالح السودان.
دعم مادي، لوجستي، وإعلامي… يذهب لتلميع صورة مليشيا مجرمة، وتشويه صورة الجيش، ومحاولة كسر إرادة الشعب.
الإعلام كأداة للحرب
منصات كثيرة الآن لم تعد تنقل الحقيقة، بل تصنع الأكاذيب وتعيد تدويرها:
صفحات فيسبوك تحذف أي محتوى يدين الدعم السريع.
قنوات تستضيف “محللين” يتحدثون عن الجيش كمشكلة وليس كحل.
مقاطع مفبركة تزرع الشك والخوف والانقسام.
إنها معركة وعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لكن من هو الصوت الحقيقي؟
وسط كل هذه الضوضاء، هناك صوت واحد لا يزال نقيًا، واضحًا، غير خاضع للمزاد السياسي أو التمويل الأجنبي:
هو صوت الشعب حين يصطف خلف جيشه الوطني.
الجيش السوداني ليس مؤسسة مثالية، لكنه السد الأخير في وجه الانهيار الشامل.
هو المؤسسة التي تمنع تقسيم البلاد، وتواجه المليشيا التي تسعى لحكم السودان بالقوة.
هو خط الدفاع الأول ضد كل من تسول له نفسه تمزيق الوطن أو بيعه باسم السلام.
خاتمة: من يملك المايك؟
اليوم، المايك في يدنا، نحن الشعب.
▪️إما أن نسمح للشخصيات والصفحات المأجورة أن تُشكّل وعينا، أو نستعيد الخطاب الوطني الواعي.
▪️إما أن ننتظر من الإعلام أن يقول لنا من هو العدو، أو نُسمّي الأشياء بأسمائها ونصطف بلا مواربة خلف الوطن.
لقد تعبنا من النفاق الإعلامي… حان الوقت لنتحدث بصوت واحد:
نعم لوطن موحد،
لا لمليشيا،
ولا لأي إعلام مأجور يعمل على تدمير السودان ببطء، عبر الكذب وتجميل القتلة.
فمن الذي تريده أن يوجه وعيك؟
شخصية ممولة… أم ضميرك؟