الأحداث – أمير عبدالماجد
منذ اشتعال الحرب التي تدور رحاها في السودان قبل أكثر من عام كان رأي أغلب من يعرفون التركيبة التي انشأها الدعم السريع في الخرطوم أن المعركة النهائية لحرب العاصمة ستكون في بحري بالنظر إلى تركيز الدعم السريع على مدينة بحري وإقامته لمقرات عديدة بها وإقامة أعداد كبيرة من قادة مليشيا الدعم العسكريين وأسرهم في المدينة وخصوصاً في شرق النيل التي أقاموا فيها امتدادات لهم وأقاموا وسط السكان وامتلكوا المنازل.
معارك عنيفة
وظلت مدينة بحري التي انتشرت فيها مليشيا الدعم السريع مباشرة بعد اندلاع الحرب وسيطر عليها تحت يده لعام كامل لم يخلو من طلعات الطيران والاشتباكات المتقطعة هنا وهناك كما شهدت معارك كبيرة في جسر الحلفايا الذي يربط أم درمان بمدينة بحري إذ وقعت معارك عنيفة في هذه المنطقة بين الجيش والدعم السريع لكن المدينة ظلت بيد مليشيا الدعم السريع لما يقرب من عام كامل إلى أن دخلت قوات من أم درمان قيل إنها وصلت في الساعات الأولى للعام الحالي وتمركزت في المدينة التي توجد بها ثلاث تجمعات كبيرة للجيش هي سلاح الإشارة وقاعدة في الكدرو وأخرى في حطاب بشرق النيل، وفقدت القوات المتواجدة في بحري خط الإمداد الأساسي بقطع جسر شمبات الذي كان يؤمن لها دخول المقاتلين القادمين من غرب السودان ودخول السلاح والذخائر وهو أمر تعثر كثيراً بعد قطع جسر شمبات الذي كان يربط أمبدة بشرق النيل مروراً بقاعدة القيادة الرئيسية في أم درمان بالإذاعة والتلفزيون التي كانت حلقة الربط بين امبدة وشرق النيل حتى بعد إغلاق المنفذ الرئيسي للعبور وهو جسر شمبات إذ ظلت المليشيا تنقل بأعداد أقل وكميات أقل المقاتلين من امبدة إلى بحري عبر البحر من قاعدة الإذاعة والتلفزيون إلى أن دخل الجيش مقر الإذاعة واستولى عليها فقطع الإمدادات عبر هذا الخط تماماً وقضى على مركز قيادة أم درمان التي ظلت تتعرض لعام وأكثر إلى قصف مدفعي من مدينة بحري وهو قصف طال تقريباً معظم أحياء ام درمان خصوصاً التي تقع على خط غرب النيل مثل الحتانة والمنارة والثورات والجرافة ومناطق أبوروف وبيت المال والملازمين، وأوقع قتلى ومصابين وهجر السكان.
بحري تشهد حالياً معارك ضارية يمكنك أن تلحظها حتى من مناطق أم درمان فالطيران يحوم داخلها وفي سماء أم درمان بصورة كثيفة منذ أكثر من أسبوع كما أن أعمدة الدخان التي تكاد لاتختفي من سماء بحري وتشاهد بوضوح في أم درمان دليل على شراسة المعارك ووصولها إلى وسط بحري، فالمعارك خلال الفترة الماضية تركزت في شمال بحري بمنطقة مصفاة الخرطوم ومحيطها وفي محيط سلاح الإشارة وحطاب لكنها تمددت الآن إذ يمكن ملاحظة أن المعارك منذ ثلاث أيام تدور في وسط بحري وفي مناطق شرق البحر كما رشح في المزارع والأحياء القريبة من النيل في شمبات وتفرعات شارع المعونة وغيرها حيث تنتشر أعمدة الدخان.
تحرير أحياء
يقول مصدر موجود حالياً في بحري (لايمكن الإحاطة بما يحدث في المدينة كلها لكنك تكاد تشعر الآن أن رمال بحري تحركت دفعة واحدة وفي كل الأماكن، وتابع (من الجيلي إلى وسط بحري هناك اشتباكات يومية وضرب متواصل لأي تجمعات للدعم السريع وحررنا بفضل الله أحياء عديدة في بحري لم يتم الإعلان عنها لوجود بعض الجيوب التي يتوجب تنظيفها أولاً ولوجود بعض الألغام التي زرعتها المليشيا التي فخخت بعض المناطق ظناً منها أن هذا سيعيق الجيش ويمنع تقدمه، وتابع (الوضع مطمئن بعد أن انتقلنا من مرحلة الدفاع إلى الهجوم وأصبحنا نتقدم بثبات في بحري القديمة).
تهديدات وقصف
ويعد تقدم الجيش في بعض أحياء بحري تحولاً للقوات المسلحة في مجريات المعارك هناك، وكانت منصة القوات المسلحة على (فيسبوك) قد أكدت، الإثنين، أن قوات من الجيش والأجهزة الأمنية والقوات النظامية قامت بتحرير بعض أحياء الخرطوم بحري من مليشيات آل دلقو الإرهابية وأخرجتها من منازل المواطنين والممتلكات والمنشآت العامة والخاصة مع التقيد الأخلاقي بقواعد الاشتباك بالحفاظ على البنية التحتية للدولة.
ويقول الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي إن بحري في سياق تحرير الدولة السودانية من المليشيا مهمة جداً لأنها نقطة عبور وتمركز للقوات وما حدث في مصفاة الخرطوم يدلل على أهمية بحري للمليشيا التي ظلت فيها منذ اندلاع الحرب وأقامت فيها تمركزات وتجمعات ومراكز تشوين وإمداد وسجون وظلت المصفاة تمدها بالبترول الذي يذهب من هناك إلى كل المناطق لذا فالمعركة لن تكون سهلة خاصة وأنهم يتحركون من بحري إلى شرق النيل وإلى تجمعات لهم خارجها في البطانة)، وأضاف (تقدم الجيش الآن في بحري سينهي سلسلة الإمداد للجزيرة والخرطوم معاً ويوقف أي تهديدات وقصف يطال أم درمان)، وأردف (بتنا نشاهد الطيران بكثافة الآن في سماء بحري)، وتابع (الجيش الآن وسط المدينة وهذه أخبار جيدة).