يفرق كتير
أسامة عيدروس
فرق كبير بين أن تسعى الى الانتصار على خصومك السياسيين حتى لو ظننت أنهم أسوأ من مر على السودان وان التخلص منهم وابعادهم فيه عافية للبلد. فرق بين هذا المدخل وبين السعي بحق وجهد كبير ومثابر نحو بناء مناخ وطني حر بلا وصاية يجد كل السودانيين فيه أنفسهم بحيث يستطيعون التعبير عن آرائهم ويدعون لبرامجهم ومشاريعهم للتغير دون حواجز ودون وصاية من أحد.
فرق كبير أن نسعي خلف خصومنا ونستخدم كل مقدرة لنا لتحطيمهم ان كانت بوسائل اعلامية تستخدم صناعة صورة ذهنية عنهم أو استخدام السلطة لمطاردتهم واقصائهم ومصادرتهم واعتقالهم.
وبين ان نعلم ان هذا الخصم هو طرف آخر في هذا الوطن سيكون علينا التعامل معه في المستقبل. فمهما استقر لنا أمر السلطة فسيكون هذا الطرف الاخر موجودا يصارعنا في معركة صفرية لتكسير العظم اما ان ينتصر علينا وتنقلب الاية او يستمر في تعطيلنا وتعويقنا فنفشل ونصل الى طريق مسدود. والخاسر في كل الحالات هو الوطن.
خطاب الشحن والكراهية يعمينا عن صناعة الظروف اللازمة للتداول السلمي للسلطة للتفكير في المعوق الحقيقي لنا من أجل تأسيس نظام سياسي مبني على التنافس لا الصراع وعلى التدافع بالافكار لا على كسر العظم ومعارك الافناء.
ظروف كثيرة تتآمر على المواطن السوداني وتشل ارادته تبدأ من السلطة والسلاح والمال والجهوية والعصبية وتصل الى الجهل والفقر والمرض. ليس من السهل صناعة شرط مثالي لبناء وتاسيس نظام افضل لحكم السودان..ولكن يمكن العمل من أجل ازاحة كل ما يعطل التوافق الوطني في البلاد. أن نعود الى الاسس السهلة التي لا يختلف عليها الناس مثل ألا يكون هناك قوة لها الوصاية على الاخرين تستطيع عبرها ان تتحكم في شكل اختياراتهم. الاسس البسيطة مثل ان العدالة للجميع وان الانتماء السياسي مهما كان ليس سببا للدخول الى المعتقلات والسجون وانه حتى اعتى المجرمين له الحق الكامل في قضاء لا ينقص من حقوقه شيئا.
انظر لنفسك هل تقبل الاخر في الوطن؟ هل تريد ابعاده واقصاءه؟ هل تستطيع تقبل وجوده كطرف مساو لك في الحقوق؟
من السهل رمي الاخرين بالطوب واظهار عيوبهم التي تنكشف عند ممارسة السلطة ولكن هل نستطيع ان نتجاوز رغبة تدمير الاخر والانتقام منه في سبيل ضمان مستقبل أفضل؟.