هل يقع التغيير بالثورة في اليوم العاقب لها: الثورة الفرنسية مثالاً (2-3)
عبد الله علي إبراهيم
هذه مذكرات عن الثورة الفرنسية أخذتها من “أوربا الثورية 1780-1850” (2000) كتاب زميلي السابق في شعبة التاريخ بجامعة ميسوري جونثان سبيبربر.
81 وكونوا في مكان ما “الجيش الملكي والكاثوليكي” وساروا لباريس لإسقاط الجمعية. جماعة أخرى نهضت بحرب عصابات. وكلاهما متصل بالمهاجرين آملين بتدخل بريطانيا. وجسد ذلك الصراع صدام الدين وثقافة عهد الأنوار المناوئة له. وكان صراعاً اتسم بالوحشية. ذبح الثوار أنصار النظام الحاكم في باريس ذبح الشياه وشيعوهم بالترانيم الدينية. ولما تلقى أنصار الحكومة عوناً قتلوا كل سجنائهم.
ص 80
عهد الرعب 1893 إلى 1794
أدى رعب الحكومة إلى ضحايا بلغوا 35 ألف موتاً بالسجن أو بواسطة المقصلة. أكثرهم كان من جنوب فرنسا الذين حملوا السلاح ضد الحكومة. ولا يشمل هذا من قتلوا في غرب فرنسا الذين ربما كانوا خمسة اضعاف ذلك العدد. ولكنهم ماتوا في قتال مباشر بين أطراف الحرب بين الحكومة والمنشقين عليها.
81 وما يجعل ارقام أولئك الضحايا قابضاً للنفس ليس أننا لم نشهد ضحايا أكثر منه في عصرنا ولكن لأنه وقع في محاولة لبناء فرنسا جديدة على بينة “جمهورية الفضيلة” في عبارة لروبيسبير. خلال الحرب الأهلية والخارجية عكف اليعاقبة على تدبيج نظام جديد لفرنسا استمر في صوره المتطرفة لسنة واحدة:
1-ثقافة جديدة لفرنسا تحل مكان الثقافة القديمة شملت تغيير التقويم. جعلوا الثاني والعشرين من سبتمبر 1792 بدء للتقويم الجديد الذي حل التقويم المسيحي. جعلوا الأسبوع 10 أيام تنتهي بيوم عطلة ليس هو الأحد. وسموا الشهور تسميات جديدة. مثلاً شهر الحرارة Thermidor وهو ذروة الصيف. وgerminal وهو من بعض مايو ويونيو وهو شهر نمو المحاصيل. ولم يقبل بالتقويم أحد للخبطته الأعياد الدينية واختزاله أيام العطلة. اقتصر التقويم على الاستعمال الرسمي حتى جرى إلغاؤه في 1806.
2-إصلاح الموازيين والمكاييل وضبط معاييرها. كانت المقاييس قبل الثورة مقاسة على جسد الملك. فالقدم في الواقع هو طول قدم الملك. جاؤوا بمقياس المتر مستفاداً من تراكيب الطبيعة. وجرى قبول هذه “البدعة”.
3-إعادة تسمية الشوارع التي أطلقت على ملوك. استبدالها بأسماء لأبطال الأغاريق والرومان. وسمى اليعاقبة أولادهم بروتس وحتى فرانكلن (ألأمريكي) احتساباً للجمهورية. ويخاطب الواحد الآخر يا”مواطن” كسراً لنظام الألقاب.
وكان القصد هدم الكاثوليكية. زادوا بالاعتداء على الكنائس وتدنيس رموزها. ولم يسلم حتى القساوسة المطاوعين من التضييق فأضطر 18 ألف منهم لنزع الرداء الكنسي وقبلوا بمدنيتهم وأول مظاهرها الزواج مما كان محرماً عليهم.
واحتار الجذريون في ما يحلونه محل المسيحية. فأقترح البعض الإلحاد أو حكم العقل. فسموا كاتدرائية نوتردام بمعبد العقل. ثم انتهوا إلى نسخة هادئة من الدين الجديد هي ال”deist”. وهي عقيدة تؤمن بوجود الرب. ولكنه تلاشي حين حرك الكون وشغله. وانقطعت صلته بالكون والخلائق. وصار مصير الدين الجديد مصير التقويم: النفور منه. ولكن ثبت اليعاقبة مبدأ المواطنة أما السوية القانون فشملوا بها كل الذكور دون النساء. ونواصل.