رأي

هل فتح انتصار معركة العلمين الطريق امام السودان وشعوب افريقيا وجنوب الصحراء عموما للاستقلال من المستعمر وممارسة حق تقرير المصير؟

مبارك اردول

على ضوء التغريدة التي كتبتها بالأمس عن زيارتي لمدينة العلمين التاريخية ووقوفي امام النصب التذكاري للانتصار في المدينة ، جرت عدة مناقشات حول اهمية المعركة نفسها ومكوناتها ومصلحة اجدادنا في المشاركة فيها ، وهل كان مجرد ادوات استخدمت للقتال في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ام مجرد ارتزاق كما تفعل العديد من الجهات في الحروب، وبما اننا لا نستطيع محاكمتهم بوقائع اليوم ، إلا اننا يمكن البحث بصبر لمعرفة دوافع مشاركتهم في تلكم المعارك.

في نقاش لاحق في نهاية التسعينات مع جدي علي ادريس احد أبطال هذه المعركة ، سالته نفس السوال عن جدوي مشاركتهم وخوضهم للحرب بكل شجاعة وعزم مع الحلفاء والقوى المستعمرة؟ وعن علاقة ذلك بالسودان وتشكيل النظام في العالم ، ذكر لي بان الحلفاء وعدوا الشعوب المشاركة في المعركة بان يكون لهم حق تقرير المصير والاستقلال ! إذا ما شاركت تلك الشعوب معهم وانتصروا في الحرب! بادرته بان الاستقلال في السودان كان بسبب مؤتمر الخريجين ، قال لي لا كان بسبب مشاركة الاورطة السودان وقوات دفاع السودان في الحرب العالمية الثانية والتي أفرزت الواقع الذي نعيشه والنظام الدولي الجديد .

بحثت كثيرا عن هذه القضايا لاحقا حتى بعد تخرجي من الجامعة فوجدت ان الوعد قد تم بالفعل، فقد وقعت الولايات المتحدة وبريطانيا ميثاق الأطلسي في 1941، الذي ضم بندًا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، كان هذا البند هو المفتاح الفعلي لمشاركة اجدادنا وقتالهم (بغبينة ) حيث اشتروا حرية واستقلال شعوبهم بالقتال والتضحية حتى انتصر الحلفاء في حربهم ضد دول المحور.

ففعل وعد الحلفاء للدول التي تقاتل معهم في الحرب العالمية الثانية بالاستقلال بشكل غير مباشر، خاصةً في سياق خطابات مثل ميثاق الأطلسي لعام 1941، الذي أكد حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما شجع حركات الاستقلال في المستعمرات، لكن التطبيق الفعلي لهذا الوعد اختلف من دولة لأخرى وكان يتوقف على عدة عوامل منها قوة حركات الاستقلال المحلية وتأثير الدول المنتصرة في الحرب، ولكل دولة طريقها.

ففي هذه الجزئية الأخيرة جاءت حركة او مؤتمر الخريجين كقوة او حركة منادية لاستقلال بلادنا ولكنها لم تكن هي الجهود التي صورت في كتب التاريخ التي درسناها! بل جاء مؤتمر الخريجين مكملاً لما اتفق فيه والوعد قبل الحرب والانتصار الذي تم في معركة العلمين، هذا معهد الطريق لانتصار الحلفاء كأحد اربعة انتصارات محورية في الحرب العالمية الثانية، كمعركة ستيلينغراد وكورسك والنورماندي والعلمين .

اذن استقلال السودان وافريقيا ودول جنوب الصحراء عموما مهره اجدادنا دماء وارواح في معركة العلمين في مصر، فهي كانت بوابة الاستقلال وبذرة نبتت لاحقا كحركات للتحرر الوطني في افريقيا في الخمسينات والستينيات.

العاشر من سبتمبر ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى