تقارير

نازحو السودان.. من جحيم المليشيا إلى متاهة السيول والأمطار

الأحداث – عبدالباسط إدريس

ما تزال معاناة النازحين الذين فروا من جحيم انتهاكات مليشيا الدعم السريع إلى الولايات الآمنة مستمرة حيث اجتاحت السيول والأمطار تلك المناطق وجرفت العديد من المنازل والأسواق ودور الإيواء مخلفة أضرار بيئة وانسانية قاسية على السودانيين الذين تكالبت عليهم المحن فى عام الحزن.

ضحايا وتدمير:
تشير أحدث إحصائية رسمية إلى مصرع (45) شخصا بولايتي نهر النيل والشمالية جراء السيول والأمطار، سبق تلك الاحصائية ما أورده مركز عمليات الطوارئ الاتحادية في اخر تحديث له منتصف الاسبوع أن 32 شخصا لقوا مصرعهم، مؤكدا تضرر 5575 منزلا بفعل السيول والأمطار. فى عموم انحاء البلاد.
في وقت توقعت فيه هيئة الارصاد الجوية هطول المزيد من الامطار الغزيرة والسيول خلال الأيام المقبلة.

القضارف وكسلا :
يعتبر النازحين في ولاية القضارف الأكثر تضررا من هطول الأمطار ،فقد غمرت المياه دور الإيواء المؤقت وجرفت خيام النازحين الذين أحاطت بهم المياه من كل ناحية وتركتهم في حالة بحث مستمر عن يابسة تنجيهم من وسط الموج الهادر.
وشهدت القضارف استقبال حوالى 200 ألف نازح جديد منذ اجتياح مليشيا الدعم السريع مدن وقرى ولاية سنار.

وأعلنت السلطات المحلية عن فجوة كبيرة في الغذاء والدواء بين ماهو متاح للولاية والأعداد الضخمة من النازحين المتأثرين بالسيول.
أما في ولاية كسلا التي تستضيف عشرات الالاف من النازحين فالوضع بات أكثر سوء بعد أن غمرت السيول ثلاثة من أكبر دور الإيواء في الولاية وخرجت الأوضاع عن قدرة السلطات الولائية التي عجزت عن توفير أماكن جديدة للنازحين وعلاج الحالات الطارئة، وأعلن عدد من تجار الذهب في الولاية تبرعهم بنحو 18 مليون جنيه كاستجابة طارئة لاطعام النازحين، فيما بعثت سلطات الدفاع المدني بقافلة مواد إيوائية للنازحين وتعزيزات لمواجهة مخاطر الخريف.

دارفور مأساة أخرى:
وفي الجنينة بولاية غرب دارفور التي شهدت أبشع أنواع الإبادة الجماعية والتطهير العرقى لابناء قبيلة المساليت من قبل مليشيا الدعم السريع وأدت إلى مقتل 5 آلاف شخص وفرار 8 آلاف آخرين، اجتاح وادى كجا المدينة، التي أضحت خالية من سكانها بعد أن استولى عليها المستوطنين الجدد من أسر وعائلات جلبتهم المليشيات إلى الجنينة، وأدى فيضان الوادى لتدمير مئات منازل السكان الأصليين المهجرين تدميرا كليا وجزئيا، وجرفت المتاجر المحتلة والأسواق وقطعت سيول الوادي الطريق الذي يربط الجنينة بمدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور.

اما ولاية جنوب دارفور التي تسيطر عليها المليشيا فقد شهدت سيول وأمطار الحقت أضرار بالغة بمعسكر كلمة للنازحين وأدت إلى تدمير 200 منزل.

مدينة الذهب:
وفي ولايتي الشمالية ونهر النيل بدت الأوضاع أكثر سوءا فقد استقبلت الولايتين مئات الآلاف من النازحين القادمين للاستقرار مع ذويهم بعد أن نزحوا من الخرطوم وولايات أخرى، حيث شهدت ولاية نهر النيل أمطار وسيول عارمة واجتاحت بكثافة مدينة الذهب أبوحمد، وقالت منصة الناطق باسم الحكومة إن عدد ضحايا الأمطار والسيول في مدينة أبو حمد بولاية نهر النيل ارتفع إلى (18) حالة وفاة بجانب أكثر من (80) إصابة و(6) مفقودين.
كما شهدت مناطق كريمة وحلفا وقرى المحس بالشكالية امطار وسيول الحقت أضرارا كبيرة بمنازل المواطنين.

تعكس هذه الكوارث جانب من معاناة النازحين وعائلاتهم وتلقى باثار كبيرة عليهم وعلى المدن التي نزحوا إليها في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وقلة فرص العمل في فصل الخريف إلى جانب شح الأدوية وتراجع الخدمات الطبية وضعف استجابة المشافي والمراكز الصحية بالولايات الآمنة في ظل الضغط المتزايد عليها، كما تعتبر شريحة النساء والأطفال الأكثر تضررا من موجات النزوح المستمرة وتبعاتها الصحية، وقد بعثت وزارة الصحة الاتحادية نداءا للشركاء الاقليميين والدوليين للعمل المشترك من أجل انقاذ الأطفال والنساء الحوامل الذين يعانون من سوء التغذية، وقالت الوزارة إن الحالات قد ارتفعت إلى 4.9 ملايين حالة خلال هذا العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى