رأي

من بدوي إلى رئيس.. قراءة في سيرة كاكا (2)

فيما أرى

عادل الباز

 

بدأت الحلقة السابقة برواية قصة بوي وفساده وكيف تسامح معه الرئيس محمد كاكا، واليوم ندلف للقصة الثانية وهي قصة خلافه مع والده، حكى كاكا  فقال (إنه أثناء عمله في الحرس الوطني استدعاه والده إدريس ديبي واتهمه بالتخطيط لتدبير انقلاب ضده). وروى كاكا أن والده استمع لوشاية من أعدائه الذين نجحوا في الإيقاع بينه ووالده  واتهموه بالتآمر ضده وقال إنه رد على والده  أنه إبنه ولا يمكن أن يدبر شيئاً ضده، ولكن والده الذي ساورته شكوك حول تحركاته لم يستمع له وعندما عجز عن إقناع والده قدم إليه استقالته من الحرس الوطني إلا ان والده رد عليه “عليك أن تعلم أنك لا تستطيع الاستقالة لأنك “مطرود”.

2

ظل الإبن هائماً على وجهه دون أي مسؤوليات وساءت أحواله إلى أن أعاده مرة أخرى والده إلى دهاليز السلطة وحكى ختام القصة قائلاً (إن والده لاحقاً اكتشف أن الذين أتوا إليه كشفوا عن أنفسهم عندما تصارعوا على موقعه الأمر الذي جعل والده يفهم المخطط، وسرعان ما أدرك أن كل هذا ليس سوى عمل عصابة تم إنشاؤها ضده وضد سلطته فاستدعاه والده مرة أخرى، وتصالح معه وأعاده مرة أخرى إلى موقعه.).

3

يكشف الكتاب لحقيقة الصراعات بين كاكا ووالده أعاد لواجهة الجدل الاتهامات التي وُجهت إلى الرئيس التشادي كاكا ويوسف بوي حول مقتل الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي حيث أثبت الكتاب  دوافع الاتهام وهو اعترافه بتوتر العلاقة مع والده إدريس ديبي.

وهنا يقول الصحفي التشادي المعروف عبدالكريم أحمد كاري أنه

(بوصول محمد همسي بوردامي أو (محمد كاكا)  كانت آخر حلقة في سلسلة طويلة من الانقلابات والاغتيالات التي وسمت التاريخ التشادي المعاصر. البداية كانت محاولة بقيادة حسن جاموس للانقلاب على حسين حبري وحين فشلت المحاولة وتم اعتقال حسن جاموس وقتله تم اختيار عباس كودي خلفاً له، لكن الرجل آثر التنازل لإدريس ديبي حين وجد أن ديبي كان طامعاً بشدة في القيادة. لم يشفع التنازل لعباس فبعد سقوط حبري قام ديبي بالتخلص من عباس كودي. وتدور السنوات، يتبنى إدريس ديبي محمد كاكا بزعم أنه ابنه، ويتآمر كاكا للتخلص من إدريس ديبي، وليتضح بعد ذلك أن كاكا ليس إبناً لإدريس ديبي بل أنّ والده الذي ينتمي لقبيلة أخرى أصبح إسمه معروفاً.)

4

القصة الأخيرة توضح جانباً من صراعات السلطة في تشاد بين الحرس القديم للرئيس ديبي والإبن غير المعترف به كاكا. قال كاكا في كتابه المذكور  آنفا (إن مثل فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي تحدث في افتتاح الحوار الوطني الشامل والسيادي (20 أغسطس 2022) لشرح كل ما حدث في تشاد على مدى الثلاثين سنة الماضية، أن موسى فكي  مثله مثل غيره مسؤولين عن ثلاثين عاماً من الإخفاقات المتكررة، وقال إن فكي نسي أن يٌذكر الجمهور بأنه كان رئيس ديوان والدي، لقد كان رئيساً للوزراء في عهد والدي، وكذلك وزيرا للخارجية لتسع سنوات، كما أن حملة والدي هو من قاد حملة ضخمة مع رؤساء الدول الأفريقية الأخرى لكي يصبح رئيساً للمفوضية الإفريقية. لقد صدمني هذا الخطاب إلى حد كبير وأعترف أنني لم أفهم لماذا هذه الخيانة وهذه الأكاذيب لربما ظن أنه سيبريء نفسه بهذه الطريقة، أو حتى ينكر ماضيه!.).

من خلال تلك القصص تدرك الخلفيات التي دفعت بكاكا لسدة الرئاسة وأهمها فوزه في الصراعات بينه وبين الحرس القديم سانده والده وفساده.

5

غياب والده وبقاء الصراعات كما هي في الساحة التشادية هي الأسباب التي دفعته لحماية نظامه بالتحالف مع الخارج مع أعداء السودان وعلى الرغم من تعارض مواقفه مع قبيلة الزغاوة التي تمثل عظم ظهر نظامه، وهكذا اتضح أنه لا الحرس القديم راضٍ عنه ولا الجيل الجديد مقتنع بجدارته بالقيادة، وبدلاً من حل إشكالياته بالتراضي مع المجتمع التشادي وقع في براثن الإمارات وتم شراء مواقفه فانقلب عدوا للسودان. تلك العداوة التي حاول خلال الكتاب أن يجد لها مبررات، ولكنه أخفق كما سنرى في الحلقات القادمة . نواصل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى