تقارير

مع إنتشار لغة الكراهية .. من يدفع المجتمع نحو الإنفصال؟

تقرير – أمير عبدالماجد

من بين ركام المعركة وفي خلفياتها وضمن السيناريوهات المفترضة لمسارات الأزمة يظهر الانفصال كاحد الخيارات التي يجري الحديث عنها بكثافة في وسائل التواصل الإجتماعي وحتى بين أكاديميين واستراتيجيين ينظرون إلى خلفيات موجودة وحاضرة في الأزمة في خلفيات الحرب وفي ادبيات كثير من الحركات المسلحة التي تناثرت في الأرجاء. الخطاب الانفصالي ليس جديداً لكنه بات مع تطورات الحرب يبرز وجهاً إثنياً وجهوياً منحاز بالكامل للاثنية أو للقبيلة أو للجغرافيا ما جعل مفردات مثل وحدة وتعايش وغيرها تختفي من القاموس اليومي السوداني لتحل محلها عبارات تدعو لاعلاء القبيلة أو المنطقة بل وظهرت خرط تفصل بمعايير البعض وبفهمهم للأمور وتضم بمعاييرهم فإلى أين تتجه الامور مع انتشار حالة الكراهية المتزايدة بين الاثنيات السودانية؟.

يقول د. أسامة حنفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان إن تزايد الخطاب الإنفصالي حالياً وتراجع الخطاب الوحدوي يعود إلى حالة التهتك الكبيرة التي عاشها ولا زال يعيشها السودانيون فما حدث كان صاعقاً القتل والسحل والموت الذي حط على رؤوس الناس كان دموياً وأفرز لغة تشبه هذا الدم وهذا الموت لغة عدمية،  وأضاف (هناك تشظي وتوترات قبلية واثنية بسبب الحرب لا اجد لها اي خلفية شعبية قوية هي في الواقع رد فعل للصدمة التي حدثت وعاشها الناس بعضهم يرى مثلاً أن تناسل الحركات المسلحة في دارفور هو ما ادخلنا في دوامة المليشيات وما افرز مليشيا الدعم السريع دون ان يعود ويقرأ تاريخ نشأتها وتواجدها بيننا هل الجيش الشعبي لتحرير السودان وانانيا كانت جيوش دولة ام مليشيات)، وتابع ( لاينبغي أن نعاقب طرف الان على اخطائنا جميعاً ماحدث هو من أخطاء السياسة السودانية التي جلبت المليشيات ورعتها ووفرت لها السلاح لتقاتل جهة ضد الاخرى كما جلبت مواطنين من دول اخرى ومنحتهم الجنسية السودانية فقط ليشاركوا في الانتخابات ولتفوز كياناتهم اليست هذه أخطاء دفعنا جميعاً ثمنها)، وقال (الذي يحدث الان ليس كراهية بقدر ما هو تعبير عن اللحظة وعن الالم الكبير الذي عاشه الناس ولا اعتقد ان البناء عليه استراتيجياً امر منطقي).

وعن الأصوات التي خرجت لتعلن مشاريع دول بعد التقسيم مثل دولة النهر والبحر قال (مثلها مثل دولة قريش ودولة الزغاوة امور يتم الترويج لها من اشخاص وتجد من يحتضنها انياً تحت وطأت الصدمة لكنها بالضرورة ليست حركة شعبية تعبر عن اتجاهات راي شعبي هي مطالبات وافكار لدى اشخاص محدودي النظر لايرون في الغالب الا افكارهم المحدودة ولا يعبرون عن تيارات كبيرة في المشهد السوداني وإن بدأ الامر غير ذلك قد يتفاعل الناس معهم لكن الي وقت محدد).

وتشير الباحثة الإجتماعية سماح يوسف إلى خطورة ما يتم تداوله الان لانه ينشر ضغينة مجتمعية يصعب كبح جماح انتشارها وتأثرها على المشهد وتختلف مع د.أسامة حنفي فيما يتعلق بتأثيرات هذا الازمة مجتمعياً لان مانراه الان ان رجل الشارع العادي لم يعد مكترثاً ببقاء السودان موحداً بل أن طلاباً جامعيين عندما ناقشتهم كان أغلبهم يميل إلى فكرة التخلص من دارفور وجنوب كردفان باعتبارها من معيقات تقدم البلاد وهي افكار لم تكن منتشرة من قبل صحيح ان البعض كان يروج لها على نطاق ضيق لكنها الان باتت منتشرة وعلنية بل واصبحت هناك تنظيمات تعمل على حشد الناس في اتجاه التقسيم واقامة دولة وهو بصراحة ما اخشى ان الروح العدائية هذه تمهد له).

ويعود د. أسامة ليؤكد تماسك البنية الحية في المجتمع بدليل اتجاه من غادروا مدينة الفاشر بعد دخول المليشيا اليها إلى الولاية الشمالية والاستقبال الكبير الذي وجدوه من أهلهم هناك هذا يؤكد حسب د. أسامة ان البنية المجتمعية لازالت سليمة ولازالت روح وحدة السودان حاضرة رغم المصاعب التي يعيشها الناس)، وأضاف (صحيح هناك تهتك هنا وهناك يستغله دعاة الانفصال لترويج افكارهم لكن كما قلت لك ما يجدونه هنا وهناك يعبر فقط عن حالة الصدمة المجتمعية وهذا التنافر والتشاكس تعبير عن ازمات الحرب)، وتابع (أنا لا أخشى المجتمع لكنني اخشى السياسيين هؤلاء قد يدفعون البلاد إلى الانفصال والتشظي أكثر وتقسيم المقسم).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى