تقارير

محمد طه يكتب: كيف نُحاصر الأخبار الزائفة؟

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي قبل اسبوعين بتصريح رسمي منسوب لوزير الخارجية السوداني المكلف السفير علي الصادق معلقا على قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي السودانية بالقول :- (( ليست لقوات البوليس أي حسابات اجنبية في الخارج ، وتقارير انتهاك حقوق الإنسان مسيسة وأعدها نشطاء سياسيون، والسودان لن يستجيب للابتزاز ويتخلي عن أمنه وسيادته الوطنية، وقد فشل سلاح العقوبات في تركيع السودان في السابق وسوف يفشل اليوم ))
وما لبثت وزارة الخارجية أن أصدرت في اليوم التالي بيانا نفت فبه نفياً قاطعاً صحة هذا الخبر جملة وتفصيلا وأن “يكون السيد الوزير قد أدلى باي تصريح حول هذا الموضوع في أي منبر من المنابر ولأي وسيلة من وسائل الإعلام ووصفت الخبر الذي راج على وسائل التواصل بأنه، ملفق.
نشر الأخبار الكاذبة قديم قدم الإنسانية وكلنا يذكر قصة الرجل الكذاب الذي كان يرعى غنم أهل قريته في غابة مجاورة وكان يخرج عليهم بين الفينة والأخرى صائحا “هجم النمر، هجم النمر” فيخرج أهل القرية متسلحين لإنقاذ الرجل والقطيع فلا يجدوا نمرا ولا حتى ذئبا، وتمر الأيام ويظهر النمر حقيقة ويستنجد الرجل بأهل قريته ولكن لا أحد يجيبه لأنهم ظنوا أنها كذبة من كذباته
ويقتل النمر الرجل.
هذه الواقعة ومع نهايتها المأساوية إلا أنها تظل محدودة الأثر في تلك القرية، لكن الواقع اليوم مختلف في ظل ثورة التكنلوجيا والمعلومات التي وفرت وسيلة سريعة وواسعة الانتشار للأخبار المزيفة فكل أحد يمتلك جهاز تلفون بات بإمكانه إرسال ما يريد من رسائل وأخبار.
يل إن بعض الأخبار المزيفة ما يجد طريقه لأجهزة الإعلام الرسمية والصحف فقد نشرت صحيفة الانتباهة واسعة الانتشار قبل يومين خبرًا نقلا عن تقارير صحافية، عن زيادة جديدة في الكهرباء للقطاعين السكني من ٥ جنيهات إلو ٨ جنيهات والتجاري من ٤٥ إلى ٤٩ جنيها بسبب زيادة أسعار الوقود، وبعد ساعات نفت الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة الخبر مؤكدة أن تعرفة القطاعين المذكورين لن تخضع لأي تعديل ولا يوجد أي اتجاه لزيادتها خلال الفترة المقبلة.
والأمثلة كثيرة لمًا يعرف ب(fake News) منها على سبيل المثال الخبر الذي تحدث عن عودة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك لرئاسة الحكومة بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان للإمارات في وقت سابق هذا الشهر قبل أن تعلن زوجة حمدوك أن الأمر لم يطرح أصلا، وطالعنا سابقا خبرا معززا بالصور عن الإفراج عن علي عثمان محمد طه النائب الأول السابق للرئيس السوداني، ليتم نفيه لاحقا صور لمظاهرات واشتباكات روج أنها جرت حديثا قبل أن يتضح زيفها بعبارة “غير صحيح” بل وأخبار بوفاة شخصيات عامة غير آبهة بوقعها على أقاربهم وأنصارهم ومتابعيهم ليرد بعدم صحتها أحيانا “الشخص المتوفي نفسه”، صفحات مزيفة بأسماء صحفيين تنشر فيها مقالات “مدبجة” منسوبة لهم وأخرى بأسماء سياسيين وفنانين.

وسبق أن أعلنت شركة فيسبوك العام الماضي أنها أغلقت شبكتين وتضمان حسابات مزيفة احداهما مرتبطة بقوات الدعم السريع، وتضم الف حساب ويتابعها مليون حساب بينما كانت الأخرى تشمل أشخاصا من مؤيدي البشير ويحرضون على استيلاء الجيش على السلطة وتضم مائة حساب وبها حوالي مليون متابع

والمسألة المهمة الجوهرية كيف يمكن محاصرة الأخبار المزيفة والتي تستهدف تحقيق أهداف سياسية والإضرار بالخصم أو الدعاية لأشخاص أو جهات سياسية وغيرها وتتمثل خطورة نشر الأخبار المزيفة أكثر إذا كان من شأنها إثارة الكراهية بين الطوائف أو نتج عنها إثارة للعنف كما حدث عندما خرج تصريح مزيف باسم لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة. قامت لجان المقاومة فوراً بنشر بيانات انتقدت التصريح وشرعت في تنظيم احتجاجات ضده
وتنص المادة (66) من القانون الجنائي السوداني: من ينشر أو يذيع أى خبر أو اشاعة أو تقرير ، مع علمه بعدم صحته ، قاصداً أن يسبب خوفاً أو ذعراً للجمهور أو تهديداً للسلام العام ، أو انتقاصاً من هيبة الدولة ، يعاقب بالسجن مدة لا تجاوز ستة أشهر او بالغرامة او بالعقوبتين معاً
يستعرض موقع fact-check.org مجموعة من التفاصيل التي يجب الانتباه إليها حتى لا يقع القارئ في مصيدة الأخبار الزائفة.
– يجب أن يلقي القارئ نظرة على الموقع الذي يقرأ فيه من أجل معرفة نمط الكتابة فيه لأن هناك مواقع متخصصة في نشر الأخبار الكاذبة عن قصد بغرض ترويج نظريات المؤامرة مثلا.
– لا تكتفوا أبدًا بالعنوان وتسارعوا في النشر بل اقرأوا تفاصيل الموضوع أولا لأنه أحيانا يكون العنوان لا يعبر عن المضمون بصورة كاملة ويكون الغرض منه جذب الجمهور وإغرائه بالقراءة الكاملة.
– تحققوا من الكتاب والمتحدثين لأن بعض المواقع يعتمد على كتاب خياليين.
– التحقق من تاريخ النشر لأن بعض الموضوعات والصور قديمة وتقدم على أنها حديثة.
– مراجعة تحيزنا لأنه يقود إلى التساهل في نشر الموضوعات التي تؤيد وجهة نظرنا.
– الاستعانة ببعض المواقع المتخصصة في فضح الأخبار الكاذبة وأبرز الموقع العربية موقع مسبار أما على المستوى الدولي فهناك مواقع FactCheck.org وSnopes.com وWashington Post Fact Checker وPolitiFact.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى