تقارير

ما تأثير الإعلان عن مراجعات الإسلاميين على الساحة السياسية؟

الأحداث – عبدالباسط إدريس

تترقب الأوساط السياسية الإعلان عن نتائج المراجعات التي أجرتها الحركة الإسلامية لتجربتها عقب سقوط نظامها، حيث تعيش الحركة أوضاعاً هي الأصعب منذ تكوينها قبل أكثر من سبعين عاما.

الإعلان قريباً

يقول القيادي بالحركة الإسلامية وأحد مفكريها البروفيسور عبدالرحيم علي إن التيار الإسلامي في السودان سيعلن قريباً عن مراجعات هامة وشاملة قام بها في السياسة والاقتصاد والتعليم والعلاقات الخارجية والأجهزة المختلفة، وأضاف “فهذا العمل سيبرز للرأي العام في المستقبل القريب”.

وأشار علي بحسب “عربي21″، إلى أنه “كانت هنالك لجان تقوم على مراجعة وتقييم التجربة الإسلامية في السودان، وهذه اللجان واسعة جداً، وعكفت على هذا العمل سنوات سابقة، وباتت اليوم في مراحلها الأخيرة”.

في الوقت الذي رفض فيه الإفصاح عن طبيعة تلك المراجعات المرتقبة، أكد أن “الأمر سيخضع لعرض مقترحات جديدة على أجهزة الحركة الإسلامية في السودان لتقيّم التجربة، كي تبدي فيها رأياً واضحاً”.

وأردف “الذي كُتب من مراجعات ودراسات لا يُعتبر تقويماً جماعياً شاملاً، رغم أنها اشتملت على دراسات وآراء مقبولة جُمعت بالفعل من أفراد وقيادات إسلامية مختلفة”.

وحول مستقبل الأوضاع في السودان قال علي “الإرهاق من الحرب سيدفع الأطراف إلى إيجاد حل قريباً، ولكن لا شك أن التعقيد موجود، والتدخلات الدولية قائمة، ومع كل ذلك فإن الوصول إلى حل ربما يكون ممكناً إذا حسم الصراع العسكري ضد المجموعة المسلحة – في إشارة لمليشيا الدعم السريع – التي يبدو أنها فقدت تنظيمها وقيادتها وأصبحت مجموعات “نهب مسلح” على حد تعبيره.

مطالب مستمرة:

ومنذ سقوط حكم الإسلاميين ظل ورثتها في حكم البلاد يطالبونها بإجراء مراجعات وتقديم اعتذار للشعب السوداني عن أخطاء فترة حكمها، ورداً على تلك المزاعم، قال القيادي البارز بالحركة د.أمين حسن عمر إن ماقيل عن نقد التجربة داخل أروقة الحركة من خلال مراجعة تجربتها أكبر بكثير مما يقوله خصومها عن فترة حكمها.

لماذا المراجعات :

تبدو هذه المراجعات ضرورية لتنظيم ظل يقاوم داخلياً عوامل الشيخوخة ويكافح موجات الانقسام بمزيد من التماسك بجانب فترة حكمه الطويلة التي امتدت لثلاثين عاماً وما تبعها من إيجابيات وسلبيات وهي بلا شك تجربة جديرة بالمراجعة لإثبات حقيقة ما قدمته للمجتمع السوداني وإدارة الدولة، فالحركة تستند بالأساس على فكرة تخدمها وسائل متعددة بما في ذلك جهاز الحكومة ومع ذلك هناك أهمية لمعرفة المنصة التي انطلقت منها تلك المراجعات وعلى رأسها الحقيقة العارية من أن نظام حكم الحركة الإسلامية قد سقط بثورة شعبية حقيقية قال عنها د.غازي صلاح الدين الذي فارق الجماعة إلى ضفة أخرى إنها ثورة مهيبة وأن التاريخ قد قال كلمته، هي ثورة خرجت عبر سيول بشرية هادرة وقادها شباب نشأ وترعرع في كنف المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادى لحكم الإسلاميين لمدة ثلاثون عاما متصلة، ثم جرى اختطاف تلك الثورة المطلبية لصالح مشاريع وأجندات خارجية وإن نحي بعض الإسلاميين لوصفها بأنها انقلاب قادته اللجنة الأمنية لإنهاء حقبة حكم البشير، وفي الواقع قد تكون اللجنة الأمنية قد اخطأت الحسابات أو أخفقت في إدارة التغيير على نحو أفضل، وقد يكون من بين قيادتها من كان يطمح في ورثة النظام بتقديم نفسه للجهات الخارجية بديلاً للبشير ولكن على الواقع أيضاً لم تخرج تلك اللجنة المتظاهرين من بيوتهم وجامعاتهم أو مدنهم وقراهم في ذاك الهدير الشعبي الذي تخطى الأرقام القياسية لموسوعة مشاركة الشعوب في ثورات الربيع العربي.

ماهي النتائج المنتظرة؟

تترقب الساحة السياسية مراجعات الإسلاميين، ولكن ثمة قضايا أساسية ينتظر نتيجة المراجعات حولها وهي

أولاً: انقسام الحركة الذي أدى لإبعاد مؤسسها الراحل حسن الترابي والزج به في السجن بزعم المحافظة على الحركة وتخفيف الضغط الخارجي عليها والحفاظ على مكتسباتها بالوصول إلى السلطة وتجديد القيادة وعدم احتكار أو ازدواجية القرار، في مقابل صعود تيار احتكر مفاصل السلطة وأجهزة الحزب وأصبحوا مجرد أشخاص مكررين داخل هياكل مختلفة في القصر وأمانة الحركة والحكومة والقصر وحتى لجان البرلمان.

ثانياً: حرب دارفور التي أدت لمقتل 10 الف إلى 300 ألف، وما انتهت إليه من عقوبات واتهام النظام بارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية وتسليح مجموعات عرقية على حساب أخرى، فمن يتحمل نتيجة قرار تلك الحرب ونتائجها اهي المؤسسة الأمنية والعسكرية التي اطلعت بمهمة مكافحة التمرد، أم تتحمله الحركة وحكومتها كنتيجة حتمية لطبيعة القرار السياسي الذي اتخذ بشن حرب لم تتمكن أجهزة الحكومة من مراقبة نتائجها؟

ثالثاً:

التضييق على الحريات بما في ذلك حرية النشاط السياسي وحرية التعبير وإيقاف الصحف والسيطرة على أجهزة الإعلام الرسمية وتسخيرها لرؤى الحزب الحاكم للحركة وحرمان الآخرين حتى من حق تنظيم ندوة سياسية مفتوحة فضلاً عن احتكار النشاط الاقتصادي وتحطيم قواعد المنافسة ومنع الاحتكارية وابتلاع الموارد المالية لبنوك ومؤسسات أنشئت خصيصاً لقيادة التنمية الاقتصادية والاجتماغية مثل بنوك، الزراعي، المزارع، التنمية الصناعية، الثروة الحيوانية.

رابعاً:

التنشئة التنظيمية الفاسدة لكوادر وقيادات وسيطة في قطاعات الشباب والطلاب والمرأة والصرف عليها من موارد الدولة بميزانيات رسمية وإغداق الأموال والسيارات عليها والتستر على جرائم العنف والاغتيالات التي ارتكبت بسوح الجامعات والأنشطة المتعددة واحتكار الوظائف والعمل النقابي مما أدى لنشوء جيل تنظيمي أناني أثارت ممارساته حفيظة أقرانه وعمق الغبن الاجتماعي والانقسام المجتمعي الذي كان أحد الأسباب التي أدت للانفجار العظيم في تظاهرات ديسمبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى