مؤتمر القاهرة..!!
الطاهر ساتي
:: القاعة التي شهدت مؤتمر القاهرة بالعاصمة الإدارية ليست بجديدة على زعماء الكتلة الديمقراطية والقوى الوطنية، إذ تمت دعوتهم إلى ذات القاعة قبل الحرب بأسابيع (فبراير ٢٠٢٣)، ليجنبوا شعبهم الحرب، فلبوا الدعوة التي غاب عنها نشطاء قوى الحرية (تقدم حالياً) وكانوا آنذاك شركاءً – مع جيش الكيزان – في السلطة ..!!
:: لو تواضع نشطاء قوى الحرية قليلاً، ولبوا تلك الدعوة المهمة، ثم اتفقوا على الحد الأدنى من القضايا الخلافية مع زعماء الكتلة الديمقراطية والقوى الوطنية، لما اشتعلت هذه الحرب اللعينة.. فالنشطاء رفضوا تجنيب بلادهم الحرب، وتمسكوا بالإطاري الذي غرست بذرة الحرب، باعتراف هالكهم حميدتي ..!!
:: وبعد الحرب لبوا دعوة القاهرة الثانية، وتهافتوا بالأمس وهرولوا لملاقاة من كانوا قد وصفوهم آنذاك بقوى الثورة المضادة وأذيال المؤتمر الوطني وغيرها من (الأوصاف المجانية).. ولم يجدوا عند خصومهم صدراً يعانقهم، وجهاً مبتسماً، ولا حتى يداً تصافح أياديهم الملطخة بأيدي مليشيا القتل والنهب والاغتصاب..!!
:: لقد رفض زعماء الكتلة الديمقراطية والقوى الوطنية الغرف الفندقية التي تجمعهم بهم، والحوار المباشر الذي يجمعهم بهم، بل رفضوا حتى موائد الطعام التي هم فيها جلوساً، وكل ذلك كرهاً لمواقفهم من قضايا الشعب، ولكي لايُصابوا بفيروس العمالة والارتزاق..!!
:: بدأ المؤتمر من على البُعد دون لقاء يجمعهم وجهاً لوجه، ثم انتهى ببيان غير متفق عليه بالإجماع، كما يحدث في مثل هذه المؤتمرات.. فالنشطاء جاءوا ليلوثوا الآخرين بحيث يكونوا حاضنة لمليشيا آل دقلو، ليقولوا لاحقاً (يا عزيزي كلنا جنجويد)، ولم يفلحوا ..!!
:: على كل حال، بعيداً عن أجندة الحاضنة السياسية لمليشيا آل دقلو، نجح مؤتمر القاهرة في إحداث حراك سياسي يطغي على العمل العسكري في السودان.. كذلك نجح في جمع الفرقاء ليروا وجوه بعضهم ويتكلموا مع بعضهم بلغة الجسد، بعد رفض الشرفاء للحوار المباشر.. ونجح المؤتمر أيضاً فى تنبيه الفرقاء والرأي العام إلى مآسي الحرب ومعاناة أهل السودان ..!!
:: وغير أنه سعيٌ مصري حميد لإيقاف الحرب في بلادنا، فإن مؤتمر القاهرة كان بمثابة طوق نجاة لنشطاء تقدم، ليخرجوا من أنفاق العمالة وموالاة مليشيا آل دقلو إلى رحاب الشعب والوطن.. ولكن (مرمي الله ما بيترفع) ..!!
:: لقد رفض النشطاء الاتفاق على إدانة جرائم المليشيا في البيان الختامي، كذلك رفضوا الاتفاق على حق القوات المسلحة في الدفاع عن البلاد وشعبها، أي عادوا إلى حيث كانوا في قاع تلك الأنفاق.. وعليه، شكراً لمصر التي سعت – قبل وبعد الحرب – لإصلاح نهج نشطاء المرحلة، ولكن لا يصلح العطّار ما أفسده الدرهم والدولار..!!