لا وقت للحزن..!
علي عسكوري
ألجمتنى مذبحة قرية ود النورة … الجمتني تماما وبلغت حالة الصدمة والفجيعة عندي مرحلة الوجوم وهربت مفرداتى وجف لسانى واصبت بالذهول..!
حدث لى ذلك رغم علمى التام ان المليشيا فعلت وتفعل وستفعل مثل ذلك واكثر بكثير.
وكنت منذ مذابح المليشيا في الجنينة قررت ان استجمع جأشي لمواجهة الاسوء وان لا انصدم وان اسيطر على انسانيتي واحاسيسي في مواجهة شياطين جاؤا من كهوف التاريخ وجحور الظلام واقبية السوء ودهاليز الجريمة المنظمة والعمالة.
بوقوع جريمة الابادة في ود النورة بلغ الالم العظم وغلى الدم في عروقي وانتابتي حالة من الغضب والحزن تقارب الجنون، فقررت ان الزم دارى لاجتر حزنى بعيدا عن الاعين وان استقوى على نفسي وحملها لتهدأ بكل ما استطيع وبكل ما اعرف من خبرات وتجارب. انفردت بنفسي واطلقت لدموعي العنان لتنزل سخية في صمت..ولكن ماذا تجدى الدموع على الاف سقطوا دون ذنب وانهي شواطين الانس حياتهم في غدر وخسة تنبيء عن انفس تملكها الشر واستوطنتها الجريمة فاصبحت في منزلة دون كواسر الوحوش !!
وجدت بعض المواساة لنفسي ودموعي فى قول ابى ذويب الهذالى في رثاء ابنائه الخمسة:
فالعين بعدهم كأن حداقها
سملت بشوك فهي غور تدمع
الآن وبعد ما شاهدته من مذابح وابادة اقر واعترف اننى مدين باعتذار للتتار ورهطهم، ولا يخامرني ادنى شك ان (جنكيز خان) لو نهض من مرقده فى جبل (برخان خالدون) في مجاهيل منغوليا؛ لصدم من افعال هولاء وتبراء منها. لقد كان التتار بكل بربريتهم فرسان شجعان ذوى بأس ينازلون الجيوش ويهزمونها ثم ينطلقون للسلب والنهب، اما شياطين الالفية الثالثة فقد تركوا منازلة الجيش واصبح ديدنهم مهاجمة القرى النائية المعزولة ليستأسدوا على فقرائها العزل ويشبعونهم قتلا! اى انتصار واى بطولة يدعون، هذا مستوى من الجبن والخور لا اعرف له مثيلا! كان عليهم وهم يعلمون ان هولاء مواطنين عزل، ان يتركوا اسلحتهم الفتاكة وينازلوهم بالعصي والسيوف لتتعادل كفة النزال، كنت ساحترمهم، وكنا سنعرف لمن ستكون الغلبة! ولكنه الجبن والخوار و فقدان الرجولة والنخوة، ان تهاجم مواطنين بالاسلحة الفتاكة ثم تخرج مزهوا تتحدث عن انتصار…! افتقدوا معانى الرجولة ونخوة الفرسان، وتحولوا الى شياطين لا هم لها سوي سفك دماء الابرياء.
اعلم ان الجميع في حالة صدمة و غضب وحزن، هذا طبيعي، لكن واقعنا يقول الا وقت لدينا للحزن. نحن في خضم معركة ضروس نقاتل شياطين سقطوا الينا من كهوف الصحراء وفيافي عصور ما قبل التاريخ ليقتلونا ويأخذوا بلادنا، ولكن هيهات.
الوقت الآن للمعركة ولقطع دابر هولاء الشياطين واستئصالهم من الجحور التى خرجوا منها واقتلاع جذورهم وحرقها حتى لا يخرجوا مرة اخري.
قال تعالي علي لسان النبى نوح عليه السلام:”إنك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا”. ولذلك فاستئصال شافتهم لم يعد امرا عسكريا او سياسيا من اجل السلام فقط، بل امرا دينيا بحتا حماية لدماء الناس. فنحن لسنا مسؤولين عن حماية دماء المسلمين فقط، بل عن حماية دم كل انسان يعيش بين ظهرانينا ومعنا في سلام. ولذلك فاستئصال شافة هولاء الشياطين من جحورهم ليس مهمة الجيش والقوات النظامية الاخرى لوحدها، بل مهمة جميع المواطنين.
سنحزن وسنبكي بدموع الدم شهدائنا عسكريين او نظاميين او مدنيين، لكن ليس الآن! الان يتوجب علينا كتم احزاننا ولعق جراحنا ومواصلة المعركة بلا هوادة الى ان يتم سحق الشواطين واستئصالهم تماما. بعدها سيكون لنا متسع من الوقت للحزن ولتخليد شهدائنا بما يستحقون.من كل مجزرة سينبت فيلق ومن كل دم شهيد سينبت الف فارس ومن كل قرية احرقت ستنهض مدينة ذلك وعدنا للشهداء.
فانهضوا يا احباب وشمروا… فلا وقت الان للحزن … فجرحنا ودمنا مسفوح واعراضنا مستباحة ولا بد من استئصالهم وان حمى الوطيس واستطال النزال، فبدون سحقهم لا يمكننا الحديث عن شىء لا شهداء لا دماء ولا اعراض. لقد انبري لنا هولاء الشياطين ليعجموا شكيمتنا وصلابتنا وسيروا منا ما يكرهون.. ذلك عهدنا للشهداء
لا وقت للحزن
هذه الارض لنا