كينيا.. أدوار مشبوهة

الأحداث – وكالات
اللغة التي صدر بها بيان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية حول استضافة العاصمة الكينية لاجتماع القوى التي نادت بوضع ميثاق يؤسس لحكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع والذي تم تاجيل التوقيع عليه من الثلاثاء الماضي إلى مساء الجمعة 21 فبراير الجاري, يعطي إشارات واضحة ليس عن عدم رضاء الحكومة السودانية لمسلك الحكومة الكينية فحسب بل لمواقف آنية اخرى ذات صلة بالحرب الدائرة في السودان والتي استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن حزمة ماتقوم به من دعم ورعاية لمليشيا الدعم السريع المتمردة من خلق حلف افريقي من دول جوار السودان (تشاد, افريقيا الوسطي, اثيوبيا) وجوار جوار السودان(كينيا , يوغندا) لمساندة المليشيا المتمردة ولتضييق الخناق على الحكومة السودانية, ولعل ما تقوم به كينيا الآن من استضافة اجتماع الميثاق السياسي التاسيسي (لحكومة مناطق سيطرة الدعم السريع) يدخل ضمن أجندة الدعم والرعاية المدفوعة القيمة بالدولار الامريكي أو مايعادل بالدرهم الإمارتي.
كينيا كتاب أسود وتاريخ أسود:
العلاقات السودانية الكينية مرت خلال تاريخها الطويل والتي تعود لنهاية عقد الخمسينات وأوئل عقد الستينات من القرن الماضي, موغلة في التدهور المستمر وذلك نتيجة التدخلات المباشرة من نيروبي في الشأن السوداني وذلك من خلال دعمها الحركات المتمردة (الجنوب سودانية) والتي كانت جزءً من السودان قبل انفصال الجنوب, حيث قدمت خدمات معتبرة لتلك الحركات في مجال التسليح بكل أنواعه فضلا عن الدعم المعنوي الإعلامي بالإضافة لفتح معسكرات التدريب لقوات هذه الحركات, ورغم كل هذا التاريخ الأسود لكتاب علاقات السودان كينيا والذي يتسم من جانب كينيا (كتاب أسود) إلا أنها كانت الوسيط والراعي الاقليمي في مباحثات الحكومة والحركة الشعبية في ضواحي (مشاكوس ونيفاشا) الأمر الذي جعل (حواجب دهشة المراقبين ترتفع) وما إن انفصل جنوب السودان حتى تيقن الجميع أن الدور المزدوج الذي لعبته كينيا (رعاية التمرد ثم التوسط بينه وبين الحكومة السودانية) كان (مصنوعا باحترافية) للوصول لهدف انفصال الجنوب السوداني لذلك ليس من المستغرب أن تأتي استضافة نيروبي لإجتماع ميثاق إعلان (حكومة مناطق سيطرة الدعم السريع) لأنه يتسق تماما مع مشروع تقسيم الوطن العربي المدعوم من دول عظمى لإضفاء المزيد من التمكين لدولة الكيان الصهيوني وعبر انفاذ (مشروع الشرق الأوسط الجديد), وما الذي حدث في العراق واليمن وسوريا ولبنان إلا استكمال للمخطط الذي تنفذه بالوكالة عن إسرائيل دولة الإمارات العربية المتحدة والتي اعترفت قيادات نافذة في تل أبيب بأن الإمارات هي (الوكيل الشرعي لها), مذكرات رئيس وزراء إسرائيل غولد مايير والتي تحدثت عن حلم إسرائيل في قيام دولة وكيلة عنها بعد حرب (يونيو1967م) وبالفعل تأسست الدولة الوليدة ونهضت في بواكيررعقد السبعينيات من القرن الماضي.
علاقات في غرفة الإنعاش:
لاشك أن استضافة الحكومة الكينية لإجتماع التوقيع على الميثاق التأسيسي لإعلان حكومة مناطق سيطرة الدعم السريع يعني بكل تأكيد دخول العلاقات السودانية الكينية لغرفة الإنعاش حيث إن هناك إشارات واضحة في بيان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية تؤكد بأن السودان لن يقف مكتوف الأيدي على ما فعلته نيروبي هذه المرة وطبعا (ليس كل مرة تسلم الحرة), وذلك لأن الدعم الكيني التاريخي للمتمردين أمر يصعب السكوت عليه الآن لاسيما والسودان الآن كله يقاتل في هذه الحرب التي تستهدف وجوده.
لا مجال ولا وقت للسكوت:
صحيح أن بيان الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية قد اعتبر ان هذا المسلك من الحكومة الكينية يعد انتهاكا صارخا لمبادئ العلاقات بين الدول التي تحكمها القوانين والأعراف الدولية الراسخة إذ أن ميثاق الأمم المتحدة والنظام الحاكمة الاتحاد الأفريقي يعتبر هذا النوع من التصرفات يدخل ضمن ما يستوجب المساءلة الدولية كما يعتبر هذ التصرف تدخلا في شئون الدول الأعضاء في المنظمات الدولية والاقليمية ويتعارض مع النظم الحاكمة.
الموقف يستدعي المزيد من التحركات الدبلوماسية العامة لإيقاف مثل هذ التصرفات غير المسئولة من الحكومة الكينية والتي لها تاريخ طويل مع السودان في هذه التدخلات حيث أنها ترعى اجتماعا يقف وراءه مليشيا متمردة لإعلان ما تسميه بمناطق محررة هي الآن في المسرح العمليات الميداني أما استعادها الجيش السوداني ومساندوه أو قاب قوسين من ذلك حتى في دارفور والتي تشهد الآن تمردا على المليشيا المتمردة من الحواضن الاجتماعية آلتي استمالتها المليشيا المتمردة لصفوفها ترغيبا وترهيبا ولكن بعد أن تكشفت لتلك الحواضن الاجتماعية إنها رمت بشبابهم إلى تهلكة الموت ونيران محارق الحرب.
نقلا عن “أصداء سودانية”