الأخبار

في حواره مع (الأحداث نيوز).. وزير الصحة الإتحادي يوضح حقيقة الأوضاع الصحية بالسودان

حوار – نوال شنان

تأثر القطاع الصحي بالسودان من الحرب الدائرة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع، مما انعكس سلبا على الخدمات الصحية والطبية المقدمة ونقص في الأدوية والمستهلكات وبالتالي على المواطنين خاصة بولاية الخرطوم وولايات دارفور. فماذا قال وزير الصحة الإتحادية المكلف د.هيثم محمد ابراهيم لـ(الأحداث نيوز) عن هذا وعن القضايا الصحية الأخرى.

 

ماذا عن الأوضاع الصحية بالسودان بشكل عام وأكثر الولايات تضررت صحيا جراء الحرب؟.
– الخرطوم اكثر الولايات تضررا، وولايات دارفور خاصة غرب ووسط دارفور جراء الهجوم المتكرر في الأشهر السابقة أدى إلى فقدان معظم الخدمات الصحية، والنظام الصحي ونظام الإمداد بهذه الولايات. تليها جنوب دارفور وتعرض مخزن رئيسي للإمداد الدوائي للحرق والنهب إضافة إلى توقف بعض الخدمات الرئيسية في المستشفيات الرئيسية،اما بقية الولايات تسير فيها الخدمات الصحية والطبية بصورة شبه طبيعية،في كثير من الولايات المستقرة نسبيا ،12 ولاية تقريبا من أصل 18 ولاية،ويصل لها الإمداد بصورة شبه طبيعية على الرغم من الصعوبات المعروفة في البلاد،صعوبات أمنية في بعض المواقع لإيصاله،وصعوبات أحيانا في عدم توفر كل الحزم التي نحتاج إليها من الأدوية والمستهلكات الطبية،ومن خلال طوافنا على الولايات المستقرة نسبيا اتضح وجود عمل وجهد كبيرين فيها من ترفيع للخدمات وتحسين مستوى تقديم الخدمات العلاجية والتشخصية وإدخال بعض الخدمات الجراحية المتخصصة في بعض الولايات لم تكن موجودة من قبل كجراحة القلب،جراحة المخ والأعصاب،جراحة العظام المتخصصة،وتغيير مفاصل الركب،خدمات مناظير الجهاز الهضمي وغيرها،وهذه كلها إضافات للنظام الصحي والنظام الصحي اللامركزي.نأمل في استقرار المواقع التي تعاني من التهديدات الأمنية داخل ولاية الخرطوم وولايات دارفور لتعود لها الخدمة تدريجيا للمؤسسات الصحية.
أبرز التهديدات الصحية بالسودان؟
– الآن اكبر مهدد هو المهدد الأمني لإيصال الخدمات الطبية والإمدادت لعدد من الولايات،تسيير خدمات الصحة الروتينية كخدمات التحصين والفرق الجوالة وغيرها،وتعترضها المهددات الأمنية في ولايات دارفور وفي بعض الأجزاء من ولايات الخرطوم وكردفان،صعوبة وصول الفرق الطبية لتقديم الخدمات، وأحيانا صعوبة وصول الإمداد وتعرض للإمداد بواسطة المليشيا في بعض المواقع.

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أخيرا عن وفاة اكثر من 1200طفل دون سن الخامسة في تسع مخيمات خاصة في ولاية النيل الأبيض في الفترة من 15مايو و14سبتمبر، فما صحة ذلك وماالسبب وراء هذا وفاة هذا العدد الكبير؟
– أولاً، وللعلم فإن معدل الوفيات في السودان بين الأطفال 53 بين كل 1000، ويعتبر معدلاً كبيراً مقارنة بباقي الدول، وهنالك خطة إستراتيجية لتقليل هذه الوفيات نعمل عليها من فترة طويلة، وظروف الحرب أثرت كثيرا. عموما هناك أسباب كثيرة تؤدي للوفاة بالعدد الكبير، ليس فقط في المعسكرات ولكن حتى في الولايات الأخرى، من أهم هذه الأسباب ارتفاع معدلات سوء التغذية، والحادة منها تصل إلى 14% في السودان، وحالات التقزم وسوء التغذية المزمن يصل إلى 30%،وفي الفترة الأخيرة انتشرت بعض أمراض الطفولة مثل الحصبة وبدأنا حملة للتحصين ضدها بالولايات التي ينتشر فيها المرض منها النيل الأبيض معسكرات اللاجئين بالتنسيق مع عدد من المنظمات، والحصبة إحدى الأسباب التي تؤدي لزيادة وفيات الأطفال، ونحاول بقدر الإمكان تقوية استعادة برنامج خفض وفيات الأطفال من خلال برامج الرعاية الصحية الأساسية، برامج التغذية الإضافية والتغذية العلاجية وعمليات التحصين الموسع بكل الولايات،فما أوردته المفوضية لايخرج عن هذا المعدل.
تعاني الوزارة من النقص في الأدوية والمستهلكات الطبية والمعدات والكوادر؟

– لا مشكلة في الكوادر الطبية، والتغطية جيدة في معظم الولايات وعلى الرغم من عدم وصول استحقاقاتهم التزاموا مهنيا حتى في أصعب المواقف والظروف وفي المناطق الحرجة وتعرض بعضهم للقتل والبعض الاعتداء،اما بالنسبة للأدوية والمستهلكات..نعم في نقص حتى قبل الحرب،ونجتهد بقدر الإمكان لسد الفجوة في الأدوية والمستهلكات الأساسية،وبصورة كبيرة استطعنا العمل مع الجهات المختلفة لسدها في معظم الولايات خاصة المتعلقة بالأدوية المنقذة للحياة، المحاليل لوريدية ،المستهلكات الجراحية لعمليات الإصابات،بعض المحاليل المرتبطة بغسيل الكلى وبعض الأمراض الأخرى،ولازالت في فجوات في بعض أدوية الأمراض المزمنة والمستهلكات المعملية وأدوية السرطان الآن في مرحلة الترتيب لوصولها جزء منها عبر المنح وجزء عن طريق الشراء المباشر عبر الإمدادات الطبية والوزارة.

ماذا عن المساعدات الأممية والإقليمية؟
– أولاً، شاكرين للمجتمعين الإقليمي والأممي لتقديم المساعدات للسودان في هذا الظرف الحرج خاصة الدعم الكبير من دول الإقليم ودول الجوار والدول العربية وكان له دور كبير في تقوية النظم الصحية وتقوية نظام الإمداد ورفع مستوى الخدمات بصورة كبيرة، وبالنسبة للمجتمع الدولي شاكرين لممثلي المنظمات الدولية والأممية بالسودان،نطمح ونأمل في مساعدة ومشاركة أكبر منهم، ودعم اكبر من المجتمع الدولي لان السودان بلد كبير والفجوة مابسيطة ونسب معدلات عالية من الأمراض المزمنة والسارية وغير السارية والمدارية ونسبة كبيرة من الأوبئة لوجوده في المنطقة المدارية،فحجم المساعدات المقدمة ليس بالحجم المتوقع ودون المتوقع، نأمل من المجتمع الدولي من خلال الاعتمادات التي خصصت في المحافل الدولية السابقة ان تصل للبلاد وتسد حاجة النظام الصحي الفترة القادمة خاصة نحن نأمل في إعادة بناء النظام الصحي في الولايات المختلفة.

هناك شكاوى من عدم وصول المنح لمستحقيها؟
– عدم وصول المنح لمستحقيها، غير صحيح، إلا إذا كان الكلام عن شكاوى من عدم وصول غير الأدوية والمستهلكات الطبية، فآلياتنا للتوزيع للمنح والأدوية والمستهلكات الطبية عبر صناديق الإمدادات الطبية المنتشرة بكل الولايات، والتوزيع يتم للمؤسسات الصحية بالولايات بمعادلة معروفة قائمة على معايير متمثلة في عدد السكان،عدد المستشفيات والمرافق الصحية،الخارطة الوبائية للولاية المحددة،معدل النازحين بالولاية،هذا مانوزع به الأدوية والمستهلكات لكل الولايات والمستشفيات بانتظام ولايوجد مخزون على مستوى المخازن بالبحر الأحمر،عندنا مشكلة متمثلة في التوصيل لبعض الولايات خاصة دارفور للمشكلة الأمنية وهذه هي المشكلةالوحيدة، ولمعالجة ذلك في ترتيب مع حكومة الاقليم لتوفير (كنفوي) مسلح لإيصال الأدوية والمستهلكات الطبية إلى الفاشر ومنها توزع لولايات الاقليم،وحتى ولاية الخرطوم يصلها الإمداد عبر منافذ محددة من مدني بولاية الجزيرة والريف الشمالي بنهر النيل.

تفشت بعض الأمراض في عدد من الولايات وبصورة وبائية مثل الكوليرا، الحصبةوغيرها ماهي جهود الوزارة في هذا الاتجاه؟
– الحصبة من الأمراض التي تنتشر في حال تدني مستويات التطعيم في بلد معين،برنامج التحصين الموسع في السودان من افضل البرامج لكن الظروف الأمنية وظروف الحرب تدنى معدل الأطفال المفروض ينالوا التطعيم وبالتالي انتشر المرض في 8ولايات وتم رصد الحالات والتبليغ عنها والتواصل مع المنظمات الأممية وهي الصحة العالمية واليونسيف، وتوفر اللقاح وبدت عمليات التطعيم في عدد من الولايات،خاصة معسكرات اللاجئين في النيل الأبيض واقليم النيل الأزرق وسيسهم في تقليل الإصابات، فالحالات المرصودة بكل السودان تجاوزت 3 ألف حالة، 80%من هذه الحالات كانت غير مطعمة وبالتالي بداية عمليات التطعيم تقلل بصورة كبيرة مستوى التفشي.بالنسبة للكوليرا،ظهرت في المناطق الحدودية مع دولة إثيوبيا منطقة القلابات الشرقية،وسبق ان أعلنت إثيوبيا عن حالات كوليرا،فكانت متوقعة وتم التذريع والتحليل للعينات في معمل الصحة العامة ببورتسودان عقب تأهيل معمل مرجعي لفحص الوبائيات كبديل لمعمل ستاك بالخرطوم، وأصبح قادر على فحص وتذريع العينات وفحص الأوبئة،فتم تأكيد حالات الاسهالات المائية على أنها حالات كوليرا،وتحركت الفرق لولاية القضارف من الوزارة وفريق من الخبراء من الصحة العالمية واليونسيف،وفرق ميدانية مباشرة للولايات التي سجلت اصابات وفرق من المختبر الطبي لأخذ العينات وفحصها وتحليلها،وكذلك الإمداد والكلور لتعقيم المياه ودعم من منظمتي الصحةالعالمية واليونسيف، وتجري حاليا بعض الأعمال لتقليل الإصابات بقدر الإمكان،فعدد الإصابات حتى آخر تقرير أمس الأول 290 حالة منها 19 حالة وفاة ،الإمداد بالولاية مستقر وبصورة كافية من الصحةالعالمية،وانتظمت حملة للمكافحة.
هل عادت مستشفيات للخدمة مرة أخرى؟
– في ولاية الخرطوم معظم المستشفيات لم تعد للخدمة وتحتاج للتأهيل والإصلاح للمياه والكهرباء واستقرارها وضمان عدم تعرض الكوادر حتى لو توفر الأمن نسبيا، ترتيبات متكاملة، ومعظم المستشفيات التي خرجت من الخدمة في مناطق لايوجد بها حاليا سكان ،لكن مع عودة المواطنين للخرطوم متى توفر الأمن والخدمات ستعود الخدمة الطبية لهذه المناطق،لكن في عدد من المراكز الصحية بالقرب من المواطنين تم استرجاع العمل فيها وبدأت تقدم الخدمة، لابد أن أوضح أن مستشفيات محلية كرري شغالة وبعض المراكز،وايضا في اطراف الخرطوم مثل البان جديد.

بعد أن تضع الحرب أوزارها، هل للوزارة رؤية لما بعد الحرب؟
– ما أوردته في آخر نقطة عن إعادة بناء النظام الصحي يقودني للإجابة عن هذا السؤال، فعليا بدأنا عبر آلياتنا المختلفة المتخصصة في وضع سيناريو لما بعد الحرب ووضعنا خطة أولية لإعادة بناء النظام الصحي في ثلاث مراحل، الأولى استمرارية اعمال الإستجابة الصحية للاوبئة والخدمات الصحية الحالية، الثانية تقوية النظام الصحي اللامركزي وتقوية المستشفيات ونظام الإحالة، والمرحلة الثالثة مرحلة إعادة بناء النظام الصحي في المناطق المتأثرة بالحرب خاصة الخرطوم وولايات دارفور، تم وضع الخطوط العريضة للخطة الممرحلة لإعادة بناء النظام الصحي في السودان بصورة أكثر توافقا وعملية حتى لا تتأثر الولايات ببعضها، نظام صحي لا مركزي قائم على توزيع الخدمات الطبية والعلاجية محققا للعدالة للمواطن السوداني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى