رأي

علي عسكوري يكتب: القضية ضد إسرائيل .. محاكمة الحضارة الغربية

القضية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل تعتبر سابقة تاريخية خطيرة جداً.
فكما هو معروف فإن إسرائيل untouchable تقريباً في جميع الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وانجلترا… إلخ.

مؤسسات العدالة العالمية كلها (تقريباً) أسسها الغرب أو هى نتاج لمفاهيم العدالة الغربية أو بمعنى آخر هي سنام مفاهيم العدالة في الحضارة الغربية.

الآن ستواجه الحضارة الغربية مؤسساتها العدلية. بمعنى آخر ستحاكم الحضارة الغربية نفسها.

قناعتي الخاصة ومن واقع قراءتي لتاريخ الحضارة الغربية فإنها قامت على أكبر جرائم عرفتها البشرية طوال تاريخها… وهى خلافا لكل الحضارات التي سبقتها انغمست في جرائم تفوق كل ما ارتكب في التاريخ الإنساني وربما تتفوق جرائمها على جرائم التتار.

ما يؤسف له فبينما يكتب الغربيون عن جرائم الحضارات السابقة تقل بل تندر كثيراً كتابات المؤرخين من خارج الغرب عن جرائم الحضارة الغربية، بل حتى ما نعرفه عن جرائم الحضارة الغربية كتبه باحثون من الغرب.. وغالباً يمثل ذلك نصف الحقيقة في أفضل الأحوال.

هذه القضية في جوهرها محاكمة للحضارة الغربية بكاملها. فدولة إسرائيل هي وليد شرعي لجرائم الحضارة الغربية ضد الشعوب، ولذلك سنرى كيف ستقيم الحضارة الغربية العدالة ضد نفسها.

خطورة هذه القضية أيضاً أنها قد تفتح الباب على مصراعيه للنظر في جرائم تاريخية أخرى مثل استرقاق الأفارقة وبيعهم عبر الأطلنطي، جرائم الفرنسيين في الجزائر، جرائم أمريكا في فيتنام وكمبوتشيا والعراق، جرائم الصرب في البوسنا، جرائم الأسبان والبرتغال في أمريكا الجنوبية ضد السكان الأصليين بل جرائم أمريكا نفسها ضد الهنود الحمر Hispanic، وكذا جرائم كندا وأستراليا ضد السكان الأصليين… إلخ.
ربما يقول البعض إن هذا أمل بعيد لن يتحقق… ربما.. ولكن هذه القضية ستفتح (صندوق بندورا) ربما لن يتوقف عند القضية الحالية والطريق طويل جداً والسايقة واصلة، فالثابت أن الغرب بنى حضارته معتمداً فقط على قتل الشعوب ونهب مواردها عن طريق الاستعمار.
ربما لن يعيش أغلبنا ليحضر ذلك… لكن قتاعتي ثابتة أن ذلك سيتحقق يوما ما…!
نعم سنرحل إلى ربنا ونترك الكثير من المظالم خلفنا، لكن قناعتي ستأتي أجيال أفضل منا كثيراً ستنهض لتحقيق العدالة وإنصاف ضحايا هذه الحضارة المجرمة.
فالقضية في جوهرها ليست فلسطين وغزة، إنما العالم يواجه سيطرة حضارة مجرمة ارتكبت جرائم خطيرة في كثير من شعوب الأرض… وحاولت وتحاول الهروب من تلك الجرائم من خلال هيمنتها على البشرية.
ثقوا متى ما تغيرت موازين القوى والهيمنة.. سينفتح الطريق للعدالة… ربما يستغرق الأمر عقودا لكنه آت لا محالة… تلك سنة الله في خلقه.. قال تعالي:

” أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.” (الروم).

هذه الأرض لنا

١١ يناير ٢٠٢٤

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى