عثمان جلال يكتب: الأحزاب الاوزونية لم تنس شيئا ولم تتعلم شيئا
(1)
أرست حكومة الإنقاذ الوطني خلال أعوام السعد في العشرية الاولى البدايات الواثقة لمشروع فيدرالية السلطة والثروة، وصناعة مشروع النهضة الوطنية الشاملة عبر رافعة المجتمع السوداني، فكان المجتمع هو أصل القوامة في الحي والمحليات والولايات والمركز،،وتفجرت طاقاته الإبداعية في ثورة التعليم العام والعالي وثورة الاتصالات والصناعات والبترول، والطرق والكباري والطائرات والمنظومة الدفاعية المتكاملة حتى صنف السودان ضمن الدول الأسرع نموا على المستوى العربي والأفريقي وهو محاصرا في الشعاب فكان المجتمع السوداني كنه الإبداع والعبقرية وعمق المشروعية لنظام الإنقاذ.
(2)
لما ارتدت سلطة الإنقاذ عن مرجعية قوامة المجتمع في صناعة مشاريع النهضة ونزعت لإعادة احتكار السلطة والثروة مركزيا ووسط أقلية برجوازية فقدت البوصلة الفكرية، وانفضت عنها حاضنتها الاجتماعية الصلبة، ونهضت كل قطاعات المجتمع السوداني التي أيدتها بادي ذي بدء ثائرة ضدها واسقطت مشروعها السلطوي في ثورة ديسمبر 2018.
(3).
بدلا من استكمال مشروع الثورة والبناء الوطني الديمقراطي عبر ذات الرافعة الاجتماعية التي تداعت لإسقاط النظام السابق دون عزل أو إقصاء لأي جماعة سياسية نزع نشالو الثورة في قحت وبعقلية الدجاجة الصغيرة الحمراء لاحتكار مشروع الثورة في مثلث اوزون، شارع النيل، واختزالها في مغانم ومحاصصات وظيفية فكانت النتيجة البدهية ذات نهايات مشروع الإنقاذ، تشظي قحت، انفضاض التيارات الثورية عنها، وتعازلها عن قواعدها المجتمعية، وفقدانها البوصلة والمرجعية الفكرية، وتغذيتها لصراع الهويات القاتلة،ثم احتشاد وتداعي كل قطاعات المجتمع السوداني مركزيا وولائيا ومحليا للتعبير عن حالة الرفض لعقلية مثلث اوزون، شارع النيل الحاكمة والتي أوصلت مشروع الثورة الي الأزمة الثورية الماثلة والسودان الى شفير الانهيار
(4)
في رأي هناك خياران أمام عقلية الاحزاب الاوزنية الحاكمة اما استمرار الكنكشة في الحكم بالاحتماء والخضوع للشركاء العسكريين ، والاستقواء بالمحور الإقليمي العربي الذي يقف علي طرفي نقيض مع قيم الديمقراطية والحرية وتغدو الثورة محض نظام سلطة (كومبرادوري)، ولكنه في النهاية لن يصمد أمام إرادة المجتمع الغلابا وحتما آيل للسقوط ولو بعد حين. أما الخيار الثاني العقلاني يتجلى في قيادة قحت مبادرة الترجل عن الحكم وطرحها مبادرة تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية الوطنية وذات مهام محددة هي وضع التدابير الدستورية الناظمة لاجراء انتخابات مبكرة ترد السلطة محليا وولائيا ومركزيا إلى ذات المجتمع الذي صنع الثورة، فهذا هو الخيار الوحيد الذي سيحول طاقات كل قطاعات المجتمع السلبية الماثلة إلى طاقات إيجابية وبناءة تتفاعل داخل مؤسسات الحكم والدولة لصيانة مشروع الثورة من الاختطاف، وحفظ الأمن المجتمعي والسلم الاهلي من التفتت والتشظي، وإستعادة قحت لعلاقتها مع الحاضنة الثورية ، وتجديد الثقة مع قاعدتها المجتمعية، والبداية الواثقة لبناء الكتلة التاريخية الوطنية الحرجة التي تشكل القاعدة الصلبة لمشروع المصالحة الوطنية الذي لا يستثني تيارا فكريا أو سياسيا لترسيخ النظام الديمقراطي المستدام ، واطراد تلازم بناء الأمة والدولة،وغرس الهوية الوطنية، وبروسيس هذه المبادرة يشكل صمام الأمان من تدحرج السودان في حرب الكل ضد الكل والوقوع في اتون التفكك والانهيار الشامل.