عادل الباز يكتب: ماوراء صفقة زين/ دال (1-3)
فيما أرى
1
الخبر الذي طارت به وكالات الأنباء العالمیة حول بیع زین السودان لشركة Invicuts المملوكة لمجموعة دال، أثار كثیراً من ردود الأفعال والتساؤلات حول الصفقة، التي شكلت مفاجأة لكثیرین من المتابعین لقطاع الاتصالات والجمھور عامة وحتى للإدارات في الشركتین.. الحقیقة أن محاولات بیع زین العالمية، ومن ضمنها زين السودان لیست جدیدة، لأنها بدأت منذ مدة وباءت كلھا بالفشل لأسباب متعددة، بدأت المحاولات منذ العام 2010 عندماتقدمت شركة إتصالات الإماراتیة بعرضٍ مغرٍ لشراء زين العالمیة، ووصلت المفاوضات إلى نفس المرحلة الحالية، (الفحص النافي للجهالة)، ولكن الصفقة اصطدمت بترتیبات معقدة، تتمثل في ضرورة بیع حصة زین العالمية، البالغة 25 في المائة من زین السعودیة.. ذلك الشرط الذي لم یتحقق منه الركن الأساسي الذي قاد لنسف الصفقة، إذ حدث خلاف بين الكویتین وشركائهم من رجال الاعمال السعوديين بشأن بیع حصتھم في زین السعودیة، إضافة إلى خلافات داخل المستثمرین الكویتیین، وأكبرھم أسرة الخرافي، إضافة إلى رأي عام قوي رفض الصفقة آنذاك، ومعلوم أن مجموعة زین العالمیة شركة مدرجة في البورصة، وباعتبارھا شركة مساھمة عامة تتأثر أسهمها بالرأي العام وتتأثر الإدارة بمواقف وآراء المساھمین.
تواصلت محاولات إتصالات الإماراتية لشراء زين السودان في العام 2017 ولكنها سرعان ما تراجعت ،اعقبها دخول عمانتيل فى مجموعة زين .
2
الآن التطورات التي جرت داخل زین العالمیة إضافة إلى الیأس الذي أصاب الكویتیین من حصد عوائد ذات قیمة من استثمار زین في السودان دفعا مجلس إدارتھا نهاية الأسبوع الماضي لمنح الموافقة المبدئیة للعرض الذي تقدمت به شركة دال.. وأھم التطورات التي حدثت ھو التراجع العام الذي یشھده قطاع الاتصالات عالمیاً منذ الازمة الاقتصادية العالمية ٢٠٠٨ وتعمقت بسبب جائحة الكورونا التي أثرت عمیقاً في قطاع الأعمال.. و توقعت دراسة عالمیة حدیثة لمؤسسة ” غارتنر ” البحثیة أن یتراجع حجم الإنفاق العالمي على برامج وخدمات تقنیة المعلومات والإتصالات خلال العام الحالي، مع استمرار انتشار فیروس الكورونا المستجد، واستمرار تبعات تأثيراتها السلبیة التي طالت العدید من القطاعات الاقتصادیة في جمیع أرجاء العالم، إضافة للتطبیقات التي قللت من مداخیل الشركات في مجال الاتصالات الھاتفیة وتراجع العوائد المتوقعة من الاستثمارات في مجال الإتصالات. قاد ذلك لامتناع شركات الإتصالات عن ضخ المزید من الأموال لتطویر البنیة التحتیة التي تداعت ولم تعد قادرة على تلبیة حاجات السوق.. السبب الثاني الذي عجل بخروج زین العالمیة من السوق السوداني دخول عمانتل كمساھم رئیس في زين، فالاتفاق الجديد المبرم مع زين العالمية في العام 2018 منح عمانتل حصة 21.9 بالمائة من “زین” بقیمة 2.19 ملیار دولار، ما یجعلھا ثاني أكبر مساھم بعد الھیئة العامة للاستثمار الكویتیة صندوق الثروة السیادیة للبلاد، (والتي تملك 24.6 بالمائة من الشركة)، ومن ثمّ أصبح لھا وجود قوي وصوت مسموع في إدارة استثمارات زین، ولم تعد الكویت وحدھا من تقرر في مصیر تلك الاستثمارات.
السبب الثالث هو أن دوائر القرار في زین العالمیة اعتبرت الاستمرار في الاستثمار بالسودان بلا جدوى اقتصادیة وهذا رأي قدیم منذ 2013، لعدة أسباب إذ لفترة تزید عن عقد كامل لم تستطع زین السودان تحویل مليم واحد من أرباحھا للمساھمین بالخارج، بسبب القیود المفروضة من بنك السودان علي تعاملات النقد الأجنبي، فأصبحت كل إیرادات زین بالعملة المحلیة المتدھورة باستمرار ،وتقدر دوائر اقتصادية كويتيه خساره زين من جراء انخفاض العمله السودانيه وتاثيراتها فى العشر اعوام الماضيه ب ١.٣ مليار دينار كويتى اى مايصل الى ٥ مليار دولار امريكى ، وازاء ذلك خلص الرأي الاستشاري لمجموعة الاتصالات المتنقلة (زین) بتحویل أرباح الشركة في السوق السوداني إلى استثمارات عقاریة في السودان، عبر الشركة الكویتیة القابضة، وذلك فى محاوله للحفاظ على قیمتھا من الانخفاض، نتیجة التذبذبات الحادة للجنيه السوداني مقابل الدولار الأمریكي .
3
السبب الرابع هو الضرائب المتصاعدة والمتنوعة التي تفرضھا السلطات السودانية علي شركات الاتصالات اذ بلغت ضريبة القيمة المضافة ٤٠ في المائة من دخل الشركات بأجمالي ضرائب متنوعة بلغت ٦٠ ٪ من عوائد الشركات .أدى ذلك إلى تراجع أرباح الشركة بصورة مخيفة، ففي العام الحالي وفي الربع الأول حققت زين عوائد تقدر ب18 مليون دولار فقط بينما كان في الربع الأول للعام 2016 حوالي مائة مليون دولار!
حتى تلك الأرباح كانت مجرد أرقام في الدفاتر من دون أدنى أثر في في تعظيم ارباح زين العالمية .أدى كل ذلك لتوقف استثمارات الشركة في تطویر شبكتها، رغم الزيادة الكبيره فى عدد مشتركيها الذي بلغ 17 ملیون مشترك، أضف لذلك تقییم كلي وأساسي، مفاده أن بیئة الاستثمار في السودان لم تعد مواتية للعمل، إذ ظلت الاستثمارات الكویتیة عرضة للاتهامات والمصادرة والمضايقه ووصل الامر فى نوفمبر ٢٠١٩ لاستدعاء بدر الخرافى ومحاوله فرض اداره مواليه للحاضنة الجديده التى شكلت حكومة حمدوك.
قال وزیر المالیة جبریل إبراهيم معلقاً علي قرار سیئة الذكر لجنة التمكین، إنه في الوقت الذي تبلغ فيه مديونية الكويت علي السودان 14 مليار دولار تصادر تلك اللجنة الغبية من الكویت أراض قیمتھا ستة ملايين دولار!! (جنون وعدم عرفة) إضافة إلى الاتھامات التي طالت زین نفسھا بأنھا تعمل في غسیل الأموال لتشويه سمعتھا، ومن ورائھا سمعة الكویتیین.
وصلت قضايا صلاح مناع المحاكم، وھو یواصل الاتھامات والشتائم لواحدة من أھم وأكبر الشركات الكویتیة التي تستثمر في السودان، والحكومة صامتة لا بل تدافع عنه.إضافة إلى النقد المستمر والشتائم للشركة في أغلب الاعلام السوداني، وبالذات السوشیال میدیا.. نعم لیس ھناك بیئة الآن مواتیة للاستثمار بأي من المعاییر الاقتصادیة أو السیاسیة أو حتي بمعاییر العلاقات السویة بین الدول، ذلك ما كان من موقف زین والدافع لمغادرتھا من الاستثمار في السودان.
في الحلقة المقبلة نتعرض لموقف شركة دال، وھدفھا من الاستحواذ علي شركة زین وشركائھا، إضافة لدور وتصریحات الفریق الفاتح عروة وموقفه من الصفقة، ونختم بمستقبلھا وموقف الاستثمارات الأجنبیة عموماً.
نواصل