رأي

صمود في العمالة 

 

عثمان جلال 

(1)

كانت شعارات ثورة ديسمبر 2018 عند قيادات تحالف قحت، تقدم ،صمود ، مجرد مساحيق خادعة للصعود إلى السلطة، وعندما انفض عنهم الثوار ، كانت الرافعة الثانية للبقاء في السلطة التحالف مع قيادة الجيش والدعم السريع وتمديد الفترة الانتقالية لخمسة عشر عاما كما فضحهم الهالك حميدتي ، بل كانت لهم القابلية للاصطفاف كحاضنة سياسية مدنية لنظام استبدادي جديد لولا ادراك قيادة الجيش ان هكذا سيناريو سيؤدي إما لحرب أهلية او تفكيك السودان لذلك فكت الارتباط معهم بعد قرارات 25 اكتوبر 2021م.

كانت الرافعة الثالثة للعودة الى السلطة الاتفاق الاطاريء ديسمبر 2022م ، وعندما فشلت في اقناع قيادة الجيش والتي رفعت شعار التوافق بين كل القوى السياسية شرط لادارة المرحلة الانتقالية لجأت إلى التحالف مع حميدتي للضغط على قيادة الجيش حتى تزعن على اتفاق تقسيم السلطة.

(2)

في كل هذه المراحل تكشف زهد قيادات تحالف قحت/ تقدم/ صمود في القوة الناعمة وهي الافكار والوعي والثوار والمجتمع كروافع لانجاز شعارات ثورة ديسمبر وصولا الى التحول الديمقراطي المستدام ، واستماتهم وراء القوة الصلبة وهي الجيش ومليشيا الدعم السريع.

أدى سلوك قيادات قحت المتهافت نحو السلطة إلى تعاظم دور المخطط الخارجي خاصة الاسرائيلي والاماراتي والذي كان ينزع الى وأد ثورة ديسمبر وذلك بإقصاء الثوار والمجتمع ، وعدم اثمار الثورة تحولا ديمقراطيا مستداما.

لان انجاز شعارات الثورة يعني تحقق ارادة وتطلعات المجتمع السوداني في الحكم والسياسة والاقتصاد والثقافة والنهضة بالتالي صعود السودان إلى دولة اقليمية كبرى، واغراء الشعوب العربية والافريقية على الثورة حذوا بالنموذج السوداني ، وهذا يتناقض مع مفهوم الأمن الاستراتيجي الاسرائيلي، ومع الأنظمة الاستبدادية في المحيط العربي والافريقي، والانظمة البرجوازية شبه الاقطاعية في الخليج العربي. ويتعارض مع طموحات المجرم محمد بن زايد للهيمنة مع مواردنا الاقتصادية والطبيعية والموانيء البحرية.

(3)

عندما زهد المخطط الاسرائيلي والاماراتي في تحقيق اجندته عبر قيادة الجيش السوداني لجأ إلى تشكيل التحالف التكتيكي بين قيادات قحت كحاضنة سياسية مدنية وبندقية مليشيا حميدتي للقضاء على الجيش في عملية عسكرية ساحقة ومباغتة، ومن ثم احلال الدعم السريع في وظيفة الجيش.ثم التخلص من قيادات تحالف تقدم، وتشييد نظام استبدادي وظيفي وسلالي بقيادة حميدتي وأسرته، كما حدث في السيناريو الفاشل يوم 15 ابريل 2023م.

بعد فشل الخطة (أ) استثمر المخطط الاسرائيلي والاماراتي في تحالف قيادات قحت وبندقية المجرم حميدتي لتنفيذ الخطة (ب) وهي تدمير البنية التحتية للدولة السودانية واشعال حرب الكل ضد الكل وتفكيك السودان إلى دويلات على أساس صراع الهويات القاتلة .

 

(4)

أدى تلاحم الشعب السوداني مع الجيش في معركة الكرامة إلى إبطال مخطط تمزيق الدولة السودانية

فما هي الخطة (ج) للتحالف الاسرائيلي والاماراتي؟

يدرك هذا التحالف الشرير ان انتصار إرادة الشعب والجيش السوداني الحتمي في معركة الكرامة يعني لحظة ميلاد انبعاث نهضة حضارية شاملة ركيزتها كل المجتمع السوداني لذلك لجأ إلى حيلة التفاوض لإعادة انتاج تحالف قيادات قحت ومليشيا حميدتي في الساحة السياسية الوطنية. عندما فشل ايضا في هذا المخطط، لجأ إلى حيلة الفصل الوهمي بين القوى الناعمة مجموعة صمود وذلك للاستمرار في الاستثمار السياسي المدني عن القوى الصلبة للتحالف مع توسعتها باستقطاب المرتزق الحلو وبعض النتوءات السياسية وذلك لتكوين حكومة موازية في ما يسمى مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع. إن هذه الخطوة التكتيكية هدفها حشد التأييد السياسي والدبلوماسي الإقليمي والدولي واعادة بناء قدرات مليشيا آل دقلو العسكرية للانقضاض على الدولة السودانية. ثم التخلص من الحلفاء في صمود والقوى التأسيسية، وفي حال تعذر هذا السيناريو تختزل الخطة في تشييد ذات الدولة الوظيفية في دارفور الكبرى وجزء من كردفان ولكن هيهات.

(5)

أثبتت قيادات القوى السياسية في تحوراتها من قحت إلى تقدم الى صمود انها لم تبارح محطة التبعية والصمود في العمالة والارتزاق للمخطط الاسرائيلي الاماراتي من متردم . لقد اكتسبوا مهارات التمثيل مهما كان الدور الذي تسنده لهم دراما التاريخ الكبرى ، فإن لم يكن هناك دور متاح سوى دور الوغد فهم على استعداد لقبوله عوضا عن البقاء خارج المسرحية. لقد خدعوا من قبل التاريخ فصاروا مغفلي التاريخ بتعبير حنة إرندت.

ان المعركة صفرية لصناع هذه الحرب في الخارج ،ورغم بشائر الانتصار إلا أنني اتوقع السيناريو الأسوأ وهو التدخل العسكري الاسرائيلي والإماراتي المباشر تحت واجهة الكيان الموازي الذي يتشكل حاليا في نيروبي، أو اغراء دول الجوار بالرشاوي لاسناد المليشيا عسكريا.

إن واجبنا الاستمرار في حالة التعبئة العامة والاستنفار واستنهاض كل المجتمع السوداني للقتال كتفا بكتف مع الجيش، وتنشيط العمليات العسكرية في دارفور وكردفان حتى تطهير كل ذرة تراب دنسته المليشيا الآثمة.

ان تلاحم واصطفاف القيادة والشعب والجيش مفتاح الانتصار في معركة الكرامة والشرف الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى