تقارير

ستارلينك.. معركة عالمية على الأراضي السودانية

تقرير – أمير عبدالماجد

 

ما الذي يجعل رجل الأعمال الكندي المولود في بريتوريا بجنوب أفريقيا والحاصل على الجنسية الأمريكية يترك كل أعماله ويتفرغ لمتابعة أخبار ستارلينك في السودان، والرجل مستثمر يملك استثمارات ضخمة وهو مهندس مخترع ورئيس تنفيذي لشركة سبيس إكس التي أسسها ونهض بها بالإضافة إلى إدارة شركاته الأخرى كتيسلا موتوز وغيرها. ما الذي يجعله مهتماً بقطع خدمة ستارلينك في السودان وحريصاً عليها.

 

إزالة خدمة

مناشدات عديدة بعضها حمل عناوين مباشرة إلى إيلون ماسك شخصياً باعتباره الشخص الذي يدير كل شيء في شركاته مع ذلك قالت الشركة إنها ستزيل خدماتها في السودان من خلال تقييد التجوال في المناطق غير المرخص بها، والمقصود هنا أن هذه الأجهزة تم شرائها وتفعيلها في مناطق مرخص لها ونقلت للعمل بمناطق أخرى غير مرخص لها لكن قبل أن نصل إلى محاولة الإجابة على سؤال لماذا تتمسك ستارلينك بإيقاف الخدمة عن السودان وماهي خدمة ستارلينك وكيف تعمل؟.

يقول وصفي الصفدي الخبير المتخصص في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إن ستارلينك هو في الواقع مجموعة أقمار إصطناعية صنعت من قبل شركة سبيس إكس لخدمات الإنترنت تعمل بالاشتراك مع أجهزة إرسال واستقبال أرضية لا تتداخل مع الشبكات المحلية وتخطيط الشركة أصلا مبني على تأسيس المشروع ثم بيعه ليستعمل في الأغراض العسكرية والعلمية والاستكشافية.

غير أن السؤال الذي يتبادر للأذهان هو ما الذي يجعل إيلون ماسك وشركته يتمسكون ويهتمون بإيقاف خدمة ستارلينك في السودان وماهي خلفيات ما يحدث؟ وقبلها كيف تدخل الأجهزة إلى السودان؟.

 

نشاط تجار

يقول ماثيو فيلان كبير مراسلي العلوم لموقع ديلي ميل إن تجاراً ينشطون في السوق السوداء يقومون بتسليم ستارلينك الخاص بإيلون ماسك إلى خصوم الولايات المتحدة بما في ذلك المتمردين المدعومين من روسيا في السودان، وأضاف (التجار في روسيا والإمارات العربية المتحدة يبيعون وعلى موقع eBay الآن مجموعات ستارلينك ويتم استخدام منتجات ستارلينك في غارات الطائرات بدون طيار التي تدعمها روسيا)، وأضاف (قامت شبكة ظل من تجار السوق السوداء بعضهم في الإمارات العربية المتحدة ببيع شبكة ستارلينك للمتمردين السودانيين (مليشيا الدعم السريع) والقوات الروسية في أوكرانيا) وتابع (إن التجارة السرية لأطباق الأقمار الصناعية التي صنعها إيلون ماسك والتي توفر الوصول إلى الإنترنت عريض النطاق في مدار أرضي منخفض (LEO) أدت إلى تمكين أعداء أمريكا في الخارج وفقاً لأعضاء الكونجرس الأمريكي والمخابرات الأوكرانية وسلسلة من التقارير الاستقصائية الجديدة وقد ساعدت شبكة ستارلينك المهربة المتشددين على تشغيل طائرات تجسس بدون طيار وتنسيق الهجمات في كل مكان بدءًا من الحروب الأهلية في اليمن والسودان إلى المناطق التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا، مثل دونيتسك وشبه جزيرة القرم). وقال (في شمال إفريقيا طلبت فاغنر المتحالفة مع مليشيا الدعم السريع المئات من محطات ستارلينك وفقاً لبائعي الطرف الثالث ومسؤولين عسكريين سودانيين، وكانت تقارير حديثة قد أشارت إلى إدعاءات رئيس المخابرات الأوكرانية الفريق كيريلو بودانوف في فبراير الماضي التي قال إن القوات الروسية قامت سراً بقرصنة أنظمة ستارلينك لفترة طويلة كما أشارت سلسلة من التقارير إلى أن القوات الروسية نجحت في الاستيلاء فعلاً على أجهزة ستارلينك، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن روسيا والجهات الفاعلة الأخرى وتحديداً فاغنر النشطة في السودان نجحت في الحصول على محطات ستارلينك من السوق السوداء واستخدمتها لأغراض عسكرية.

 

اتهامات عديدة

وعلى الرغم من مناشدات المسؤولين لايلون ماسك وشركته إلا أن العديد من هذه المحطات لا تزال نشطة حسبما ذكر المسؤولون، ويواجه ماسك اتهامات عديدة من مسؤولين أمريكيين ومن خبراء في الصناعة بأنه غير جاد في إيقاف عمل أجهزة ستارلينك المهربة، ويقول هؤلاء إنهم أوصلوا أصواتهم إلى الشركة لكنها لم تستجب. وكان رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية قد زعم أن القوات الروسية في أوكرانيا تستخدم الآلاف من محطات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، وقال اللفتنانت جنرال كيريلو بودانوف إن القوات الروسية تتواصل عبر ستارلينك منذ فترة طويلة، وكانت شركة سبيس إكس المالكة لأجهزة ستارلينك قد أكدت مراراً أنها تحتفظ بالحق في إنهاء الخدمة لأي محطات تم الحصول عليها وإساءة استخدامها بشكل غير مشروع لكنها فشلت في القيام بذلك عملياً كما أن الشركة التي تملك علاقات استثمارية وثيقة مع وزارة الدفاع الأمريكية ممنوعة من بيع ستارلينك إلى روسيا والصين.

ومعلوم أن شركة سبيس إكس تعمل مع وزارة الدفاع الأمريكية من أجل بناء قمر تجسس جديد أعلنت عنه رويترز قبل شهرين كما يرتبط الرجل بعقود حكومية أمريكية مع البنتاغون وغيره بأموال طائلة وصل بعضها إلى ما يقارب الملياري دولار مع مكتب الاستطلاع الوطني ( NRO).

 

ضغط أمريكي

إذن ماسك وشركته يواجهون ضغوطاً ليست بسبب ضوابط الشركة التي لاتسمح باستعمال منتجها في المناطق غير المرخصة بل بسبب ضغوط أوكرانية قوية جداً أشارت بوضوح إلى أن محطات ستارلينك تستعمل من قبل روسيا في الحرب الحالية وأن ماسك وشركته يعلمون أن فاغنر التي تعمل في السودان تشتري عبر السوق السوداء أجهزة ستارلينك وتهربها إلى السودان ليستعملها الدعم السريع في عملياته العسكرية.. الضغط الأوكراني أنتج ضغطاً أمريكيا على ماسك وشركته جعل الكونغرس يتحرك إذ تشكلت لجنة تحقق الآن في علاقة ستارلينك بروسيا وفاغنر.

وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخراً في سياق الحديث عن إعلان ماسك وشركته إيقاف محطات ستارلينك في السودان إلا أن سوقا سوداء إزدهرت في السودان على الرغم من أن استخدام المحطات غير مسموح به هناك، وذكرت الصحيفة أنه يتم تفعيل المحطات في دبي ومن ثم يتم شحنها إلى السودان عبر تشاد أو جنوب السودان، ووجدت الصحيفة أن مئات المحطات قد دخلت في أيدي قوات الدعم السريع.

 

لجنة تحقيق

إيلون ماسك رفض في وقت سابق مزاعم المخابرات العسكرية الأوكرانية بأن المحطات كانت تستخدم بشكل منهجي من قبل القوات الروسية في أوكرانيا وفاغنر في السودان، وعاد مؤخراً للقول عبر منصة إكس إنه لا يعلم أن أجهزة ستارلينك تم بيعها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى روسيا لكن وزير التحول الرقمي الأوكراني ميخائيلو فيدوروف قال بوضوح إننا عملنا مع ماسك وشركته من أجل معالجة المشكلة، في الوقت نفسه يضغط الديمقراطيون في الكونغرس على ماسك لاتخاذ إجراء قائلين إن الاستخدام العسكري الروسي للتكنولوجيا من المحتمل أن ينتهك العقوبات الأمريكية وضوابط التصدير، مشيرين إلى أن تجار التجزئة يعلنون في موسكو علناً عبر الإنترنت بيع هذه التكنولوجيا وفي بعض الأحيان يرتبطون مباشرة بالبائعين الأمريكيين على موقع eBay، ويتهم هؤلاء ماسك وشركته بعدم الجدية لأن ستارلينك تتمتع بالقدرة على تحديد الموقع الجغرافي للأجهزة لمنع استخدامها في البلدان غير المصرح لها فضلاً عن امتلاك القدرة على إيقاف تشغيل المحطات الفردية لكن البائعين في روسيا يقولون إن شبه جزيرة القرم والمناطق المحتلة في أوكرانيا لا تخضعان لهذه السيطرة.

في السياق السوداني لا يبدو أن الأمر منفصل عن السياق العالمي والصراع بين روسيا وامريكا والحرب بين روسيا وأوكرانيا التي أعلنت في وقت سابق إنها تطارد فاغنر في مناطق عديدة من بينها السودان.. ماسك يتعرض لضغوطات كبيرة من البنتاغون والحكومة والكونغرس الذي كون لجنة للتحقيق في الأمر لذا فاستارلينك في السودان له علاقة مباشرة بصراع الولايات المتحدة وروسيا على المستوى العالمي والقاري وبالصراع الروسي الأوكراني إذ تضغط أوكرانيا بقوة على الحكومة الامريكية من أجل عدم حصول الروس على أجهزة ستارلينك وعدم حصول فاغنر على هذه الأجهزة التي يتم شراؤها وتفعيلها في الإمارات قبل أن يتم تهريبها إلى السودان عبر منفذي تشاد وجنوب السودان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى