رفع سعر الدولار بالبنوك.. محاولات جذب النقد الأجنبي
تقرير – رحاب عبدالله
التسابق المحموم بين البنوك السودانية والسوق الموازي (الاسود) في رفع سعر صرف العملات الأجنبية، تسبب في أن تشهد أسعار الدولار ارتفاعاً كبيراً حيث تجاوز أعلى سعر بالبنوك حاجز ال1712 جنيها 1920 جنيها بالسوق الموازي.
تضييق الفجوة
وفيما برر مديري عموم بنوك رفع سعر الدولار لمحاولتهم جذب العملات من المواطنين بتضييق (فرق) الأسعار التي كانت لصالح السوق الموازي، الا ان مصدر مصرفي أكد في حديثه ل(الأحداث) أن البنوك تعاني من نقص حاد في موارد النقد الاجنبي لتلبية الاحتياجات الحكومية للصرف على مستلزمات الحرب المتزايدة وتغطية متطلبات الاستيراد للسلع الاستراتيجية من الوقود والأدوية والقمح، وأشار المصدر لتوجيهات صدرت من البنك المركزي للبنوك العاملة بضرورة استقطاب موارد نقد أجنبي لعدم وجود احتياطي كاف يغطي المتطلبات الحكومية لان العديد من المصدرين والشركات العاملة في مجال الصادر لم تورد عائد الصادر للبنك المركزي وهذا أدى لفقدان حصيلة عائدات الصادرات.
فقدان حصائل الصادر
وكان وزير تجارة والتموين الفاتح عبد الله يوسف أقر بفقدان الخزينة العامة مايفوق ال 700 مليون دولار من حصائل صادر خمسة ملايين رأس من الماشية لم تورد إلى بنك السودان المركزي حتى الان، لافتا إلى ان هنالك عملية أحجام في الوارد والصادر .
وتعمل البنوك السودانية على اللحاق بأسعار العملات في السوق الموازي بعد اندلاع الحرب، وشهدت أسعار الدولار والعملات الأجنبية قفزات متتالية، إذ كان سعر الدولار في بداية الحرب نحو 560 جنيهاً، لكنه ارتفع إلى أرقام قياسية بنسبة زيادة تجاوزت 339% في غضون أكثر من عام.
سياسة البنك المركزي
وبرر الخبير المصرفي مدير بنك الثروة الحيوانية السابق المدير العام للوكالة الوطنية لتمويل وتأمين الصادرات الأسبق أحمد بابكر حمور رفع بعض البنوك السودانية أسعار صرف العملات الاجنبية مقابل الجنيه السوداني، لمحاولتها تضييق الفجوة بين السوقين.
وأوضح حمور في حديثه ل(الأحداث) أن سياسة البنك المركزي الحالية تعطي البنوك الحق في التعامل بحرية مع أسعار العملات الأجنبية، مشيرا الى ان البنوك لا ترفع السعر في السوق الموازي وإنما هي محاولة منها لتضييق الفجوة بين السوقين وذلك للحصول على النقد الأجنبي لمقابلة إلتزاماتها المختلفة.
واكد حمور تضرر البنوك كغيرها من ارتفاع سعر العملات الأجنبية لما في ذلك من آثار سالبة على قيمة الأصول المملوكة لها ، لذلك أكد حمور أن البنوك ليس من مصلحتها زيادة سعر العملات الأجنبية وبالتالي هي لا تسعى إلى ذلك نسبة للطلب العالي على العملات الأجنبية في مقابل محدودية المعروض منها يؤدي باستمرار إلى ارتفاع أسعار هذه العملات.
ودعا حمور البنك المركزي للاجتهاد في تبني السياسات التي من شأنها الحد أو التقليل من الطلب والعمل على زيادة العرض والتي من أهم مصادره الصادرات و مدخرات المغتربين.
وتوقع حمور أن يصبح السودان بعد الحرب لأكبر سوق لمنتجات العالم واردف”من الإبرة إلى السيارة” بعد تحطم ونهب وحرق كل شيء، واكد ان ذلك يترتب عليه ارتفاع كبير في اسعار العملات الاجنبي،وشدد على ضرورة ترشيد الاستيراد وتشجيع وتسهيل الاستيراد عن طريق الدفع الاجل.
جذب تدفقات النقد الأجنبي
ورأى الخبير الاقتصادي د.محمد الناير تعديل سعر الصرف أمر طبيعي في ظل الظروف الراهنة ، وعزا ذلك لان سياسة بنك السودان من قبل الحرب تمنح البنوك حرية رفع سعر الصرف حسب المعطيات والمتطلبات وهذا ضرورة لجذب تدفقات من النقد الأجنبي ، لكن الناير نبه الى انه حال استمرت الفجوة بين البنوك والسوق الموازي كبيرة فلا يحقق رفع سعر الصرف الغرض المنشود ورهن تحقيق أهداف هذه السياسة في حال تساوي الاسعار بين القطاع الرسمي والسوق الموازي، وعدّها من شأنها جذب تدفقات النقد الاجنبي للقطاع المصرفي ، لافتا الى ان ذلك تحقق في فترة ما قبل الحرب حيث اصبح الإقبال على البنوك أكثر من التعامل مع السوق الموازي وذلك بسبب تساوي السعر ، غير ان الناير قال انه لازال هنالك فجوة موجودة ولكن القفزة التي حدثت في البنوك كان الدافع الأساسي لها كل عائدات الصادر تدخل البنوك وحينما يتم استبدالها بالعملة المحلية لابد أن تكون بمقابل مجزٍ للمصدرين.
مكاسب الصادر
وقال رئيس شعبة مصدري الصمغ العربي بالسودان أحمد العنان، في حديثه ل(الاحداث) “اذا كان رفع سعر الصرف في البنوك لردم الفجوة مع سعر السوق الموازي لمساعدة شركات الصادر في ارجاع حصائل الصادر ففي ذلك وجه أيجابي ،أما ان كان لتحفيز الصادر فهذا أمر سالب لأن كثير وأقول كثير وليس كل المصدرين يعتبرونه معين في تقليل التكلفة وبالتالي زيادة تنافسية السلع السودانية” ، غير ان العنان رأى ان الحقيقة وراء رفع الاسعار مدعاة لتنزيل اسعار الصادر في الخارج مما يفقد البلد عملة صعبة.
المغتربين ..فرس رهان
وفيما يعول كثيرون على تحويلات المغتربين في حصول السودان على نقد اجنبي ، الا ان الخبير المصرفي وليد دليل اشار الى ان معظم المغتربين تضاءلت مدخراتهم بسبب الحرب القائمة في السودان ، لذلك يرى ان لا يعول عليهم في اعادة البناء، ولكنه اشار لامكانية مساهمتهم في توريد سيارات بدل التي نهبت ، كما يمكنهم المحافظة على سعر الجنيه من التدهور إذا اتخذت الحكومة اجراءات تشجيعية كما فعلت في حرب الخليج بالسماح للمغتربين بتوريد سيارة واحدة فقط معفية من الجمارك او بتخفيض جمركي مقبول للمغتربين ،وتوقع تدفق السيارات من الخليج للسودان لتعويض المهرب منها في هذه الحرب ، لافتا الى ان المرحلة الثانية دعم الزراعة من آليات ومدخلات للزراعة وعمل اعفاء او تخفيض جمركي يساهم في زيادة المنتجات الزراعية ويساهم في اعادة بناء القطاع الزراعي
ومحاولة اعادة المستثمرين مثل الراجحي للسودان مع منحه بعض الامتيازات، والاهتمام بالقطاع الحيواني وخصوصا إعادة تأهيل المسالخ وزيادة تصدير اللحوم ومشتقاتها وفتح اسواق جديدة باتفاقيات مع الدول المستهلكة في المحيط العربي والأفريقي، فضلا عن اعادة السياسات والخطط فيما يتعلق بالتعدين وتصدير خام الذهب ، بالاضافة الى منح المصانع المتضررة إعفاءات بنكية وضريبية وجمركية تساعد في اعادة تشغيلها.