دمج وزارات حكومة الأمل السودانية.. (حكومة ذكية) أم عبء إداري؟

عمرو خان
*مع تصاعد التحديات التي تواجه السودان في مرحلة ما بعد الحرب، ووسط طموحات إعادة بناء الدولة، برزت حكومة الأمل كواحدة من المبادرات السياسية التي تسعى لإرساء قواعد الحكم الرشيد وتحقيق الكفاءة المؤسسية
*ومن بين الإجراءات الجاري تنفيذها على طاولة الإصلاح، يبرز موضوع دمج الوزارات كإحدى الخطوات التنظيمية ذات البعد الاستراتيجي، التي تهدف إلى تقليص الهياكل البيروقراطية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المحدودة.
الهدف من الدمج: ترشيد لا تبسيط:
*يُفترض أن عملية دمج الوزارات في حكومة الأمل لا تأتي فقط بدافع الترشيد المالي أو تقليص النفقات، بل تنبع من رؤية لإعادة تعريف الوظائف الأساسية للدولة، وضمان تكامل السياسات العامة بين القطاعات المتداخلة مثل التعليم العالي والبحث العلمي، الزراعة والموارد الطبيعية، أو الإعلام والثقافة. الدمج هنا يُفترض أن ينتقل من مجرد (تجميع ميكانيكي) إلى (هندسة مؤسسية)، تؤسس لعمل أكثر انسيابية وكفاءة.
الفرص: مواجهة التشظي الإداري وتداخل الصلاحيات:
*السودان، كغيره من الدول التي مرت بمراحل انتقالية، يعاني من ظاهرة التشظي المؤسسي، حيث تتداخل صلاحيات الوزارات، وتتعدد مراكز اتخاذ القرار، ويضيع المواطن بين الجهات المختلفة.
*ويوفر الدمج فرصة حقيقية لتوحيد الرؤية، وتفعيل التخطيط المشترك، وتحقيق أهداف تنموية متجانسة على مستوى الدولة، كما أن وجود وزارات موحدة قد يسهل التنسيق مع الشركاء الدوليين والداعمين.
التحديات: صراع النفوذ وضبابية الهيكلة:
*لكن الدمج لا يخلو من المخاطر، أهمها صراع المصالح بين القوى السياسية التي اعتادت اقتسام الحقائب كأدوات للتمثيل والتفاوض، مما قد يجعل الدمج يواجه مقاومة مبطنة، إضافة إلى ذلك، قد يؤدي الدمج غير المدروس إلى زيادة الغموض المؤسسي بدلاً من تقليله، إذا لم تصاحبه مراجعة دقيقة للمهام، وبناء هيكل إداري متماسك وواضح، وتدريب الموظفين على مهامهم الجديدة.
نظرة إلى المستقبل: من الدمج إلى الحوكمة الذكية:
*إذا نجحت حكومة الأمل في تحويل الدمج من خطوة بيروقراطية إلى مسار إصلاحي، فقد يكون ذلك مقدمة لما يسمى بـ(الحوكمة الذكية), حيث تُدار الدولة بأقل عدد من المؤسسات، ولكن بأعلى كفاءة ممكنة، مدعومة بالتقنيات الرقمية، ومرتكزة على معايير الشفافية والمساءلة.
*وهنا يمكن لوزارة مثل (التنمية الرقمية والحوكمة) أن تحل محل عدة وزارات تقليدية، وتكون بمثابة محرك الدولة الحديثة.
*إن مستقبل دمج الوزارات في حكومة الأمل السودانية مرهون بقدرة هذه الحكومة على فرض منطق الإصلاح فوق منطق المحاصصة، وعلى تحويل الشعارات إلى نظم إدارية فعالة.
*فالسؤال ليس فقط: ما هو مستقبل الوزارات المدمجة ؟ بل: ما شكل الدولة التي نريدها بعد هذا الدمج؟.
نقلا عن “أصداء سودانية”



