رأي

خسروا… وماتوا سمبلا !.

فيما أرى

عادل الباز

1
أكره صور القتلى والدماء والأشلاء ( الحرب كلها كره لنا) حتى لمن أعتبرهم أعداءً وخونة يستحقون الموت، هذه مشاعر شخصية، لكن كلما رأيت أكوام الجثث التي تفيض بها الميديا من هلكى الأعداء، ضج ذهني بعدة أسئلة… لماذا يقاتل هؤلاء؟ ما غرضهم؟ ما هي الأهداف التي يسعون إليها أو ما هي القيم التي يدافعون عنها؟
وتتولد أسئلة أخرى: إذا كان هؤلاء البسطاء الجهلاء يُدفع بهم من قبل آل دقلو لتشييد مملكة العطاوة، فما بال الكفلاء الذين يدفعون بجهلاء آل دقلو أنفسهم لتنفيذ أجنداتهم؟ ألم يدرك ال دقلو حتى الآن أن مشروعهم وانقلابهم ومؤامراتهم قد فشلت؟ ألم يصل الكفلاء إلى نتيجة واضحة لكل غبيٍّ أن مشروع السيطرة على السودان قد سقط وانتهى يوم أن فشل انقلابهم في 15 أبريل 2023؟ كيف؟ سنوضح الأمر.
2
للأسف، ليس لهؤلاء الأوباش المساكين مشروع سياسي، أو ديني يقاتلون لأجله. هؤلاء البسطاء دُفعوا للمحرقة حين سوّقوا لهم مشروعاً سياسياً ذو شقين:
الشق الأول: حلم دولة العطاوة التي تجمع عرب الشتات وتؤسس مملكتهم في أرض السودان. وهؤلاء المخدوعين جُلبوا من الصحارى إلى “جنة المأوى” (همج رمت بهم الصحارى إلى جنة المأوى)، مطاردين أحلامهم على صهوة تلك الأوهام. والمثير للاستغراب أن هؤلاء، بعد أن انكشف لهم أن تلك محض اوهام لا أساس لها، لا يزالون يقاتلون من أجل سراب الأحلام!
الشق الثاني أو الغطاء الآخر: هناك دولة تسمى “دولة 56” وجب قتالها وهم لا يعرفونها ولم يسمعوا بها، ولا شأن لهم بحقيقتها وتفاصيلها، ولا يفهمون تنظيرات سدنتها. ورغم ذلك، تنطق بها ألسنتهم دون أن تدخل عقولهم أو تستقر في وعيهم من فرط جهلهم. يا لهم من مساكين يحاربون مجهولاً لا يعرفونه!
وطبعاً، لا أرغب في الحديث عن قصص “ديمقراطية الضر” التي سيجلبونها لنا وحقوق الإنسان التي سننعم بها في مملكة آل دقلو، والتي رأينا نماذجها خلال هذه الحرب. فدولة كفيلهم تحظى بالنموذج الباهر المطبق هناك! لن أحدثكم عن تلك القيم التي حولوها إلى مسخرة.
3
هناك من سوّق لهم أنهم في حرب ضد “الفيلول” أو “الكِيزان” (بكسر الكاف)، وهم لا يعرفون من هم “الفيلول” ومن هم “الكِيزان” (بكسر الكاف مجدداً)، ولكن عليهم محاربتهم. ولو كانوا يعرفونهم لوجدوا أن هؤلاء “الفلول” و”الكِيزان” في قيادتهم وبين صفوفهم!
السؤال الأهم: لماذا يحارب هؤلاء المساكين الفيلول؟ ماذا فعلوا لهم؟ ما أصل غبينتهم مع الفلول؟ هل غزوهم في ديارهم؟ هل نهبوا أموالهم واستحوا نساءهم؟ هل انتزعوا منهم سلطة كانت بين أيديهم؟ ما الذي بينهم وبين الفلول؟ هل هم مختلفون معهم دينياً؟ ترى على أي دين هم، سوى دين النهب والشفشفة؟!
مساكين، لا يمكنهم الإجابة على أيٍّ من تلك الأسئلة، ولا يعرفون أنهم مجرد أدوات رخيصة تُستخدم لتنفيذ أجندة الآخرين، ليحاربوا لهم حربهم وينفذوا مشاريعهم. وفي ذلك، يستوي آل دقلو مع هؤلاء الأوباش المساكين، فهم جميعاً موظفون في حرب لا تخصهم، ولا يعرفون أن محرقتها ستقودهم إلى سقر ما ادرك ما هى.
5
لابد أن آل دقلو قد اقتنعوا الآن أن أحلام مملكتهم ذهبت هباءً، وأن أقصى أمانيهم الآن هو أن يعودوا إلى ما كانوا عليه، ليواصلوا النهب (المُصلّح) من موارد السودان التي كانت تدر عليهم مليارات الدولارات سنويا ، فأصبحوا بفضلها أغنى أغنياء أفريقيا. سبحان الله، لعنة الله على الطمع!
لأجل تلك العودة، الآن يهرولون إلى المؤتمرات متمنين أي صفقة أو اتفاق يوقف الحرب ويحافظ لهم على ما تبقى من ثروة، ولعله يمنحهم شيئاً من السلطة، حتى لو كانت محلية في دارفور! رغم أنهم يسيطرون الآن مؤقتاً على أربع ولايات منها، إلا أنهم يعرفون أن الجيش وجحافل القوات المشتركة يزحفون عليهم الآن، وكلها مسألة وقت حتى تدفن مملكتهم في باطن الأرض مع أجسادهم!
لابد أن الكفلاء وممولي الحرب ومشعليها، أولئك الذين يسميهم أمجد فريد “جوقة الوضعاء”، يدركون الآن تماماً أن خطتهم للاستيلاء على السلطة ومقدرات البلاد قد فشلت، ولم يحققوا أيًّا من أهدافهم. إذن، لماذا هم مستمرون فيها؟ هل بإمكانهم الآن الاستيلاء على السلطة عن طريق الحرب؟ هل بإمكانهم الاستثمار أو الاستيلاء على مشاريع أو موانئ أو ذهب في السودان بعد أن فشلوا في كسب الحرب؟
هل بإمكانهم الآن هزيمة الإسلاميين أو الإسلام السياسي، العدو اللدود بحسب الشعار المرفوع والممجوج؟! الآن، إذا كانت الثورة قد أسقطت حكم الإسلاميين قبل خمس سنوات، فإن الحرب أعادتهم إلى أحضان الشعب، متوجين كأبطال مدافعين عن شرفه وكرامته.
كل أهداف آل دقلو والكفلاء من الحرب التي أشعلوها تحولت لرماد، كل أحلامهم في السيطرة على السلطة ومقدرات السودان تلاشت، ولم يكسب منها الذين أشعلوها وجوقة الوضعاء الطامحين إلى السلطة شيئاً. لقد كسبها “الشفشافة” و”الكسيبة”، ودفع ثمنها البسطاء الذين زُجَّ بهم في أتون معركة لا يعرفون لها هدفاً ولا غاية، وماتوا فيها سمبلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى