تقارير

حملة دولية واسعة تستهدف النفوذ الاقتصادي للإمارات: مقاطعة واستثمار وعقوبات لكبح “الهيمنة الصامتة”

لندن – وحدة التحقيقات الدولية
أطلقت مجموعة من الشبكات الحقوقية والاقتصادية العالمية حملة جديدة تحمل اسم المبادرة الدولية لمقاطعة الإمارات (Boycott UAE)، في خطوة وُصفت بأنها واحدة من أوسع التحركات المنظمة لمساءلة القوة المالية الإماراتية خارج حدودها خلال العقد الأخير.
وتقول الحملة إنها تهدف إلى تفكيك منظومة النفوذ الإماراتي المتنامي في أسواق حساسة حول العالم، من خلال التركيز على شبكات الشركات وصناديق الاستثمار والمجموعات القابضة المرتبطة بأبوظبي ودبي، والتي باتت – بحسب الحملة – تلعب دورًا مؤثرًا في إعادة تشكيل قطاعات الطاقة، الموانئ، الأمن السيبراني، التعدين، الذكاء الاصطناعي، والقطاع اللوجستي العالمي.
وتستند الحملة إلى أدوات المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات (BDS) في سعيها نحو “تصحيح الاختلالات الناتجة عن تمدّد النفوذ المالي الإماراتي دون معايير كافية من الشفافية والمحاسبة”.
خلفية: من لاعب إقليمي إلى قوة مالية عالمية

خلال العقدين الماضيين، تحوّلت الإمارات من اقتصاد خليجي يعتمد على التجارة والطيران إلى واحد من أكبر المستثمرين السياديين في العالم؛ إذ يتجاوز حجم الأصول التي تديرها الصناديق الإماراتية – مثل “مبادلة”، “أديا”، “القابضة ADQ”، و“دبي القابضة” – حاجز تريليون دولار.
واعتمدت الإمارات على استراتيجية “التوسع عبر الاستحواذ” في أسواق رئيسية مثل:
•الموانئ وإدارة المرافئ (موانئ دبي العالمية في أفريقيا وآسيا وأوروبا)
•الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري (مصدر، أدنوك، الاستحواذ على حصص في حقول عالمية)
•الطيران والسياحة (طيران الإمارات، الاتحاد للطيران)
•التكنولوجيا والأمن السيبراني (شركات مرتبطة بـG42 وPresight وAIQ)
•قطاع المعادن والخدمات اللوجستية والبنية التحتية
وتحذر الحملة من أن هذا التوسع “ليس اقتصاديًا فقط، بل يحمل أبعادًا سياسية وأمنية تتجاوز حدود الاستثمار التقليدي”.
تحليل اقتصادي: لماذا يتخوّف
العالم من النفوذ الإماراتي؟

يرى خبراء الاقتصاد أن القلق الدولي لا ينبع من حجم الاستثمارات وحده، بل من طبيعتها وآليات إدارتها. يمكن تلخيص أبرز نقاط التحليل في ثلاثة محاور:
1. الاحتكار والاستحواذ على قطاعات استراتيجية
تركّز الإمارات على شراء حصص مسيطرة في:
•موانئ بحرية
•خطوط نقل الطاقة
•شركات الأمن السيبراني
•موارد طبيعية مثل الذهب والنحاس والليثيوم
مما يمنحها قدرة على التأثير في سلاسل الإمداد العالمية، وهي نقطة هشاشة حساسة في الاقتصاد الحديث.
2. غياب معايير الإفصاح والشفافية
تصنف عدة مؤسسات رقابية أن:
•الصناديق السيادية الإماراتية لا تكشف بالكامل عن استثماراتها
•بعض الشركات تعمل من خلال “شبكات ملكية معقدة”
•التدقيق المحاسبي يخضع لرقابة حكومية المركزية
الأمر الذي يثير مخاوف من الاستخدام السياسي لرأس المال.
3. تأثير على المنافسة العالمية
يشير محللون إلى أن دخول رأس المال الإماراتي بكثافة في أسواق ناشئة قد يؤدي إلى:
•إقصاء المنافسين المحليين
•اعتماد حكومات على تمويل إماراتي طويل المدى
•تحويل أسواق بأكملها إلى دائرة نفوذ اقتصادي سياسي
وهو ما يصفه اقتصاديون بأنه “هيمنة ناعمة ولكن شاملة”.
تحليل سياسي: لماذا تتصاعد الحملة الآن؟

تتزامن المبادرة مع تحولات سياسية عميقة أعادت تسليط الضوء على الدور الإماراتي في ملفات إقليمية شائكة، منها:
1. النفوذ الجيوسياسي في القرن الأفريقي
الاتهامات المتعلقة بدور الإمارات في:
•الحرب في السودان
•دعم جماعات مسلحة في ليبيا
•إنشاء ممرات لوجستية عبر البحر الأحمر
•تمويل شبكات أمنية في القرن الأفريقي
دفعت عددًا من المؤسسات الحقوقية للمطالبة بآليات محاسبة دولية.
2. الحرب على النفوذ داخل البيت الأبيض
مع تغير السياسات الأميركية في عهد إدارة ترامب الثانية، أصبحت المنافسة بين السعودية والإمارات في واشنطن جزءًا من معادلة الصراع في السودان واليمن والبحر الأحمر، مما جعل نشاط الشركات الإماراتية يخضع لتدقيق أكبر.
3. مخاوف أوروبية من تمدّد نفوذ “رأس المال السياسي”
في دول مثل فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، وإيطاليا، بدأ برلمانيون وخبراء اقتصاد يناقشون:
•حجم السيطرة الإماراتية على أصول استراتيجية
•العلاقة بين الاستثمارات والنفوذ السياسي
•تأثير الأموال الخليجية على صناعة القرار الأوروبي
وهذا ما وفّر بيئة مناسبة لولادة حملة Boycott UAE.
آليات عمل الحملة القادمة

وفق المعلومات التي أدلت بها مصادر داخل الحملة، فإن الخطوات المتوقعة تشمل:
•إصدار تقارير تحقيقية فصلية حول الشركات المرتبطة بالإمارات
•إطلاق قاعدة بيانات مفتوحة حول ملكيات الشركات والاستثمارات
•الضغط على الجامعات والمؤسسات الكبرى لسحب استثماراتها من صناديق إماراتية
•تنظيم حملات توعية حول “أخلاقيات الاستثمارات السيادية”
•التعاون مع برلمانات غربية لاقتراح تشريعات تخصّ مراقبة رأس المال الأجنبي
ويُتوقَّع أن تستهدف الحملة في مراحلها الأولى:
•شركات التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
•شركات المعادن والموارد الطبيعية
•صناديق الاستثمار الحكومي
•موانئ دبي العالمية ومشاريعها في أفريقيا وآسيا
قراءة مستقبلية: هل ستنجح الحملة؟

يرى محللون أن الحملة تواجه تحديات كبيرة نظرًا لـ:
•تشابك المصالح الاقتصادية مع أوروبا والولايات المتحدة
•قوة التمويل الإماراتي وقدرته على مواجهة الضغوط
•اعتماد حكومات كثيرة على الاستثمارات الإماراتية
لكن في المقابل، فإن تغير المزاج الدولي تجاه النفوذ المالي غير الشفاف قد يخلق بيئة تسمح للحملة بتسجيل اختراقات تدريجية، خاصة في:
•الجامعات الغربية
•صناديق التقاعد
•منظمات حقوق الإنسان
•اتحادات العمال
•بعض البرلمانات الأوروبية
ويُرجّح أن يتحول الملف إلى نقطة اشتباك جيوسياسي واقتصادي بين القوى الكبرى خلال السنوات القادمة، خصوصًا مع تصاعد المنافسة في مجالات التكنولوجيا والموانئ والطاقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى