رأي

توّجِوه رجلا للعام أحمد عثمان : المعافرة وخوض الغمار

عبد العزيز عبد الوهاب

ما أقى سى الوظيفة ، بل ما أقسى الحياة حين تكون ( مرتعا) للتلظي من وطأة البعوض ، ضنًى وضنك ممضّ نهارا لا ينقطع، إلى ليل لا يكفّ عن العضعيض والطنين .

حياة ليس فيها ما يلذّ أو يثير المصارين ، فدويّ المدافع على أشده وتدافع المواجع لا يهدأ ، هلع و رعب ، وحل وطين ، نمل وقمل ، كلاب سعرانة ، دموع وجوع ، جثث وأشلاء ، شقاء وعناء  لايقاس لرجل ؛ لا أعرف له نسبا ولا حسبًا .

كما لم أقرأ في سود الصحف أو صفراواتها أنه امتلك دورا تجري من تحتها أو فوقها حمائم أو مغانم ، أو أنه حشر في قفص القطط ، جليلها أو دقيقها .

رجل ( فقران ) يعزّ عليه إنجاز ( تشطيب بيت) فما ظنك لو كان المطلوب منه وهو (الفلسان) ، إعادة بناء ما تردّى من مبان ومعان وذكريات ؟

في ظرف كهذا ؛  يتبدد فيه الأمل  ، يستحيل العمل ، فالمثبطات حضور كلها ، وليس ثمة ما يحفز على تحقيق اختراق مباشر أو غيره في كمّ الملفات العويصة الموضوعة أمام تربيزة الرجل إن كان ثمة تربيزة أو حتى مكتب !

لكن الرجل الذي لم يكن يتولى أمر سوى قلة قليلة من القابضين على جمر البقاء ولم يعد يحكم من الولاية الحدادي مدادي سوى شارع واحد بعرض لا يزيد على عشرين مترا ، لم يقنط ، لم ينكسر .

بل بدأ من بعيد ، من تحت الركام ، يعافر ، يخوض الغمار بدأب وعرق تحول مع الأيام إلى فرح حين رأى ثمار سهره تؤتي ، مسترشدا بحكمة ملهم الهند العظيمة المهاتما غاندي :

(في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر)

والآن …

لأصحاب المطابع :

أوقفوا موسيقى تروس مكناتكم لتضيفوا إلى مطبوعاتكم منجزات الرجل في ولاية الخرطوم التي عادت عينا بعد أثر

لأصحاب الأقلام والأحبار :

اكتبوا شعرا ونثرا وارسموا على حائط المدن ما يذكّر الدنيا بخرطوم الصمود التي تأبى أن تندثر .

رجاءً:

لا تجعلوا للرجل تمثالا يثير الجدل ويفتح أبواب اللت والعجن ، فلا وقت لهذا ..

كما أن الرجل لا يزال من الغمار يفطر بالبوش ويتغدى بالملوخية ، يسابق للمقابر ويزور أهل اللطائف والمآثر ، لا يتكلف ولا يتعنف كما يبدو لي أو هكذا أحسبه ولا نزكيه على الله .

أحمد عثمان حمزة : تنعدل عليك محل ما تقبّل يا حبيب القسا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى