تزوير العملة الوطنية.. تدمير الاقتصاد
تقرير – رحاب عبدالله
المؤكد أن ظاهرة تزوير وتزييف العملة بالسودان والتي ازدادت وتيرتها في ظل ظروف الحرب الحالية، باتت قضية أمنية وجنائية تؤرق الجميع وتهدد الاقتصاد القومي بصورة كبيرة.
خطورة الأمر تزايدت في أعقاب تصريحات لمدير مكتب الشركة السودانية للموارد المعدنية بالولاية الشمالية عبدالرحمن محجوب النضيف كشف فيها عن ظهور فئات من المبالغ النقدية المزيفة داخل أسواق التعدين المنتشرة على مستوى محليات الولاية والبالغ عددها (11) سوقاً، والخطورة تأتي من كون أن قطاع التعدين يعتبر من أكثر القطاعات التي تستوعب تدفقات نقدية كبيرة مما يستدعي معالجة مشاكل العملة المزيفة والمحافظة على موارد التعدين.
مهددات تزوير العملة:
يقول الخبير المالي والاقتصادي د. علي الله عبدالرازق إن العملة المزورة (المزيفة) يعتبر نشاطاً غير قانونياً وفقاً للقانون الجنائي السوداني، وتشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد الوطني، وقطع بأن التعرف على العملات المزورة أمر بالغ الأهمية لتأثيراتها على الجوانب الاقتصادية في ظروف السودان الماثلة.
خطورة تداول العملات المزورة:
وأكد الخبير الاقتصادي هيثم فتحي خطورة ظاهرة تزوير العملة على الاقتصاد الوطني، وقال في حديثه ل(الأحداث) إن من أشد وسائل التدمير الاقتصادي وحروب البقاء تزوير النقود وإغراق البلاد بها، مضيفاً أن حروب تزوير العملة تدمير لقيمة كل شيء.
فيما قطع الخبير الاقتصادي د.على الله عبدالرازق، في حديثه ل(الاحداث)، بأن تداول العملات المزورة (المزيفة) بكثافة في السودان يؤثر على إمكانية الحكومة من خلال إنفاق موارد إضافية لاكتشاف ومنع هذه العملات المزورة، بالإضافة لفقدان الحكومة لإيرادات لتجنب الضرائب و الالتزامات المالية الأخرى.
اكتشاف تزييف العملة:
وأوضح هيثم فتحي أن تزييف العملة غالباً ما يكتشفه الجمهور والقطاع المصرفي والبنك المركزي، مضيفاً أن ما يشجع تزوير العملة انخفاض السيولة وشح النقود الذي يعمل على إغراء العصابات على تلبية طلب السوق المتعطش للعملة المحلية بعملات مزورة.
وانتقد فتحي سهولة امتلاك الأفراد آلات الطباعة بشكل طبيعي دون قيود، وعدّه سبب رئيسي لانتشار التزوير مع الاعتماد على تقنيات عالية في التزييف يصعب ملاحقتها بالوسائل التقليدية،
فضلاً عن وجود رغبات في تحقيق مكاسب مالية وثراء سريع عبر استغلال الأزمة الاقتصادية، بشكل سهل رغم مخالفة القانون.
وشدد فتحي على ضرورة تعزيز الرقابة على الأسواق لمواجهة هذه الظاهرة التي تعدّ جريمة في حق الاقتصاد الوطني وتغليظ العقوبة، مع تقليل الاعتماد على التداول اليدوي، والتوسع في نظام المدفوعات الإلكترونية.
التزوير في مناطق التعدين:
وفيما انتشرت العملات المزورة في مناطق التعدين، رأى عبدالرازق أن انتشار وتفشي هذه الظاهرة في مناطق الإنتاج الحساسة كالتعدين، له تأثيره المتعاظم على أداء المؤشرات الاقتصادية، ومما لاشك فيه فبإمكان هذه الظاهرة أن تؤدي إلى انخفاض فى قيمة العملة الوطنية، هذا فضلاً عن فقدان الثقة في النظام المالي بكافة مؤسساته، بالتالي تؤدي إلى ارتفاع في معدلات التضخم وذلك بزيادة المعروض من حجم الكتلة النقدية ومن ثم ينعكس ذلك في ارتفاع مستويات الأسعار، يضاف إلى ذلك أن استخدام العملات المزورة والمزيفة بكميات كبيرة له عواقب وخيمة، منها الإضرار بسمعة الأفراد والمؤسسات، لأن التماهي مع ظاهرة العملة المزورة المنتشرة هذه الأيام يعتبر مشكلة خطيرة، تتطلب الاهتمام َواليقظة، منوهاً إلى تأثير هذه العملات المزورة على القدرة الشرائية، بجانب التأثير من خلال انخفاض الثقة في تعاملات الاقتصاد المحلي، من خلال أثرها على خسارة إيرادات الشركات العاملة.
بالمقابل أمن هيثم فتحي على أن أزمة السيولة تعتبر أحد الأسباب المشجعة، ويرى أن ظهور عملات مزورة في الوقت الراهن الذي يعيشه السودان رغم عدم أزمة سيولة واضحة لا يعدو أن يكون تراجعاً في معدلات الشراء والبيع، أي نتيجة تدني القدرة الشرائية لقطاعات واسعة، انعكاساً للأزمة الاقتصادية.
كيفية محاربة التزوير:
ولمنع العملات المزورة من الانتشار أكد علي الله عبدالرازق أنه ينبغي على السلطات الاستثمار في التدابير الأمنية مثل تكثيف أجهزة الكشف، وتبني برامج التدريب المتقدمة، وحملات التوعية العامة، فضلاً عن ضرورة اعتماد أنظمة الدفع غير النقدية، مما يقلل من تداول العملات المزورة، مضيفاً أنه ينبغي على السلطات النقدية “بنك السودان المركزي” تبنى العديد من التقنيات التي يمكن استخدامها لمنع انتشار العملات المزورة، مثل تقنية RFID و تقنية Blockchain, وغيرها من التقنيات الحديثة.
وشدد عبدالرازق على ضرورة تطبيق مواد القانون بحزم، ورأى أن إنفاذ النظام القانوني أمر في غاية الأهمية.