(تحيا مصر) ( عبر المواقف والتاريخ)
أبوبكر الشريف التجاني
قال الشاعر: إذا أراد الله نشر فضيلة طويت ** اتاح لها لسان حسود ** فلولا إشتعال
النار فيما جاورت ** ماكان يعرف طيب عرق العود .
عندما اشتعلت نار الحرب
في بلادنا السودان عرفنا
وشممنا طيب عرق العود
في مصر المحروسة ، عرفنا
وشممنا طيب عرق العود في
مصر أم الدنيا ، عرفنا وشممنا
طيب عرق العود في أرض الكنانة والأصالة . أرض أقدم
حضارة عرفها الإنسان. إنسان
مصر هو إنسان الدنيا الأول،
الذي وجد مع الأرض والسماء
والشمس والقمر والنجوم
والجبال والحجار والبحار والأنهار والأمطار والهواء
والماء ، إنها الطبيعة والفطرة
السليمة قبل أن تلوث بيد
الخيانة والغدر. وكأنما الدنيا
ولدت وبدأت من أرض وادي
النيل العظيم ، الذي راءه رسول الله صلى الله عليه
وسلم من فوق سبع سماوات
في اعظم آية عجز عنها أهل
السماوات والأرض. قصة الإسراء والمعراج ( النيل والفرات نهران من الجنة ) هذه إشارة وشهادة من سيد
المرسلين وخاتم النبيين تدل
على عظمة النيل وعظمة الإنسان الذي وجد على ضفاف وادي النيل العظيم.
أهل مصر وأرض مصر هم
أصل الحضارة الإنسانية. أهل
مصر وأرض مصر هم التاريخ
العظيم. إذا كان الناس معادن،
خيارهم في الجاهلية وخيارهم في الإسلام إذا فقهوا. فإن أهل مصر هم خيار الناس في الإسلام عبر
التاريخ الطويل. أهل مصر هم
معادن الناس التي لا تصدا ولا
تتغير بعوامل الزمان والمكان،
تحيا مصر عبر المواقف والتاريخ الطويل . مصر
كلها مواقف تثبت جدارتها
واصالتها إنها أم الدنيا إنها
رجل المهمات الصعبة عندما
يقع القدر بالأمة الاسلامية
سطر لها التاريخ الاسلامي
وشهد لها بذلك عبر التاريخ.
أهل مصر هم الخير والبركة
للأمة الإسلامية هم الطور
العظيم .أرض مصر هي الوادي المقدس ، أرض مصر
هي أرض المناجاة . أرض مصر وأهل مصر هم اخوال
سيدنا إبراهيم بن سيدنا رسول الله الذي من أجله
دمعت عينا رسول الله لفراقه
( إن بفراقك ياابراهيم لمحزونون ). قد أحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم أهل
مصر وستوصى بهم خيرا. عندما أوفد رسول الله رسوله
إلى ملك مصر المقوقس يدعوه إلى الإسلام ، فقابله المقوس قبولا طيبا ثم رده
ردا طيبا. فرجع رسول رسول
الله بجاريتين هدية من ملك
مصر إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم. فستبشر
رسول الله صلى الله عليه
وسلم بذلك خيرا.فكانت إحدى الجاريتين هي السيدة
ماريا القبطية، فتسرى بها رسول الله فانجبت له إبنا سماه رسول الله إبراهيم تيمنا
بجده إبراهيم الخليل عليه
السلام الذي تسرى بالسيدة
هاجر من القبط فانجبت له
إسماعيل عليه السلام. فكان
رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول مفتخرا حامدا
وشاكرا انا ابن الزبيحين
يعني والده عبدالله وإسماعيل عليه السلام. ثم
أهدى الجارية الاخرى لشاعره
حسان بن ثابت وهي السيدة
سيرين رضي الله عنهم جميعا. هي أرض مصر هم
أهل مصر. ألم أقل لكم إنها
أرض غير عادية. لم يكن شعب مصر شعب عادي ،
عرفوا كيف ينتسبون إلى
رسول الله ثم يجعلون من
ارحامهم بضعة طاهرة من
رسول الله بإبنه إبراهيم الذي
دمعت له عينا رسول الله حزنا لفراقه .أهل مصر وأرض مصر هم الذين انتقلت إليهم
الحضارة الإسلامية بعد سقوط بغداد ، لولهم لضاعت
الحضارة الإسلامية والعلوم
الإسلامية إنها المواقف والتاريخ .أرض مصر هي منارة العلم والأزهر الشريف.
أرض الإمام الشافعي شمس
المعارف الكبرى ، مؤسس علم
أصول الفقه الذي أعجز العلماء يحلوا ويفكوا طلاسمه
ورموزه ، فجاء به الإمام الشافعي إلى مصر . فختار
الإمام الشافعي ان تكون أرض مصر المحروسة موطنه
وموضع قبره . ألم اقل لكم أن أهل مصر وأرض مصر عظيمة ومباركة. قد هاجر
إليها آل البيت عندما عميت
قلوب الظالمين وطمست ابصارهم عن بركتهم ونورهم ، ونسوا أن هؤلاء
عترة رسول الله وان هؤلاء أبناء فاطمة الزهراء بضعة
رسول الله صلى الله عليه
وسلم .فنور الله قلوب أهل
مصر وفتح الله بصيرتهم ،
فشموا فيهم رائحة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ووصية رسول الله بآل بيته
فنشرحت صدور أهل مصر بنور الإيمان فاحبوا البضعة
الفاطمية الطاهرة، ففتحوا
لهم أرض مصر ورحبوا بهم
ترحيبا عظيما ذكرهم برسول
الله وأصحابه حين قدموا مهاجرين من مكة إلى المدينة
المنورة ، حين فرح ورحب بهم الأنصار. كأنما التاريخ يعيد نفسه إلى أهل مصر
بالخير والبركة والهجرة النبوية ، أنهم أهل لذلك
الإصطفاء والإجتباء بعد
الأنصار. هذه مصر عبر
المواقف والتاريخ. ألم أقل
لكم أن اهل مصر هم التاريخ،
هم الأصالة بل هم النيل العظيم . فلم تنس مصر
السودان يوما عبر المواقف
والتاريخ. إذا كانت مصر
هي أم الدنيا فإن السودان
العظيم أرض النوبة هو إبنها
البار وولي عهدها على ملوك
النيل العظيم عبر التاريخ القديم . لا عاش من يفصلهما
، مصر هي شمال السودان ،
والسودان هو جنوب مصر.
لا شمال بدون جنوب ولا جنوب بدون شمال .ولا السودان بدون مصر ولا مصر
بدون السودان . انهما النيل
الذي ارتوت منه عروقهما، وانهما حضارة هذا النيل العظيم الذي يجمعهما.
فقد رضع السودان من ثدي
أمه الطاهرة مصر حتى بلغ
اشده واستوى فوهبته علما
وحكما وثقافة وحنكة ومنعة
وحضارة .ثم اظهرت عبقرية
إبنها السودان المدلل عزا وفخارا واسطورة في التحصيل ومثابرة في العلم.
حين اشرقت عليه شمس
الثقافة والحضارة شغفا وحبا
من أمه مصر عندما يقولون القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ. هذه مصر وهذا هو السودان وهذا هو
حالهما الطبيعي عبر التاريخ
العظيم . لذلك فإن مصر لم
تنظر للسودان دولة عادية
كدول الجوار والإقليم مثل
ليبيا وتشاد وغيرهما. إنما
تنظر للسودان إنه إبنها البار
التي انجبته من ماء النيل
الطاهر المبارك العذب. ألم
اقل لكم أن مصر هي أم
الدنيا والسودان هو إبنها
البار الذي انجبته إبنا شرعيا
من ماء النيل الطاهر. فليعلم
العالم أن مصر هي السودان
، والسودان هو مصر. فيكيف
يرضى والد بولده أن يهان وان يعبث بكرامته ووحدته
وسيادته . مصر هي الأم الرؤوم مصر هي الاخت الشقيقة لبلادي السودان
مصر والسودان هما التكامل
هما التضامن هما الوحدة هما
النيل العظيم .رحم الله تعالى الرئيس السادات هو اللحمة
الطاهرة بين مصر والسودان
هو مزيج عبقري النيل العظيم
هو وحدة وادي النيل العظيم.
فإن مصر عبر التاريخ والمواقف المقيم والمعاني
السامية والأخلاق والبطولات
والادب والفن والسياسة والثقافة والرياضة والعلم
والتقوى والإيمان والمساجد
والازهر الشريف والاولياء
والصالحين والشيخ متولي
الشعراوي والدكتور طه حسين ودكتور مصطفى محمود وشوقي وكوب الشرق
أم كلثوم ونور شريف واحمد عرابي والزعيم جمال عبدالناصر ومحمود الخطيب
ومحمد صلاح انه بحر لا حد لمجراه من العباقرة والبطولات ولدتهم مصر أم
الدنيا ورضعوا من ثديها العلم
والوطنية وحب مصر وحب
تراثها وتاريخها وحب النيل
العظيم. مصر هي الحضارة
في العمران الاهرامات والمعابد والقلعات وابو
الهول. أهل مصر هم الحضارة
والتاريخ في الفلاحة ولو غرس اهل مصر مصبعا لأنبت
ظفرا . فالحديث عن مصر
شيق لاينتهي لأن مصر ليست
دولة عادية كالدول التي اوجدتها الجغرافيا السياسية
في خريطة المستعمر. بل مصر متميزة ومتفردة في
نوعها. بل إنما مصر خريطة
أوجدتها الحضارة الإنسانية.
وهي قبلة السياحة في العالم
يقصدها السواح من كل العالم
ليتعرفوا على معالم الحضارات وسحرها وعبقريتها في دهشة تصيبهم
الزهول إنها مصر أم الدنيا .
هنالك مفاهيم يجب ان تصح
مصر هي السودان والسودان
هو مصر وهما النيل العظيم
هو قلبهما النابض بالحب
والوفاء والطهر والنقاء. عندما
نزحنا من السودان إلى مصر
راينا النيل جاريا نازحا معنا
فوجدناه في مصر فشربنا
من مائه الطاهر عذبا فكأنه
يحدثنا انا النيل جئت من
السودان إلى مصر هنا السودان هنا مصر انا
النيل من السودان إلى
مصر. وكلنا أمل وثقة
أن يعود التكامل بين مصر
والسودان قويا لبناء أمة قوية
عظيمة مؤمنة بقضيتها ومدركة لحقيقتها حامية لمقدراتها وحرماتها وترابها
ووحدة شعبها.
واخيرا وليس اخر نشكر جمهورية مصر العربية
حكومة وشعبا تحيا مصر
عبر المواقف والتاريخ العظيم
للأمة العربية والإسلامية جمعاء .
الله هو المستعان.
والسلام على من اتبع الهدى.