رأي

تجربة البرازيل باولو فريري.. التعليم من أجل الوعي الناقد

د.إبراهيم الأمين

الأستاذ باولو فريري… أحد رجال التربية العظام ومن الرواد المؤسسين للتربية النقدية… وهب فريرى حياته لنصرة الضعفاء والفقراء والمهمشين… حيث جعل من التعليم والوعي النقدي سبيلا للتحرر من القهر… وصولا إلي الحرية وتمكين المقهورين من تحقيق تطلعاتهم المشروعة… التعليم عند باولو فريري ، حالة من المعرفة الاجتماعية التي إذا ما أحسن توظيفها وتطبيقها… أصبحت بالتأكيد مسلمة قوية مفضية إلي حالة راقية من الوعي الناقد لدى المتلقي فيما يعيشه ويرصده ويلاحقه ويحلله… متصدياً لتحليل عملية الوعي وأنواعها وشروطها التي تعترف بحركة التحول المجتمعي.
قدم العلامة باولو فريرى العديد من الأعمال الرائعة… أبرزها التعليم كممارسة للحرية، نظرية في تربية المعذبين في الأرض، تربية الحرية، المعلمون بناة ثقافة، الفعل الثقافي من أجل الحرية، تربية المقهورين، رسائل إلى الذين يتجاسرون على اتخاذ التعليم مهنة وأخيرا كتابه الهام التعليم من أجل الوعي الناقد Education for Critical Consciousness .
الذي يركز علي عمليات التواصل وشروطها بين المرسل والمتلقي إزاء ما تتسم به حالياً من طريق مرور ذي اتجاه واحد سواء في عمليات التعليم أو التعلم أو في الإرشاد الزراعي أو الإعلام… وفي غيرها من توجهات التواصل في كل مجالات الإرشاد والتوعية.
تنطلق الرؤية النقدية ونظرياتها في الشأن التربوي من أن التربية عملية سياسية… كما أن السياسة عملية تربوية وهي في هذين الوجهين تتأثر بقوي علاقات الإنتاج الاقتصادية وبالسلطة والدولة في حكم المجتمع، وفي تحديد أنماط المعرفة ومناهجها وتوزيعها وتقييمها، نظراً لما يمتلكه القابضون علي الثروة والسلطة من نفوذ…نبه الدكتور حامد عمار وهو الذي قام بترجمة كتاب التعليم من أجل الوعي الناقد إلي نقاط الاختلاف بين النظرية النقدية والماركسية إذ قال: وإذاكانت النظرية النقدية قد التقت مع الماركسية في قضايا الصراع الطبقي والعوامل الاقتصادية…*باولو فريري..التعليم من اجل الوعي الناقد..ترجمة د.حامد عمار
إلا أنها تجاوزت ذلك إلى طبيعة القهر السياسي وآلياته والي الرموز الثقافية… أو إلي العنف الخشن أو الايدولوجيا الناعمة… وكان لها توجهات في مقاومة القهر، ومقاصد قيمة ديمقراطية واشتراكية ذات وجه وفعل إنساني، ومع انفتاح لدور الإنسان وثقافته وايدولوجيته فيما يستقر مع أوضاع محافظه زائفة أو فيما تسعى إليه القوى المجتمعية من تغيير وتطوير وتحرير.
فليس للتاريخ في نظر باولو فريرى نهاية علي مذهب فوكوياما أو حتمية ماركسية بانتصار نهائي للبروليتاريا في الصراع بين الرأسمالية والشيوعية… وهي أي النظرية النقدية تلتقي مع البراجماتية من حيث أهمية فهم الواقع ودراساته الميدانية… لكن الواقع بالنسبة لها مغموس في أبعاد سياسية من الزمان والمكان وليس واقعاً مجرداً أو ثابتاً.
ولعل أهمية نقد الواقع في أبعاده السياسية والاقتصادية والايديولوجية في الوصول إلى رؤية أفضل وأكمل من أجل إقامة مجتمع أكثر عدلا وأكثر ديمقراطية… وأقل اغتراباً وتغييباً للعقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى