بعيداً عن الهيئة قريباً من الإبداع، إبراهيم البزعي.. فنون السودان وأمثالها وحكاياتها
الأحداث – ماجدة حسن
ألغى وزیر شؤون مجلس الوزراء المكلف بتسيير مهام رئيس الوزراء عثمان حسين عثمان، السبت، قراراً أصدره في ظرف 12 ساعة، كان قد أعفى بموجبه إبراهيم البزعي من إدارة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وتعيين عمار شيلا بديلاً له. ولم تمض سوى ساعات حتى أصدر الوزير قراراً آخر بإعادة تكليف إبراهيم محمد إبراهيم البزعي بمهام مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وتكليف عمار فتح الرحمن شيلا بمهام مدير قطاع التلفزيون.
صاحب إبداع
يعتبر إبراهيم البزعي من المبدعين الحقيقيين في مجال العمل، فهو شخص صاحب قدرات ومهارات خاصة، ربما أحد أوضح الإبداعات التي أجمع عليها السودانيون هي برنامج (الصباح رباح) الذي تقدمه الإذاعية سارة محمد عبدالله، بعد أن تولى البزعي إدارة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون خلفاً لإسماعيل عيساوي في نوفمبر ٢٠١٩، ارتفعت أصوات تعبر عن سخطها من تعاطي التلفزيون مع الثورة وأخبارها وانصب جم السخط على مديرها الذي تم تصنيفه (كوز)، وفي ٢١ ديسمبر ٢٠٢١ تم إعفاء البزعي وتعيين لقمان أحمد خلفاً له، وفي أبريل ٢٠٢٢ أقيل لقمان وعاد البزعي مرة أخرى، غير أن إقالة وإعادة البزعي خلال هذه الفترة جعلته في مقام تندر لا يليق بمسيرته الحافلة بالعمل الإذاعي المتوغل في ثقافات السودان وفنونها وحكايات السلام.
سيرة ومسيرة
إبراهيم البزعي من مواليد ولاية الجزيرة مدينة المناقل.
متزوج من الإعلامية إبتسام الصادق بشري وله منها خمسة أبناء، درس الإبتدائية بمدرسة الفخاخير والمتوسطة بمدرسة المناقل المتوسطة والثانوية بمدرسة حنتوب الثانوية بمدني وتم قبوله بجامعة السودان كلية الموسيقى والدراما، واصل دراسته ودرس الماجستير بجامعة السودان في ثقافة السلام.
لا ينتمي البزعي لأي حزب فهو رجل وطني إلتحق متعاوناً بإذاعة صوت الأمة، ثم موظفاً بالبرنامج العام.
عمل مديراً لإدارة الدراما
ومديراً لإذاعة الولاية الشرقية “كسلا ”، أيضاً عمل مخرجاً بإذاعة وادي النيل بالقاهرة ومخرجاً ومعد برامج بإذاعة الشعب، شغل منصب مدير إذاعة جوبا، ومديرا للبرنامج الثاني، ومديرا لإذاعة الابيض، ومديرا لإذاعة الوحدة الوطنية، رئيس فريق بالبرنامج العام ومؤسس لإذاعة السلام، عمل مديرا للإذاعات الموجهة والمتخصصة والادارة العامة للدراما والموسيقي والبرامج الوثائقية، محكم لأربعة دورات في مهرجان القاهرة الدولي ومهرجان الإذاعة والتلفزيون بدول الخليج، من أشهر البرامج التي قدمها برنامج “بليلة مباشر ، كيف قيلتو الصباح رباح، البيت الوسيع، النفاج، الدانوب”، مؤلف عدد من المسلسلات والتمثيليات والبرامج الدرامية له عدد من الكتابات بالصحف
ومجموعة من أوراق العمل العلمية، قام بتأليف عدد من الكتب منها كتاب (ثقافة السلام وأدب الحرب والممارسات الشعبية)، الجزء الأول.
كتاب إيد البدري
له تحت الطبع موسوعة أهل السودان الثقافية، الدكتواره قيد الدراسة عن ثقافة السلام في الوحدة والتنمية في الإذاعة والتلفزيون.
قرار جائر
ووصف الناقد السر السيد القرار الأول بإقالة البزعي بالجائر والمسيس، وقال في كلمة له “سمعنا تعيين الأستاذ عمار شيلا بديلاً له وهنا أقول وبلا مواربة وليس قدحاً في عمار، إن هذا القرار غير عادل وغير حكيم وليس فيه أدنى تقدير لمنسوبي الإذاعة والتلفزيون، خاصة وأن البزعي قد أثبت أن الذين ترعرعوا فى هذين الجهازين قادرون على إدارتهما، بل لهم الحق قبل غيرهم في إدارتهما، ولكن ماذا نفعل مع السياسة والتسييس على العاملين والعاملات في الإذاعة والتلفزيون أن يقاوموا هذا القرار الجائر.
وأضاف “أعرف ابراهيم البزعي منذ أيام المعهد العالي للموسيقي والمسرح، ثم عملت تحت إدارته في أكثر من قسم وإدارة في الإذاعة السودانية، إبراهيم البزعي جمع خبرة إعلامية كبيرة فيها أرواح وتجارب ابوالعزائم والخاتم عبدالله وصلاح الدين الفاضل ومعتصم فضل وليلى المغربي والجزلي، عبدالرحمن أحمد، وغيرهم ومن مجايليه وشاذلي عبدالقادر وخطاب حسن أحمد وغيرهما، هذا غير الذين أتوا من بعده وعملوا معه.
صرح كبير
ويزيد السر أن البزعي واحدا من أبناء راديو أمدرمان الخلص قلباً وقالبا فهو من فيوضات هذا الصرح العظيم فهو لم يكن إداريا فقط كما يتداول هذه الأيام فهو معد ومقدم برامج وكاتب دراما إذاعية لذلك وهو بعض من نسيج هذا الصرح الكبير وروحه، ساهم البزعي وبلا كلل في العمل في الاذاعات الولائية، كما شارك في تأسيس والإشراف على عدد من الخدمات الإذاعية كإذاعة السلام ويعد واحداً من انصع الأسماء التي عبرت عن تقاليد الإعلام الرسمي التي في الكثير من الأحيان تعمل على قمع المواقف الشخصية خاصة السياسية للعاملين فيه، لذلك لم يعرف للبزعي انحيازاً سياسياً يطغى على مهنيته، ولعل هذه السمة هي ما جعلته أن يكون باستمرار هدفاً لقرارات سياسية لا تحفل كثيراً بالمهنية.
تنوع ثقافي
البزعي من الذين انشغلوا وفي وقت مبكر بأن تكون هنا أمدرمان صوتاً لثقافات السودان المتنوعة بفنونها وأمثالها وحكاياتها.
في السنوات الأخيرة استطاع البزعي أن يقود الهيئة وفي ظروف بالغة التعقيد تأتي في مقدمتها حرب الخامس عشر من أبريل التي فقدت فيها الهيئة ممثلة في الإذاعة والتلفزيون مبانيها وبعضاً من ذاكرتها لتبث الإذاعة السودانية من عطبرة والتلفزيون من بورتسودان، في هذا الظرف الحرج استطاع البزعي وبمرونة خلاقة أن يدير الجهازين برغم التدخلات هنا وهناك وبرغم ضعف الميزانيات، فقد استطاع وفي تجربة فريدة لم يفعلها قبله إلا الأستاذ الطيب مصطفى أن يجعل العاملين وحقوقهم فى مقدمة أولوياته وأن يهتم بالتدريب وان يحافظ على شخصية الجهازين قدر المستطاع من التغولات السياسية الفجة.
يكفي البزعي تميزاً انه لم يأت عبر توهمات سياسية، لذلك لن يضيره أن يتم إعفاءه كما ضجت الأسافير بقرار إعفائه قبل أن تتم إعادته مرة أخرى.