المجاعة في السودان.. الأرقام تدحض التوقعات
تقرير – رحاب عبدالله
ظلت جهات ومنظمات خارجية تحذر من حدوث مجاعة بالسودان بسبب الحرب التي تدور بالسودان منذ أبريل 2023، الأمر الذي ظل ينفيه ويؤكد استحالة حدوثه عدد من المسؤولين على رأسهم وزير الزراعة د. أبوبكر البشرى الذي يؤكد بالبراهين والدلائل أن السودان لن يجوع، كما أن وزير المالية د.جبريل إبراهيم كشف عن وجود مخزون يكفي البلاد واستبعد حدوث مجاعة في السودان.
استهجان حديث المسؤولين:
غير أن مثل هذا الحديث ظل لا يروق إلى كثيرين خاصة المزارعين في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع ، حيث استهجن المهندس الزراعي ،المزارع بالقسم الشمالي بمشروع الجزيرة ،كمال ساري، الذي استهجن تصريحات بعض المسؤولين في السودان باستبعاد حدوث مجاعة في السودان .
وقال ساري في مداخلة على قروب “تحرير الجزيرة” على “واتساب” “قرأت بعض التصريحات لمسؤولين، تؤكد تأمين غذاء السودان ولا خوف علي السودان من مجاعة”، وتساءل ساري عن ما هي الضرورة التي تجعل بعض المسؤولين ينكرون هذه المجاعة وفي نفس الوقت يعيشها المواطن السوداني واقعا مريرا مع صدور تقارير من منظمات عالمية أن المجاعة تشمل 25 مليون نسمة فضلا عن حديث المسؤولين بان الزراعة في السودان هي الضامن الوحيد لأمنه الغذائي وأي حديث غير ذلك يكون ضربا من ضروب الخيال ومنافيا للحقيقة التي يعيشها المزارعون أنفسهم.
وأضاف ساري أنه بعد اشتعال الحرب توقفت المشاريع الزراعية وهجر المزارعون الأرض وأصبحت جرداء قاحلة لا توجد بها زراعة وأهلها موعودون بمجاعة قادمة ، مؤكدا أن ملامحها بدأت تظهر للعيان، وأشار إلى أنه مع مضي الوقت ستكون كارثة ، وأوضح ساري أن هنالك بعض المساحات القليلة تم زراعتها في الأماكن الآمنة التي لم تتأثر بالحرب وانتاجها بالكاد يكفي أهلها اذا تم حصادها قبل وصول “الشفشافة” إليها وسرقتها ، ونسبة لقلتها لا تكفي لتأمين الغذاء للسودان كما سمعت.
وقال ساري “رغم ذلك يظهر موظف يخاف على ضياع مكانته الوظيفية ويصرح بأنه لا توجد مجاعة في السودان من غير ما يعلم بأن مثل هذه التصريح سيكون سببا في تضرر المواطنين بالجوع والموت”.
وأكد ساري أن معظم المشاريع الزراعية في السودان خارج دائرة الإنتاج وخاصة مشروع الجزيرة الذي تأثر تأثيرا مباشرا بهذه الحرب العبثية التي اجتاحت المشروع ما عدا منطقة صغيرة تم تأمينها وزراعتها، وأردف”وسمعت من أحد المزارعين بمقطع فيديو مصور وسط حقول الذرة يقول بأن الإنتاجية مبشرة اقول له من خالص ضميري هنيئا لكم وربنا يزيد ويبارك وعقبال لبقية المشروع الذي خرج من العروة الصيفية خالي الوفاض ، وأن نجد من يقف معنا لزراعة العروة الشتوية، تعويضا لما فقدناه في العروة الصيفية، حتى نتمكن من سد الفجوة الغذائية التي تهدد أمن السودان الغذائي” ودعا المسؤولين للتقليل من التصريحات المنافية للواقع الذي يعيشه المواطنين، ودعاهم للحضور ميدانيا لمشاهدة الوضع على الطبيعة.
تأمين غذاء
إلا أن نائب رئيس تجمع مزارعي السودان – القطاع المطري غريق كمبال أكد أن الموسم يمضي بصورة جيدة وكل المحاصيل التي تمت زراعتها ناجحة بنسبة100% ، مستشهدا بما تمت زراعته في ولاية القضارف من مساحة كبيرة كفيلة بتأمين غذاء السودان، ونفى وجود خطر يهدد بالمجاعة في البلاد لان بوادر الإنتاج بدأت تظهر.
استحالة المجاعة
وشدد غريق في حديثه ل(الاحداث) على أنه لن تكون هنالك مجاعة لأن المساحة التي تمت زراعتها كبيرة جدا ومستوى الأمطار كان جيدا ما ينبئ بانتاجية عالية، مشيرا إلى عدم ظهور آفات، وتوقع انخفاض أسعار الذرة إلى أقل من 100 الف للجوال، وأضاف “بنهاية الشهر الحالي سبتمبر ودخول أكتوبر اتوقع دخول الإنتاج الجديد”، وقطع باستحالة حدوث مجاعة في السودان ما دام المطر ينزل والمزارعين منتشرين في الأرض، ودعا الجهات التي تهدد بحدوث مجاعة بالسودان النأي عن هذا الحديث، مؤكدا أن السودان قادر على تأمين الغذاء، وأقر بخروج مناطق في ولاية الجزيرة وسنار من الدورة الزراعية بسبب الحرب لكنه عاد وقال إن قدرة الله أنزلت الامطار في ولايات منها نهر النيل تمت زراعة كمية كبيرة من المحاصيل خاصة الذرة، كفيلة بتأمين غذاء الولاية بما يؤكد تغطية الفجوة التي تمت بسبب الحرب.
موسم زراعي استثنائي
بالمقابل وصف الناطق الرسمي باسم الغرفة الزراعية بولاية القضارف حسن زروق الموسم الزراعي الحالي بأنه موسم استثنائي لانه حقق نجاحا في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، وأضاف” في حديثه ل(الأحداث) أن الموسم الحالي موسم ناجح نجاح كبير جدا، وجاء مخالفا للعادة والتوقعات”، مشيرا إلى أنه موسم مختلف لم يحدث من قبل منذ السبعينات.
وعزا زروق نجاح الموسم للجهد الكبير الذي يبذله المزارعين لأنهم بدأوا بتمويل ذاتي أولا، لافتا إلى أن التمويل جاء متاخرا ولم يتجاوز عدد المزارعين الذين تم تمويلهم 1500 مزارع على مستوى الولاية ، في الوقت الذي زاد فيه التمويل عن 60 مليون جنيه هذا العام مقارنة ب40 مليون العام الماضي ، واعتبره زروق قليلا مقارنة بما يحدث في الأسعار .
مساحة تجاوزت المقررة
وأوضح حسن زروق أنه تمت زراعة عشرة ملايين فدان في القضارف مقارنة بما كانت تتوقعه وتخطط له وزارة الزراعة الاتحادية للموسم الحالي داخل خط المرعى وداخل الغابات، مضيفا أنه الان يعد من أنجح المواسم في زراعة الذرة والدخن والسمسم، منوها إلى أن الانتاجية بالمنطقة الشمالية عالية جدا منها حوالي مليون فدان سمسم وحوالي 700 ألف فدان دخن والمتبقي تسالي وحب بطيخ وفول وقطن بكميات أقل إذ لم يتجاوز ال100 ألف فدان بينما زهرة الشمس أقل إذ تراوحت مابين (20-30) ألف فدان.