الفريق عدوي.. جنرال لمهام دبلوماسية خاصة
سفيراً لدى مصر..
الفريق عدوي.. جنرال لمهام دبلوماسية خاصة
الأحداث – عبدالباسط إدريس
دفع السودان بالفريق أول عماد مصطفى عدوي لمنصب السفير في مصر .
وبحسب” كنداكة نيوز” فإن السلطات المصرية وافقت على ترشيح عدوي سفيراً مفوضاً فوق العادة.
دلالات الترشيح والقبول:
يمثل ترشيح الفريق أول عدوي من قبل قيادة الدولة في حد ذاته رسالة تكشف عن ميول وتوجهات القوات المسلحة خلال المرحلة المقبلة مفادها أن ثمة ميول لإسناد إدارة الدولة لكفاءات وطنية، ومن جانب آخر لطبيعة العلاقة الخاصة التي تربط المؤسستين العسكريتين، فالخرطوم تعرف مزاج القاهرة وتعلم أن إدارة علاقاتها مع السودان تدار وفق معيار محددات أمنها القومي من قبل شخصيات خلفياتها عسكرية لتأتي الموافقة على عدوي من جانب مصر كدلالة لإمكانية التواصل البناء مع الدبلوماسي السوداني الجديد الذى يعرف ما يريده كل طرف من الآخر.
سمات ومهام:
أكثر ما يميز السفير عماد عدوي أنه رجل متزن، منضبط، وبحكم خدمته الطويلة في السلك العسكري وبناء على طبيعة المهام التي اطلع بها فإنه عادة لا يأخذ الأمور بخفة عقل، فجلوسه على مقعد رئيس أركان الجيش السوداني ومن قبلها شغله لمنصب مدير أكاديمية نميري العسكرية ومدير إدارة العلاقات الدولية في وزارة الدفاع، وإلمامه بقواعد القيادة والسيطرة وإدارة الأزمات، جعلت منه هذه الخبرات المتراكمة، صاحب ذهنية باردة يتعامل مع أكثر القضايا سخونة وتعقيداً، وقد تجلى ذلك في إدارة مفاوضات وظيفية عامة وأخرى حساسة مع دول كبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة، بجانب مشاركته في المباحثات السياسية والعسكرية لقادة وجنرالات دول تحالف “عاصفة الحزم” ضد الحوثي فى اليمن، هذا إلى جانب أهم ملف عمل عليه في إدارة الأزمة مع دولة جنوب السودان، إذ كان عدوي أحد أبرز المفاوضين من جانب الحكومة السودانية في محادثات أديس أبابا التي نتج عنها اتفاق التعاون بين الخرطوم وجوبا بما في ذلك الحريات ال(9) بين البلدين.
ووفقاً لمصادر عسكرية تحدثت ل(الأحداث) ظل عماد عدوي الأقرب إلى أذن قائد عام الجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان وأحد الذين يلتقيهم باستمرار منذ تسلم البرهان مقاليد البلاد.
الاستراتيجية والإطار:
سيكون أمام السفير عدوي مهمة أساسية تتمثل في مدى قدرته المحافظة على الإطار الاستراتيجي الناظم لعلاقات البلدين والمرسوم بعناية من قبل الجيشين، إذ أن هذا الإطار ظل يحافظ على توازن العلاقات وضابط لبوصلتها على نحو لا يخل بتوازنها أو يؤدي لصدام بين البلدين، تاركاً للحكومات المتعاقبة في الخرطوم والقاهرة مساحات الالتقاء والاختلاف، لكنه يخضع كل ذلك ليكون تحت سقف هذا الإطار ومرتكزاته الأمنية والعسكرية، فالمحافظة على هذا الإطار وتطويره لصالح تعزيز توازن القوة بالنسبة للسودان ليصبح فاعل اقتصادي وسياسي في المنطقة لا في محيط جواره وحسب.
أرضية صلبة:
فرص نجاح عدوي في مهمته الجديدة، تبدو أكثر من غيره من السفراء الذين شغلوا المنصب وواجهوا مشكلات كثيرة، وليس لأن عدوي مقرب من قيادات المؤسسة العسكرية الذين يسيطرون على القرار في الخرطوم ولكن لأن العامل الأهم هو النظرة الشعبية السودانية الإيجابية تجاه مصر، لقد كشفت حرب 15 أبريل من العام الماضي، عن ذلك حيث صوت السودانيون بأرجلهم تجاه مصر التي احتضنت مايقارب 300 ألف لاجئ ينتظر تقييدهم بإجراءات “رسمية”، فضلاً عن حوالي 5 ملايين سوداني يقيمون في مصر بطريقة رسمية، وبحسب متابعات (الأحداث) فقد أنعش الوجود السوداني سوق العقار المصري وأسهم في تدفق العملات الأجنبية، برغم مايشكله هذا التواجد الكثيف من تهديدات قد تدفع الجانب المصري لاتخاذ إجراءات سيادية في مرحلة ما، إلا أن التوجه الشعبي يوصف بأنه الأكثر مساعدة لأي مهام دبلوماسية رسمية.
أبرز التحديات:
يواجه السفير عدوي تحديات سياسية واقتصادية وقضايا أكثر إلحاحاً لكنه بالطبع مكلف بهذه المهمة لإنجاز مهام خاصة وفي غاية السرية وقد لا تطفو إلى السطح، ومع ذلك يقول المحلل السياسي، جلال فالح القدال ل(الاحداث) إن المهمة السياسية الأولى للسفير عدوي التي يجب العمل عليها هي ضمان عدم تحييد مصر ، في ظل ما يواجهه السودان من حرب واستهداف كبير، ويشير القدال إلى أن استغلال مكانة مصر الإقليمية لجذب التأييد الدولي للقضية السودانية وانتصار الشعب ووحدة البلاد من المهام التي ينبغي أن يعمل عليها السفير عدوي.
ويرى القدال أن مصر من الدول التي لديها معرفة أعمق بالأزمة السودانية وبالتالى عليها أن تفهم أن لعبها لأي دور داعم للسودان في هذه الحرب سيكون مرحب به.
تحد اقتصادي:
من جانب آخر سيكون أمام عدوي مهمة العمل على حشد الدعم المصري وجذب القطاعات الإنشائية لصالح إعادة إعمار ما دمرته الحرب، فضلاً عن تطوير علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين.
يقول المحلل الاقتصادي د. عوض إسماعيل ل( الاحداث) إن حجم التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري يعتبر الأضعف مقارنة بالضجة السياسية والإعلامية حول علاقات البلدين، ويستدل عوض بالقول إن حجم التبادل بين البلدين بلغ العام الماضي 1.4 مليار دولار، حيث بلغ حجم الصادرات السودانية لمصر 954 مليون دولار، فيما صدرت مصر بقيمة 979 مليون دولار، ويعتقد عوض أن النمو الاقتصادي هو المعنى الأساسي لتطوير العلاقات. ونادى عوض بأن يعمل السفير الجديد على تطوير الخطط الاقتصادية القابلة للتنفيذ خاصة في مجال زراعة القمح للاستفادة نسبياً من قيمة شراء مصر للقمح من الأسواق الدولية بجانب الاستفادة من القدرات الاقتصادية الكبيرة لمصر ، خاصة في مجال البنية التحتية والطاقة الكهربائية للاستفادة من كهرباء مصر في القطاع الصناعي السوداني.