“الديمقراطيون” يلقون بثقلهم في مفاوضات سويسرا .. ما تأثير حرب السودان على الانتخابات الأمريكية وسجالاتها الساخنة
تقرير – أمير عبدالماجد
مع اشتداد المعارك على الأرض في السودان واتساع ساحة المواجهات على الأرض وتوسع رقعتها ومع دخول أطراف كثيرة إقليمية ودولية إلى ملعب الحرب أحدث دخولها تحولات عديدة، يبدو أن اللاعب الأمريكي منزعج من المشهد الذي يخرج من يده يوماً بعد آخر، فالأمريكي يراقب الآن تطور العلاقات بين السودان وموسكو ويراقب وصول السفير الإيراني وتقديم أوراق اعتماده للبرهان ويتحسب من تطورات خطيرة في المشهد تخرجه تماماً خاصة وأن منبر جدة الذي تتولى أمريكا إدارته مع المملكة العربية السعودية ظل مجمداً لفترة طويلة.
تطورات مفاجئة
وفي ظل التطورات الحالية لا يبدو أن الأطراف ستتجه لمفاوضات جديدة في جدة تفضي إلى وقف الحرب وبالتالي إيقاف النشاط المتزايد لموسكو وإيران في السودان وإيقاف ماقد يحدث من تطورات مفاجئة من اللاعبين الجدد وهو ما دعا المبعوث الأمريكي للسودان بيرييلو للدعوة إلى عقد جولة مفاوضات مباشرة هذه المرة بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع مايعكس ربما ضغط التغيرات التي حدثت في الانتخابات الأمريكية بانسحاب الرئيس جو بايدن من سباق الرئاسة وتقدم كامالا هاريس كبديل له عن الحزب الديمقراطي في مواجهة الجمهوري دونالد ترامب وهي تطورات سيكون لها أثرها في كل الجبهات الساخنة في العالم الآن من حرب غزة إلى أوكرانيا وصولاً إلى حرب السودان لعمق الوجود الأمريكي في كل هذه النزاعات فإلى أي مدى يمكن أن تؤثر انشغالات السياسيين الامريكيين بالانتخابات على حرب السودان وإلى ماذا تشير تصريحات بيرييلو الأخيرة بضرورة عقد مفاوضات مباشرة بين الجيش والدعم السريع هذه المرة وهي خطوة متجاوزة لما كان يحدث في كل المنابر التفاوضية بين الجيش والمليشيا، إذ كانت المفاوضات تجرى بطريقة غير مباشرة بالتفاوض مع الأطراف بصورة منفصلة.
كرت أخير
ويبدو أن المفاوضات المقترحة أمريكياً في سويسرا برعاية الولايات المتحدة والسعودية وأطراف ومنظمات إقليمية ودولية هي الكرت الأخير للديمقراطيين قبل الدخول إلى الانتخابات التي سيواجهون فيها خصماً سيعتمد على فشلهم في أوكرانيا وحرب غزة والسودان وهي بطبيعة الحال باتت اليوم حسب صحيفة فورين بوليسي ضمن السياسة الداخلية الأمريكية لتأثيرها على الأقل فيما يخص السودان على الناخبين الأمريكيين من أصول أفريقية لذا فإن المبادرة الأمريكية الحالية التي ستعقد في سويسرا لإنهاء حرب السودان ربما ستكون الفرصة الأخيرة للديمقراطيين للحصول على ورقة رابحة قبل الانتخابات بإيقاف الحرب ومنع روسيا وإيران من التمدد في أفريقيا، وحسب فورين بوليسي فإن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية الحالية أكدوا أن سويسرا والسعودية ستستضيفان مفاوضات مباشرة بين الأطراف وأن دولاً مثل الإمارات ومصر ستكون ممثلة إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وقالت إن الولايات المتحدة تلقت تأكيدات بان مسؤولين كبار في الجانبين هم من سيمثل الأطراف في المفاوضات التي يرجح أن يديرها بصورة مباشرة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
تهديد مصالح
يقول الصحفي والمحلل السياسي رمزي المادح المهتم بالشان الأمريكي إن إدارة بايدن ستلقي بثقلها في هذه المفاوضات لأن كامالا هاريس في حال حصولها على الأصوات المرجحة لدخول الانتخابات عن الحزب الديمقراطي ستحتاج إلى كروت تواجه بها ترامب والجمهوريين الساخطين على أداء حكومة بايدن في الملفات الخارجية خصوصاً فشلها في البحر الأحمر ودخول روسيا على الخط بقوة بل وحصولها على الضوء الأخضر لإقامة قاعدة بحرية عسكرية هناك بالإضافة إلى سيطرتها على دول مهمة في الساحل الأفريقي وتهديدها مصالح أمريكا في الخليج، لذا أعتقد أنهم يمارسون الآن ضغوطات كبيرة على الأطراف في السودان لأن الأمر بات متعلقاً بالانتخابات والحصول على مكاسب يمكن الدفاع عبرها عن الاتهامات الحادة للجمهوريين ويمكن الحصول عبرها على أصوات الأمريكيين من أصول أفريقية بالإضافة إلى البعد الاستراتيجي لأمريكا بحماية مصالحها في الخليج وأفريقيا، وأضاف “الموقع الجيوسياسي للسودان يجعل وجود روسيا هناك خطر وشيك وأكيد على مصالح أمريكا وهو أمر سيركز عليه المرشح الجمهوري ترامب لإثبات نظريته في فشل حكومة بايدن”.
دمار وموت
وفي السياق قال د. مامون الخبير أستاذ العلاقات الدولية إن دخول السودان وحرب غزة وأوكرانيا ضمن سجالات الانتخابات الأمريكية أمر مؤكد لكن ليس لأن الناخب الأمريكي مهتم بما يحدث في السودان أو بمصير السودانيين هذا غير وارد لا عن الناخب ولا المسؤول، هم مايهمهم هنا المصالح الأمريكية لذا اتفق مع من يرون أن الحزب الديمقراطي الحاكم في أمريكا الآن أمام معضلة حقيقية في إنهاء الحرب في السودان لأن التجربة التي خاضتها الإدارة الأمريكية الحالية حتى الآن كانت فاشلة ومتواضعة بالنظر إلى ما أسفرت عنه الحرب من دمار وموت”، وأضاف “الولايات المتحدة لم تتحرك بجدية إلا بعد ظهور روسيا في المشهد ودخول إيران هذه أسباب قلق أمريكا وتوترها الشديد وهو أمر قد يجعلها تطرح مبادرة فاشلة أخرى لأنها متعجلة وترغب في نتائج بأي طريقة وتصريح المبعوث الأمريكي الأخير الذي طالب فيه بمفاوضات مباشرة بين الأطراف لم يخبرنا ما الجديد الذي استدعى جلوس الأطراف بصورة عاجلة ولماذا الآن؟ وهل الوقت المتبقي قبل الانتخابات كاف للوصول إلى اتفاق سلام يوقف الحرب وما الذي ستطرحه الولايات المتحدة على الأطراف لتجعلها توقع فوراً”.