تقارير

الخلافات بين مقاتلي المليشيا.. صراع السيطرة على مال المواطنين ومنهوبات الدولة

تقرير – أمير عبدالماجد

يرى كثيرون أن القتال الذي اندلع حالياً بين قبائل داخل مليشيا الدعم السريع سيفتت ما تبقى من الكتلة الصلبة لها، إذ أن المليشيا في حربها على الدولة السودانية اعتمدت على قبائل بعينها وعلى تحالفات هذه القبائل، لذا جعلت تفصيل وحداتها القتالية قبلي لأن كل وحدة من هذه الوحدات مشكلة من أبناء القبيلة وعلى رأسها قائد من القبيلة نفسها بالإضافة لفصائل أخرى من المرتزقة تكونت بالشكل نفسه قبل أن يتوزع مقاتلي بعضها على الفصائل الأخرى كما قال أحد قادتهم المعروف بـ(جلحة) والذي تحدث بوضوح عن وجود مقاتلين أجانب معه في الكتيبة التي يقودها بنفسه في سياق المباهاة بأن الدول تقف إلى جوار المليشيا ولم يكن يدرك أنه يضرها من حيث أراد إخافة الآخرين لأن الأمر ارتد عليه حيث لم يجد مستشار حميدتي عمران في مقابلة تلفزيونية عندما واجهه المذيع بأن أحد قادتهم أكد وجود مرتزقة.

معارك ومحاكم

لم يجد الرجل بداً من إنكاره وإنكار كونه قائد بالمليشيا وأكد أنه مجرد جندي صغير ما أثار جلحة الذي يعتبر نفسه قائد لقوات التدخل السريع أو ماعرف وقتها بـ(لواء الشجعان) بجنوب كردفان وهي قوات كان قد تمرد بها قبل سنوات، ثار الرجل وأنصاره من المسيرية واستنكروا حديث عمران خاصة وأنه أثار قضية حرص كثيرون على تجاهلها داخل المليشيا وهي سيطرة الماهرية الرزيقات على القرار واعتبار الآخرين مجرد شغيلة فثار جلحة ومن معه وقرروا الخروج على الماهرية والانسحاب من بعض المناطق وهو أمر أثار جلبة كبيرة داخل المليشيا وهي الجلبة التي تحولت لاحقاً إلى معارك ومحاكم ميدانية لعناصر من قوات جلحة والآخرين ببحري على سبيل المثال بتهمة  مخالفة الأوامر بعد إعلانهم الانسحاب وبتهمة التخابر مع الجيش، وقالت مصادر مرتبطة بالدعم السريع إنهم شددوا الرقابة على مقاتلي المسيرية في بحري وأمدرمان والخرطوم وسنجة والجزيرة بعد الاشتباكات التي حدثت بمنطقة جبل أولياء ومنطقة المثلث وأسفرت عن قتلى وجرحى من الطرفين وبعد أن سلمت مجموعة من عناصر المليشيا المنحدرة من المسيرية نفسها لقيادة الفرقة الثالثة مشاة بشندي قادمة من شرق النيل.

ولا يبدو أن المعارك المحتدمة الآن في الخرطوم والولايات بين فصائل المليشيا تجد من يردعها لطبيعة تكوينها واعتمادها بالأساس على القبيلة التي احتمى بها القائد بالمليشيا جلحة الذي ظل يفاخر بأنه يحمل غبينة تجاه الحكومات بالخرطوم وتجاه جنوب السودان وحكومة الحركة الشعبية، وجلحة المولود في المجلد والذي نشأ في الميرم كان محكوماً بالإعدام عام 2010 لكنه خرج من السجن رغم الحكم بعد أربعة أعوام أي في العام 2014 وشارك في كل معارك الجزيرة واغلب الهجوم الذي تعرضت له منطقة المدرعات.

مصير الغنائم

يقول محمد الناير أحد المهتمين بملف القبائل في غرب السودان وشمال وشرق تشاد إن الأمور لا تحسم هنا بالعصبية فقط بل بالغنيمة، ثمة غنيمة الآن أو غنائم يخشى هؤلاء أن يسيطر اولئك عليها لأن الأمور لا تتجه الآن إلى استلام السلطة في السودان كما كان يأمل حميدتي وكما وعدهم ومنحهم الكيكة وقتها، وأضاف “الأمور تغيرت الآن وباتت الغنائم مختلفة وكل طرف يسأل نفسه عن مستقبله في حال توقفت الحرب غداً بمفاوضات ماهو مصيره ومصير غنائمه لأن قيادة المليشيا تريد أن تضع يدها على هذه الغنائم ومن بيده الغنائم لايريد أن يسلمها أو حتى يتقاسمها مع الرزيقات أو قيادة المليشيا”، وتابع “هم لايخشون خروجهم بقدر ما يخشون خروج المنهوبات من مال وذهب وسيارات ومنقولات لو قرر هؤلاء المغادرة الآن وترك المنهوبات أعتقد أن المسألة ستحل، هناك أزمة بسبب المال الموجود لدى المقاتلين والذهب وبسبب بعض القبائل التي سربت أموال ونهبت في الأيام الأولى للحرب وأخرجتها من الخرطوم”، وقال “معظم المال المهم خرج من الخرطوم في الأشهر الأولى للحرب وهذه من المشاكل المكتومة بالإضافة طبعاً إلى المال والذهب الموجود بيد المقاتلين”.

مشكلة مكتومة

ويرى الناير أن الأمور خلفها أمور أكبر، صحيح هناك مشكلة مكتومة بسبب سيطرة الرزيقات لكن السيطرة هذه مفهومها مختلف عن السائد والراسخ في الذهن العام لا المقصود بالسيطرة هنا هو السيطرة على الموارد وليس على القتال أو الرتب لذا متى توصل هؤلاء لقسمة حولها سيتوقف الجميع عن الكلام لأن الأمر هنا لم يعد سياسياً محضاً بل مجموعات مصالح على الأرض كل مجموعة لديها مصالحها الآنية وهذا أمر يعلمه من يقود المليشيا الآن وهو يخشى أن يتوصل لتسوية تكشفه وتكشف أنه لايقود المليشيا بل هي التي تقوده لذا لا تعترف بحديث مستشار حميدتي ولا بحديث عبدالرحيم نفسه هم هنا من أجل مصالحهم ومصالح قبائلهم ويعملون وفقاً لتوجيهات قادتهم على الأرض لذا فالواضح أن القيادة السياسية للدعم السريع مالم تسيطر على المال والموارد داخل المليشيا لاتستطيع أن تفرض أي قرار في الماضي كانت هي من تسيطر لأنها تدفع الرواتب والجنود يتلقون رواتبهم منها، أما الآن فالجنود نهبوا وسرقوا ولم يعودوا بحاجة إلى هذه الرواتب وإلى من يوجههم ويطالبهم بتسليمه المنهوبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى