رأي

معجزة الجيش السوداني

 

علي عسكوري

*هل حقق الجيش السوداني ( يشمل الجيش كل القوى والمجموعات التي قاتلت معه تجنبا للتطويل) معجزة بانتصاره الوشيك في هذه الحرب؟.

*نحاول في هذا المقال الإجابة على هذا السؤال ونترك للقارئ الحكم.

 

*واجه الجيش السوداني منذ العام 1955 حروبا متعددة، تتشابه في طبيعتها، جيش نظامي يحارب مجموعة او جماعات متمردة بعمليات عسكرية متقطعة او ما يعرف في ادبيات الحروب بيlow intensity war

 

*كسب الجيش في هذه الحروب الكثير من المعارك وخسر بعضها, ورغم طول زمن تلك الحروب إلا أن الجيش تمكن في محاصرتها في مناطق محددة، وربما ساعده في ذلك عدم رغبة المتمردين التمدد لمناطق بعيدة خارج حواضنهم الاجتماعية او مناطقهم الجغرافية, وهكذا ظلت أغلب مناطق السودان بعيدة عن القتال.

 

*اتسمت تلك الحروب بما يعرف بحروب الاستنزاف، أي استنزاف الفوائض الاقتصادية لتذهب لدعم المجهود الحربي، بجانب استنزاف القوى البشرية (الجنود والضباط) مما يجبر او يحمل السلطة القائمة في نهاية المطاف على البحث عن ايقاف الاستنزاف من خلال التوصل لسلام مع المجموعة او المجموعات المتمردة.

 

*للأسف اثبتت كل التجارب السابقة ان الحركات المتمردة تنتهي مطالبها التي رفعتها وتمردت من أجلها، بمجرد أن ينال قادتها مواقع عليا في السلطة، الأمر الذي يعزز من حقيقة أن قادة التمردات كانوا يبحثون عن مواقع لأشخاصهم أكثر من بحثهم عن العدالة في السلطة والثروة لمناطقهم، حيث لم نسمع حتى الآن بقائد مجموعة متمردة رفض تولى منصب في الدولة عرض عليه.

 

*خلافا لأعلاه جاءت حرب مليشيا آل دقلو مختلفة تماما عن الحروب السابقة, أولها أن قائدها كان ممثلا في قمة السلطة كما انه وضع يده على كثير من الثروات الطائلة في جميع انحاء البلاد، بجانب انه سمح له بنشر قواته في كل مناطق البلاد وليس ابقائها في منطقة جغرافية واحدة.

 

*لم تكن هذه الحرب إذن من أجل المهمشين كما ادعت الحركات السابقة وتدعي المليشيا، بل كان الهدف الاساسي هو السيطرة على الدولة بكاملها

 

هكذا واجه الجيش السوداني حربا واسعة النطاق، امتدت الى ’لاف الكيلومترات, وخلافا لما كان يحدث في الحروب السابقة حيث تعوق الموانع الطبيعية(انهار، غابات، وديان، جبال، خيران، رمال، مستنقعات) حركة الجيش، اتسمت هذه الحرب بموانع وتفاصيل جديدة لم تكن للجيش تجربة سابقة فيها, خاض الجيش هذه الحرب داخل المدن ووسط البنايات والازقة والحواري وما إلى ذلك، او ما يعرف (بحرب المدن) و هي في مجملها تجربة جديدة على الجيش, ايضا خاض الجيش لأول مرة حربا اتسع نطاقها بهذه الدرجة.

 

*نقطة اتساع الحرب وانتصار الجيش فيها هي في رأئي ما يمثل المعجزة لجيش يعتبر من جيوش (الدول النامية) او دول العالم الثالث لو قبلنا (تريقة) البنك الدولي و الدول الغربية علينا!

 

 

دارت هذه الحرب في كل ولايات السودان ما عدا ولاية كسلا، التى لم اعثر على ما يفيد بتعرضها لهجوم.

 

*تبلغ المساحة التي قاتل فيها الجيش (مليون وتسعمائة وعشرين ألفا وسبعمائة اثنين وعشرين كلم مربع), ولتقريب استيعاب حجم هذه المساحة للقارىء فهي تساوي مساحة ( سولفاكيا، استونيا، الدنمارك، هولندا، سويسرا، بوتان، غينيا بيساو، ارمينيا، البانيا، غينيا الاستوائية، بورندي، رواندا، جيوبتي، جمهورية الكنغو، المانيا، الفلبيين، المجر، يوغندا) مجتمعة, مجموع مساحة هذه الدول هو ١،٩٢٠،٠٣٨ كلم مربع ( مليون وتسعمائة وعشرين الفا وثمانية وثلاثين كلم مربع.

 

*في كل هذه الرقعة الشاسعة كان الجيش يقاتل وينتصر, على اتساع هذه المساحة، تم ايصال الذخيرة والعتاد، والجنود، واخلاء الجرحى والمصابين، وايصال الطعام والادوية الخ, ورغم شراسة المليشيا في القتال، إلا إنها فشلت فشلا ذريعا في قطع خطوط امداد الجيش لوحداته. وخطوط الامداد هي اهم عوامل الانتصار والقدرة على مواصلة القتال وذلك امر يفهمه القادة العسكريون.

 

*هذه الحقيقة حول اتساع نطاق الرقعة التي يجري فيها القتال لم يسبق الجيش السوداني عليها الا الجيش النازي الذي احتل معظم اوروبا في الحرب العالمية الثانية حيث تجاوزت المساحة التى جري عليها القتال ال ٣،٢٥٠،٠٠٠٠ كلم مربع (ثلاثة مليون ومئتان وخمسين الف كلم مربع)، والاختلاف بين الاثنين ان الجيش النازي كان جيشا غازيا، اما جيشنا فكان يقاتل دفاعا عن ارضه! بمعنى ان الجيش النازي كان قد اعد عدته للهجوم اما جيشنا فكان مدافعا، وربما لم يكن في افضل احواله لمواجهة هجوما بذلك الحجم وبكل ذلك العتاد الذي رأيناه.

 

*من واقع سير الحرب والانتصار الوشيك، اصبح جيشنا احد اكبر الجيوش التي خاضت حربا بهذا الاتساع في نطاقها لا يشمل هذا بالطبع الحروب الاستعمارية، لاختلاف طبيعتها ولكونها حروبا متقطعة حدثت على فترات زمنية طويلة.

 

*لا يوجد في افريقيا، اسيا، الشرق الاوسط، بل حتى اوروبا في التاريخ الحديث (ما عدا الجيش النازى) جيشا خاض حربا بهذا الاتساع.

 

*والحال كذلك، ولنا مثل هذا الجيش، كيف تتساوى كتوفنا مع دول مثل تشاد او كينيا او حتى اثيوبيا، بل مع الاتحاد الافريقي نفسه، الذى ما انفك بعض الساسة يتدافعون نحوه بسبب او بلا سبب.

 

*بعض القوم لا يعرف قدرات جيشنا ولا امكانيات شعبنا، ولذلك ينالون من كبريائنا وعزتنا ويقللون من مقامنا.

 

*على الذين لا يستوعبون ما انجزه جيشنا وشعبنا ألا يتقدموا الصفوف.

 

*نحن لوحدنا اتحادا افريقيا، ويحق لنا قيادة افريقيا منفردين، شاء من شاء وابي من ابي، فلا تقللوا من شأن بلادكم وانجاز جيشكم أيها الاحباب.

 

*علينا ان نعي ونستوعب حقيقة انجازنا، حتى لا يتطاول القصار علينا وحتى (لا يقوم للعشر شوك

 

المجد والخلود لشهدائنا والنصر والعزة لشعبنا ولا نامت اعين الاتحاد الافريقي.!

 

هذه الأرض لنا

 

نقلا عن “أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى