تقارير

قطاع النفط.. الكيفية والمطلوبات لإعادة مساهمته في الاقتصاد

 

تقرير – رحاب عبدالله

 

بدأ استكشاف النفط في السودان بعد توقيع اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية عام 1975م أعقبها إبرام اتفاقيات مع شركتي توتال الفرنسية، وشركة صن أويل الأمريكية في 1981 و1982 م، ووقعت الحكومة السودانية خلال الفترة من عام 1989 و1999م، اتفاقيات مع شركات نفطية مختلفة شملت الشركتين الكنديتين IPC و SPC عامي 1991م، و 1993م، وشركة الخليج GPL عام 1995م، والشركة الوطنية الصينية للبترول CNPC عام 1995م، وشركة الكونستريوم.

وتكونت شركة النيل الكبرى لعمليات البترول GNPOC في 1997 م. ونتج من هذه المحصلة تشكيل عدد من شركات النفط في مناطق مختلفة من البلاد.

وظل قطاع البترول الداعم الرئيسي للاقتصاد السودان إلى أن تم انفصال الجنوب حيث ذهب معظم الإنتاج مع الجنوب، ومع ذلك ظل يسهم في الاقتصاد.

الا ان اندلاع الحرب في السودان في منتصف ابريل 2023 تسبب في تراجع إنتاج البترول إلى حوالي 18 الف برميل في اليوم، مقارنة بانتاجه قبل الحرب حيث كان في مارس 2023 حوالي 38 ألف برميل يوميا، وحوالي 44 الف برميل في يناير 2023.

الان اصبح هنالك واقعا جدا يتطلب ايجاد كيفية لاستئناف القطاع مساهمته في الاقتصاد.

 

*إجراءات محكمة*

وأكد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير قدرة قطاع البترول في احداث تحول في الاقتصاد السوداني ، الا انه رهن ذلك بعدة إجراءات من خلال وضع خطة محكمة فضلا عن توفير التكلفة المالية اللازمة.

 

*استعجال تشغيل المصفاة*

وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه ل(الاحداث) إن من بين المتطلبات لنهوض قطاع النفط هو استعجال تشغيل مصفاة البترول ، مؤكدا ان استرداد مصفاة الخرطوم للنفط حدث كبير يحتاج الى سرعة الإجراء في إعادة تشغيلها، وأشار إلى أن السودان يمتلك كوادر سودانية مؤهلة لتشغيل قطاع النفط لكنه يحتاج إلى مساعدة الخبرات من الدول الصديقة كالصين وروسيا تحديدا في قطاع النفط ،وبالتالي رأى أن هذا يمكن أن يعجل ببداية استئناف عمل المصفاة، وأشار الناير إلى أنه ومعروف أن المصفاة توفر تقريبا 45-50% من تكاليف استيراد البترول باعتبار أنها تغطي الاستهلاك المحلي بنسبة تصل إلى 50% من المشتقات النفطية بالتالي توفر نصف فاتورة الاستيراد، مؤكدا أن هذا يكون لها أثر إيجابي على سعر الصرف.

 

*استئناف ضخ نفط الجنوب وتصديره*

ولفت الناير أيضا إلى أن من أساسيات المطلوبات أيضا قضية خط الأنابيب الناقل لبترول جنوب السودان ، مشيرا للحديث عن ان جنوب السودان لديه بعض الاتفاقيات حول النفط الا أن الناير أكد أنه لا يوجد خيار لتصدير نفط الجنوب الا عبر الاراضي السودانية والموانئ السودانية، مضيفا أن تأمين خط الأنابيب يجعل نفط جنوب السودان وتصديره عبر الأراضي السودانية متاحا ويمكن أن يحقق عائد بالنقد الأجنبي.

وشدد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير على أن قطاع البترول ايضا يحتاج لتأهيل وتطوير الآبار العاملة حاليا، ودعا لعدم اعتماد الغرب (امريكا أو أوروبا) في مساعدة السودان في تطوير هذا القطاع، وأردف ” لا أعتقد هنالك أمل في الغرب مرة آخرى باعتبار أن الغرب ظل يعاقب السودان ولا يساعده ، بل ظل يفرض عقوبات على السودان سواءا كان امريكا أو اوروبا، لذلك رأى الناير أن السودان ليس لديه خيار الا التوجه شرقا والتركيز على مجموعة “البركس” تحديدا، مضيفا أن السودان مع روسيا والصين يمكن أن يعيد تأهيل وتطوير الآبار المنتجة ورفع طاقة الانتاجية بصورة كبيرة.

وأكد الناير امكانية توزيع مربعات جديدة للاستكشاف لأن السودان لديه مساحات كبيرة لم يتم الاستكشاف فيها بعد، خاصة مع الحدود الليبيةمؤكدا ان دراسات استكشافية اثبتت ان هذه المناطق فيها كميات مؤكدة من النفط، مضيفا أن هذه يمكن أن تتم في المرحلة القادمة حتى ينهض قطاع النفط ، مشيرا الى انه معروف ان النفط فترته الزمنية المعروفة له قصيرة فيمكن السودان خلال ال20-30 سنة القادمة سيتم التحول نحو الطاقات الجديدة والمتجددة، مبينا أن السودان لديه فيها ميزات كبيرة سواءا كان طاقة عبر انتاج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو عبر نبات الجاتروفا وغيرها من الطاقات الجديدة والمتجددة التي ستكون بديل للنفط أو الوقود الاحفوري حيث لن يكون الطلب عليه كما هو عليه الآن، مشيرا الى انه بالتأكيد السودان يمكن أن يستفيد في فترة ال20-30 سنة القادمة بتطوير قطاع النفط بصورة كبيرة والاستفادة منه في الوقت القصير وتوجيه عائداته لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة، وقال: “حال استطاع السودان توجيه عائدات النفط إلى الاستفادة من الطاقات الجديدة والمتجددة يكون قد خطى خطوة كبيرة جدا نحو المستقبل”، ورهن الناير كل هذه الأشياء بتوفر تكلفة مالية واموال بالنقد الاجنبي لإعادة تأهيل قطاع النفط ودخول شركات جديدة، وتابع “بالتأكيد كل هذه الأشياء يمكن أن تحدث تحول في الاقتصاد السوداني”.

 

*ضرورة توفير الأمن*

من ناحيته اكد المستشار الاقتصادي بالرياض المملكة العربية السعودية

د.ابوبكر التجاني الحاج أن هنالك عدة مطلوبات لاستئناف العمل في مجال البترول ليستفيد الاقتصاد السوداني من هذه الثروة الكامنة في أرض البلاد.

وقال في حديثه ل(الأحداث) من هذه المطلوبات توفير الامن في مناطق الاستكشاف والانتاج ، مع توفير الكوادر اللازمة في مجال إنتاج النفط في مراحل الاستكشاف، والانتاج، والتكرير والتوزيع الداخلي، والتصدير.

*الالتزام بمستحقات العقود*

وشدد التجاني على ضرورة الالتزام بمستحقات عقود الشركات في حينها، وعزا ذلك لان عدم الالتزام أدى في السابق لعدم تمكن الشركات من حفر آبار جديدة مما ادى لتدهور انتاج السودان من النفط بشكل دراماتيكي.

وقطع التجاني بان حفر الابار الجديدة مهم للغاية للمحافظة على مستويات الانتاج و زيادة حجمه فضلا عن ايلاء اهتمام أكبر لعمليات الاستكشاف في مناطق جديدة بجانب الاهتمام بالدراسات والبحوث في مجال استخراج النفط واتباع آخر ما تم التوصل إليه عالمياً في هذا المجال.

 

*التسويق الجيد*

ونبه التجاني لضرورة إنشاء قاعدة بيانات مركزية و حصينة.

ودعا لزيادة عدد المتدربين في هذا المجال لضمان استمرار العمل فيه بكل يسر و سهولة وفي أي وقت، مع اهمية تقوية وتحسين البنية التحتية اللازمة في مجال البترول.

وأكد التجاني على أهمية التسويق الجيد للمنتجات النفطية داخليا وخارجيا وعده ضرورة ملحة.

 

 

ولعل وزير الطاقة والنفط الاسبق مهندس مستشار اسحق جماع ، أمن على حديث د.الناير في أهمية اتجاه السودان شرقا لمساعدته في تأهيل قطاع النفط. منوها في حديثه ل(الاحداث) الى اتفاق مبدئي حول ذلك إبان مشاركة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة مع الشركات الصينية على هامش منتدى التعاون الصيني الافريقي،

معتبرا ذلك بداية الطريق لعودة شركات النفط الصينية لاسئناف العمل في السودان بعد الحرب.

لكن اسحق قطع بأن الامر يحتاج كثير من العمل الفني والمالي في اطار استحقاقات الاطراف وادخال العلاقات الاستراتيجية في مناخ الجو السياسي الحالي.

واقترح اسحق تكوين تيم من الفنيين المقتدرين والسياسيين والعارفين بخبايا وألاعيب الفاعلين الخارجيين لترتيب هذا الملف ابتداءاً من الوضع الراهن للحرب وما بعد الحرب التي اقتربت خواتيمها، ونبه لضرورة عدم تركها لوزارة المالية والنفط خاصة أن هذه المؤسسات مشغولة بالتسيير اليومي وليس لديهم وقت او أُفق في التخطيط الاستراتيجي شريطة أن يكونوا مساهمين مع التيم، وذلك بدراسة النوايا الدقيقة والفعلية والعملية للجانب الصيني في اطار التفاعلات المتفاوتة.

وكشف اسحق أن هنالك بعض التفاصيل عن اشكالية الشركات الصينية حتى قبل الحرب خاصة بعد فصل الجنوب وذهاب 75% من البترول المنتج وتبقى للسودان 120 الف برميل في اليوم وهذه الكمية 50% منها ملك الشركات الصينية والشركات الاخرى الاسيوية ،حيث تنص الاتفاقية بامكانية الشراء ،مبينا أن هذه الكمية تكفي المصفاة فقط، كان السودان يشتري نصيب الشركات، الا ان هذه المبالغ كانت لا تدفع ولاتوجد حتى صيغة مالية لجدولة الديون ، مشيرا الى ان هذه كانت مسئولية وزارة المالية، وقطع اسحق انه وفقا لذلك أبدت الشركات التوقف من العمل والخروج من مشروع البترول،واضاف” وفي زمننا القصير في الوزارة وزير طاقة في حكومة ايلا- طلبنا اتاحة بعض الوقت حتى يتم استلام مهامنا في الوزارة والبحث معهم في وسائل للاستمرارية ولكن حدثت ما يسمى بثورة ديسمبر التى تم اختطافها في وقت مبكر بواسطة عملاء لدول خارجية واستخباراتها وكان من اهم اجندتها العمل على التخلص من الصينيين ومشروعاتهم الناجحة في السودان، خاصة البترول وفي الاساس عمليات الاستكشاف الاساسية تمت بواسطة شركة شفرون “chveron”الامريكية ،ولكنها حجبت من الاستخراج والاستقلال في اطار سياسة الدول الكبرى مثل امريكا ،ورأى اسحق أن القصد كان الا يتمكن السودان من الانطلاقة التنموية بفعل البترول واستخدمت بعض الادوات الاقتصادية كتدني اسعار البترول وايضا التمرد في الجنوب لاستعمال القوة القاهرة.

لكنه أشار إلى أن الصين اتت بشركاتها وبما لديها من المعلومات عن بترول السودان وتم استخراج البترول باتفاقية جاذبة جدا للصينيين من جانب السودان وقد كان وبمشروع البترول بدأ الاقتصاد السوداني ينمو بوتيرة مذهلة 10% نمو في السنة من 2000 حتى 2010 وحقق السودان أعلى نمو اقتصادي في تاريخه بلغ 65 بليون دولار عام 2008 بفعل البترول وبسببه تعدلت استراتيجيات الفاعلين الخارجيين الى عقد اتفاق سلام مع الجنوب وخدعة الاستفتاء لفصل الجنوب وخلق حركات دارفور ودعمها للضغط لفصل الجنوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى