رأي

إذاعيات

عبد العظيم عوض

*مشكور صديقنا وزميلنا الإعلامي الجنوب سوداني مصطفى بيونق وقد ذكرني باليوبيل الذهبي لإذاعة جوبا 1974 – 2024 ,تلك الإذاعة التي وُلدت باسنانها من رحم إذاعة أم درمان قبل 50 عاما لتتولى مسيرة عامرة بالتنوير والثقافة وكل ضروب المعرفة لأخوتنا في جنوب السودان قبل أن الانفصال أو الاستقلال.
*كان ما يعرف بركن الجنوب بالإذاعة السودانية هو النواة الحقيقية لإذاعة جوبا ، بدأت هذه الخدمة الاعلامية في ستينات القرن الماضي باهتمام خاص من حكومة عبود وكانت تقدم خدماتها بمختلف لهجات الجنوب بالاضافة الي ما يعرف بعربي جوبا وكان من مؤسسيها زميلنا الراحل مصطفي عوض السيد الذي أُشتهر حينها بقراءة نشرات الاخبار بعربي جوبا البسيط ، الى أن تطورت بإنشاء إذاعة كاملة في جوبا في 22 أكتوبر عام 1974 في إطار منظومة إذاعية غطت معظم مدن السودان الكبيرة مثل مدني وعطبرة والأبيض وكسلا ودنقلا ، وجاء تمويلها من الحكومة اليابانية بإشراف مباشر من وزارتي الإعلام والأشغال.
*لكن بالنظر لخصوصية الجنوب ، نالت إذاعة جوبا اهتماما خاصا لذلك رفدتها الإذاعة القومية بخيرة اذاعييها ومهندسيها من بينهم صالح محمد صالح وذو النون بشرى والمهندس علي عبدالقادر وزميله يسين عبدالنور ، هذا بالاضافة للطاقم الذي كان يعمل في إذاعة ركن الجنوب بأم درمان وكان معظمه من الاخوة الجنوبيين.
*كانت هذه الاذاعات الولائية تركز في خدمتها الاعلامية علي متطلبات مستمعيها في الولايات المختلفة على ضوء المعطيات المحلية في كلٍ منها ، فكانت إذاعة مدني مثلا تُعنى بالارشاد الزراعي والتنمية الريفية، في حين كانت إذاعة جوبا بالاضافة إلى ذلك تركز على قضايا السلام والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من متطلبات الولايات الجنوبية الخاصة ، وكانت تلك الإذاعات إبان الازمات تعمل كإذاعة بديلة لإذاعة امدرمان، كما حدث في أحداث ماعُرف بالمرتزقة وذلك حين احتلت المجموعة الغازية بقيادة محمد نور سعد الإذاعة ، أدى ذلك لتكون إذاعتا جوبا ومدني هي الإعلام البديل للإذاعة الأم ونفذتا المهمة على أكمل وجه إرسالا ومحتوى.
*ولعل هذه سانحة ننوّه من خلالها لأهمية الاهتمام اكثر وأكثر بالإذاعات الولائية لأهميتها القصوى في بلد واسع مترامي الأطراف مثل السودان باعتبارها يكون مطلوبا منها أن تكون احتياطي للخدمة المركزية أحيانا ، وهنا أشير إلى الغياب الاعلامي التام لفترة ليست بالقصيرة حين اندلعت الحرب الحالية واستولت المليشيا الإرهابية علي إذاعة ام درمان.
*ولعل من الأفضل أن تكون الاذاعات الولائية تابعة مباشرة للإذاعة القومية في ام درمان كما كان الحال في الماضي خاصة بعد فشل تجربة تبعية تلك الاذاعات لحكومات الولايات.
*التحية والتجلة للزملاء في إذاعة جوبا وهم يحتفلون باليوبيل الذهبي للإذاعة .. ونذكر بكثير من التقدير لجيل التأسيس الاساتذة مصطفى عوض السيد واروب بقت ومصطفي بيونق ومدير الإذاعة القومية حينئذٍ الذي وقف وراء هذا الإنجاز الاستاذ محمد خوجلي صالحين رحمه الله وكل أركان حربه ممن كان لهم نصيب في هذا الإنجاز.

“أصداء سودانية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى