اقتصاد

التعاون السوداني الروسي.. تبادل المنافع

تقرير – رحاب عبدالله

بقراءة للمعطيات الماثلة فإن روسيا حسمت أمرها في الانخراط في تعاون اقتصادي مع السودان ، ويظهر ذلك جليا بعد توافد وفود روسية إلى السودان بصورة مكثفة،ففي اغسطس الماضي أجرى وفد مصرفي رفيع المستوى من البنك المركزي الروسي مباحثات مع بنك السودان المركزي، والتي اجمع عدد من الخبراء والمراقبين الاقتصاديين ان من شأنها فتح باب تعاون بين البلدين، فضلا عن انه في سبتمبر الحالي حضر إلى السودان وفد ممثلي غرفة التجارة والصناعة الروسية برئاسة فيكتور تشيمودانوف رئيس مجلس الأعمال الروسي السوداني يرافقه السفير فوق العادة والمفوض لروسيا الاتحادية لدى السودان ، وأجرى مباحثات عديدة من بينها لقاء مع وزير المعادن محمد عبدالله ابو نمو، فضلا عن لقاء وزير المالية برفقة اتحاد أصحاب العمل.

علاقة استراتيجية
وتعهد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د.جبريل ابراهيم، بالاجتهاد في تطوير علاقة السودان مع روسيا بعد تحقيق النصر الذي بات قريبا على العدو .
واكد خلال لقاء مع وفد اصحاب العمل الروسي بحضور رئيس الاتحاد السوداني ياسر الجميعابي، ان لدى السودان مجالات واسعة للتعاون فيها مع روسيا ، واعرب عن سعادته لعقد شراكات استراتيجية تستفيد منها كل الأطراف، ورحب بزيارة الوفد الروسي للسودان في الظرف الاستثنائي كما قال الجميعابي لانه في العادة الناس لا يأتون في مثل هذه الظروف واردف” الصديق عند الحاجة هو الصديق الحقيقي”، وقال”لنا صولات وجولات قادمة لتساعد في تحقيق علاقة يستفيد منها الأطراف.
وقال جبريل نحن لم نلجأ إلى روسيا مضطرين قلنا العلاقة معقدة ونحن نريد علاقة استراتيجية متكافئة يستفيد منها الطرفين ، مضيفا انه خلال زيارته ضمن الوفد السوداني الأخيرة إلى روسيا وجدوا قيادة حقيقية في روسيا وتابع”استمعنا اربعة ساعات للرئيس بوتين في لقاء مشهود اثبت فيه قدرة غير عادية في إدارة الأمر في المعرفة بالشأن الداخلي والخارجي وبالارقام والقيادة في ظرف استثنائي والان روسيا تواجه كل دول الغرب بقيادة امريكا بالوكالة وفي والواقع الغرب هو الذي يقاتل روسيا ، مبينا ان السودان ايضا يقاتل عدو لكن بالوكالة عن جهات كثيرة جدا لكنه اكد ان العدو لن يستطيع أن يقهر الشعب السوداني وان النصر قريب جدا .

منفذ امداد
غير أن الخبير الاقتصادي د.عادل الفكي يشير إلى أن روسيا طلبت من السودان توفير منفذ امداد لوجستي لسفنها التي تمر عبر البحر الأحمر، وقد وافق السودان مبدئياً على الطلب كحق سيادي للدولة السودانية تملك التقرير فيه منفردة. على السودان السعي لتحقيق أكبر مصلحة له، من خلال الاستجابة للطلب الروسي.

حجم التبادل التجاري
وقال عادل الفكي إن ما يجب على السودان الاهتمام به في الوقت الحالي هو التجارة مع روسيا، لافتا الى أن حجم التبادل التجاري مع روسيا لا يتجاوز في الوقت الحالي 110 مليون دولار في العام، في حين تبلغ الصادرات الروسية للخارج 640 مليار دولار. واعرب الفكي عن أمله في أن تقدم روسيا في هذه المرحلة قرضاً سلعياً للسودان يتضمن تزويد السودان باحتياجاته من المواد البترولية والقمح والدقيق والأسمدة، على أن تسدد قيمة القرض خلال عشرة الى خمسة عشر عاما وبفترة سماح سنتين على الأقل، لافتا الى ان ذلك يسهم في استقرار قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية، كما سيحدث المقابل المحلي انفراجاً في الإيرادات العامة للحكومة، ويقلل من استدانتها من البنك المركزي.

تغيير هيكل الصادرات
واكد المستشار الاقتصادي د.ابوبكر التجاني فائدة الاستثمارات الروسية للاقتصاد السوداني.
ونبه التجاني إلى أن روسيا تحتاج وبسبب تجمد معظم اراضيها في فترة الشتاء – إلى استيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية من الخارج ،والتي يذخر بها السودان.
وقال التجاني ل(الاحداث) إذا كانت الاستثمارات الروسية تتركز على تصنيع هذه المواد وانشاء المسالخ، ثم التصدير إلى روسيا، فانه سيكون ذو فائدة كبيرة جدا للاقتصاد السوداني لأنه يمثل قيمة مضافة كبيرة مطلوبة جدا لتغيير هيكل الصادرات السودانية التي تنخفض قيمتها كثيراً عند تصديرها كمواد خام، لكنه حذر من استنزاف هائل لموارد السودان الطبيعية ،في حال تركزت الاستثمارات الروسية على إنتاج المواد الغذائية النباتية والحيوانية وتصديرها كمواد خام وثروة حيوانية حية وذهب خام.
وأكد امكانية استفادة السودان كثيراً من الخبرة الروسية في مجالات استخراج النفط والغاز والصناعات المرتبطة بهما.
وأضاف أن الاقتصاد الروسي يحتل المرتبة الحادية عشر بين الاقتصادات في العالم. و يحقق معدل نمو سنوي لا يقل عن ٥% على الرغم من الحرب التي تخوضها روسيا في اوكرانيا، وتتصدر الالات و المعدات والسيارات والذهب و المنتجات الغذائية قائمة الواردات الروسية من الخارج، مشيرا إلى أن روسيا شهدت تطورات تكنولوجية كبيرة خلال الفترة الماضية أهلتها لتبؤ المرتبة الخامسة والاربعون في معيار الابتكار إلا انها تراجعت للمرتبة الحادية والخمسين بسبب الحرب في اوكرانيا.

تعامل حذر في الاتفاقيات
من ناحيته شدد الخبير الاقتصادي د.عمر محجوب على ضرورة انفتاح السودان اقتصاديا بقوة على كل الدول، رغم اشارته إلى أن الانفتاح نحو روسيا بدأ منذ العام 2013م لكنه لم يحدث تقدم ملموس.
وأشاد محجوب بالخطوة الحالية رغم انها جاءت متأخرة، واعتبرها خطوة في الطريق الصحيح، ونبه إلى ضرورة أن تكون تلك الخطوة في إطار تحالف استراتيجي لا مصلحة آنية، خاصة وأن روسيا استثماراتها في افريقيا تتجاوز الـ 20 مليار دولار، أيضا قامت روسيا بإلغاء حوالي 20 مليار دولار من ديونها المستحقة على عدد من الدول الأفريقية لزيادة تمتين العلاقات التجارية والاقتصادية.
واضاف عمر محجوب ان روسيا لديها رغبة في الاستثمار في مجالات النفط والغاز والكهرباء والتعدين، وهي مجالات واعدة ومهمة جدا للسودان سوف تحقق مستقبلا إيرادات مقدرة إن كتب لها النجاح، خاصة وروسيا لديها خبرات واسعة في هذه المجالات. لكن عمر محجوب دعا لضرورة ان يكون السودان حذرا في التعامل مع روسيا من ناحية الاتفاقيات وأن يستعين بخبراء في مجال الاتفاقيات وإبرامها لأن روسيا في المقام الأول تهمها مصلحتها كما أنها تسعى حاليا إلى دخول أفريقيا في إطار صراعها مع الدول الغربية للاستحواذ على موارد طبيعية مهمة مثل الذهب واليورانيوم والالماس، بالإضافة إلى التقارير الخاصة بعلاقتها مع الدعم السريع ووجودها في أفريقيا الوسطى وليبيا والنيجر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى