“التكايا”.. دعم معيشي في زمن الحرب
تقرير – ناهد أوشي
الحرب التي إندلعت في الخامس عشر من ابريل العام الماضي وما زالت رحاها تدور، خلفت واقعاً اقتصادياً واجتماعياً مأزوماً، جعلت تقارير عالمية تنذر بمجاعة تحيط بالسودان احاطة السوار بالمعصم لجهة نقص الانتاج الزراعي وتوقف عجلة المصانع خاصة الغذائية منها، تلك معطيات الربح والخسارة بيد أن للمواريث الشعبية والتقاليد السودانية من تكاتف وتراحم رأي آخر حيث أن موروث التكايا و”الضرا” تحدت تهديدات الحرب واخمدت قليلا من نيران الأزمات.
موروث شعبي
وبحسب حديث مؤسس مشروع تكية “فكة ريق” عثمان بشير الجندي بأن التكايا موروث شعبي ابتدعته خلاوي تحفيظ وتعليم القرآن بتقديم الوجبات الغذائية للطلاب المقيمين بالخلوة، وقال في حديثه ل”الأحداث” في ظل ظروف الحرب التي اثرت كثيرا على المواطنين بتهجيرهم قسريا من بيوتهم وتدمير مواقع اعمالهم ، وتخريب المرافق الخدمية الحيوية مما ادى الى إفقارهم ، واضطرارهم للسكن في مواقع بديلة بحثاً عن المأوي ، وإزاء هذا الوضع تنادى عدد من المتطوعين لإطلاق مبادرات لتوفير الطعام للوافدين وبعض المقيمين ، في مشروع تكية “فكة ريق” استلهاماً لقيمنا في التكافل والتراحم مع اضافة جوانب لتطوير التكايا لتقدم خدمات متنوعة لخدمة المجتمع عبر مسارات على رأسها مسار الغذاء والذي توفر التكية من خلاله وجبة يوميا لعدد 200 أسرة بمتوسط (5) افراد في الأسرة،
وجه آخر
كما تقدم سلة مواد غذائية بحسب المواسم (رمضان، العيدين) بجانب دعم غير ثابت للأسر ،واشار الى مسار الدواء عبر مبادرة “ليك العافية” حيث أقامت التكية مخيم لعلاج العيون بالتعاون مع منظمة البصر العالمية، وسداد قيمة فواتير علاجية، وتسهيل عمليات جراحية، مسار اخر هو خاص بالكساء عبر مبادرة “سترة حال”،
وفي هذا المسار قدمت التكية ملابس للوافدين بسبب الحرب، بجانب مسار النماء عبر مبادرة “أطوار”، فيما تقدم التكية تمويل للنساء الناشطات اقتصاديا بهدف اخراجهن من صفوف توزيع الوجبات، والسعي لرفع قدرات الفاعلين في المجتمع وتنمية مواهب الأطفال لتخفيف آثار الحرب.
وفي ذات الاتحاه التقط شباب منطقة دار السلام المغاربة بشرق النيل قفاز المبادرات عبر ” تكاتف الخيرية” وبذل جهود إنسانية لمساعدة حوالي 190 إلى 200 أسرة من اهالي المنطقة الذين اثروا المكوث في المنطقة برغم ويلات الحرب، وقال المتطوع بكري في ظل الحرب والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في منطقة دار السلام المغاربة بمحلية شرق النيل، برزت “مبادرة تكاتف الخيرية” كرمز للتكاتف والتضامن، حيث تعمل على تقديم العون والدعم لأهل المنطقة بمختلف الوسائل الممكنة، مبينا ان المبادرة بدأت بوجبة بسيطة من “حلة عدس” لتقديم وجبة مجانية بعد الشهر الأول من الحرب، ومن ثم توسعت جهودها لتشمل توفير الادوية والمواد التموينية للأسر المتعففة، بالإضافة إلى توفير أمصال لدغات العقارب بصورة مستمرة.
كما عملت المبادرة على حل مشاكل الكهرباء والمياه بتوفير الجاز لتشغيل البيارات، وتنظيف الحي من خلال إزالة الأوساخ ووضع أزيار مياه للشرب.
وفي مجال التثقيف الصحي قدمت المبادرة دورات تدريبية في الاسعافات الاولية، تمريض منزلي، صيدلة منزلية، ودورات في اللغة الإنجليزية.
وساعدت المبادرة في سفر المرضى المحتاجين للعلاج في الولايات،وقامت بتقديم “كيس الصائم” في رمضان وإدخال فرحة الأطفال بتوفير الملابس لهم، بجانب توزيع لحم عجل على الأسر بمناسبة عيد الأضحى، حيث تؤمن مبادرة تكاتف الخيرية بأن العمل الإنساني هو رسالة حب وسلام، وتسعى دائمًا لإحداث تغيير إيجابي في حياة الناس.
انعكاسات الأوضاع الاقتصادية
وبرغم الجهود المبذولة من قبل المتطوعين الا ان الظروف الاقتصادية الطاحنة قد هبت على تلك التكايا وتهدد استمرارها لاسباب حصرها عثمان الجندي في قلة عدد الداعمين،مع إزدياد عدد النازحين المهجرين قسرياً والفارين من مناطق الاشتباكات بمناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع ،وسط صعوبة عبور المواد الغذائية نسبة لعدم توفر الممرات الآمنة، وفي ظل إرتفاع أسعار المواد الغذائية التي تعتمد عليها المطابخ بسبب انهيار العملة السودانية أمام العملات الأجنبية المتداولة في السودان، وارتفاع أسعار غاز الطهي مما اجبر أصحاب المطابخ للقيام بحملات للإحتطاب الذي له آثار جانبية على صحة الإنسان وصعوبة عمليات قطع الأشجار.
فيما يشير بكري إلى تحول تقديم الوجبات إلى الفول عقب ارتفاع أسعار العدس حيث يتم توزيع جزء منها في البيوت باستخدام “الدرداقة”، بينما يتوجه السكان إلى محل الوجبة لأخذ الجزء الآخر.
معالجة العقبات
وللخروج من عنق زجاجة تدهور الأوضاع ومعالجة العقبات حتى تعود المطابخ التي اغلقت أبوابها ولا تتوقف العاملة في ظل ظروف بالغة التعقيد.
اقترح الجندي بأن تقوم المنظمات المحلية والدولية بدعم المطابخ المجانية لخبرة المتطوعين في العمل كاملا حتى مرحلة تسليم الوجبة للمستحقين، وتنظيم عمليات توزيع الطعام للنازحين عبر حصرهم كأسر تسليمهم بطاقة صرف حتى لا تحصل أسرة على وجبة زيادة على حساب أسرة،مطالبا الحكومة بتوفير نوافذ للبيع المخفض للمطابخ الخيرية، وتسهيل عبور المواد الغذائية بعد التفتيش في الارتكازات تحت اشراف السلطات الأمنية كل في منطقة سيطرته على ضمان ان تذهب للمطابخ على ان تساهم الحكومة بتوفير غاز طهي مدعوم بسعر التكلفة او توفير فحم نباتي لايقاف عمليات الإحتطاب حتى لايتأثر الغطاء النباتي بعمليات القطع الجائر للأشجار، واشار إلى أن الدعم الكبير يصل “فكة ريق” من الجيش والمواطنين بالداخل والخارج وقليل جدا من حكومة الولاية نسبة لظروفهم وانعدام موارد الولاية ،وقال وصلنا دعم من شركات زين وسوداني خلال موسم رمضان والأعياد،واكد ان شمول التكايا وتطويرها يساهم في تحريك المواطن ليكون مساهما في تحسين ذاته ووطنه ، ويدعم مفهوم شمول التكايا تفعيل الشراكات الذكية مع المؤسسات العامة والخاصة والجهات الخدمية باعتبارها امرا مهم يعود نفعه للمجتمع اثناء فترة الحرب وما بعدها.