رأي

حول الاتصال بين الفريق البرهان ومحمد بن زايد

عثمان جلال

  (١)

وإن أنسى لن أنسى مقولة عميقة للدكتور الترابي، له الرحمة والمغفرة، وجوهرها أن التغيير العميق يرتكز في الأصل على الحوار والتدافع الفكري والسياسي حيث يقول والنص من ذاكرتي “أحاور ولا أيأس، والراديكاليون أناس أعجبوا بطريقة التغيير الثوري وهؤلاء ظنوا أن التاريخ كله يتحرك بالثورات، فالتاريخ لا يتحرك بالثورات إلا إذا كُبت الجديد ولم يؤذن له بالخروج، فالأصل في التغيير إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها.”

وعن البراغماتية في الحوار دون التنازل عن القضايا الأصولية للدولة والأمة يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شمعون بيريز في حواراته مع بطرس بطرس غالي والتي صدرت في كتاب ستون عاماً من الصراع في الشرق الأوسط (لقد أرهقنا حافظ الأسد، فهو يمضي معنا في الحوار من حافة الهاوية إلى جبها دون المساومة أو التنازل عن قضيته الاستراتيجية)، ويقول منظر الثورة البلشفية لينين في كتابه المساومة (ليس الثوري من تفاخر بأنه لن يقدم التنازلات بل الثوري هو الذي يقدم التنازلات متى ما كان ذلك ممكناً وهو يعض على مبادئه بالنواجذ).

وصفوة العِبر والدروس فقد وقع النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية رغم معارضة الصحابة، ولكن القائد دوماً يحدق ببصره إلى المستقبل، وكانت نتيجة الصلح فتح مكة وأعقبه الفتح الاستراتيجي الأكبر “ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا”، ثم انتقال حركة الدعوة من المحلية والاقليمية الى العالمية. وقبلها أراد النبي صلى الله عليه وسلم التنازل عن نصف ثمار المدينة لتفكيك جيش الأحزاب ورفع الحصار عن المدينة، ثم تفكك جيش الأحزاب في بنيته الداخلية المتناقضة وكانت النتيجة الاستراتيجية (من الآن نغزوهم ولا يغزوننا).

                   (٢)

إن كان ذلك كذلك، فمرحبا بالتواصل والحوار بين رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان ورئيس الإمارات محمد بن زايد، فالحوار كان شعار قيادة الجيش منذ قرارات أكتوبر 2021 التصحيحية فقد أعلن الفريق البرهان انسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، ودعا القوى السياسية للتوافق حول إدارة مهام المرحلة الانتقالية، ولكن تحالف قحت أو تقدم أصر على احتكار السلطة وتحالف مع قيادة الدعم السريع ورفع شعار (يا الإطاري أو الحرب)، ثم شن هذا التحالف المجرم حربه الارهابية على الدولة والجيش والمجتمع بالبشاعة وانتفاء الحس الأخلاقي وقيم الرجولة والمروءة السودانية على النحو الذي تعلمون. فالحرب التي يخوضها الشعب السوداني وجيشنا الباسل هدفها الاستراتيجي محدد وهو تصفية مليشيا آل دقلو الإرهابية من جذورها وعدم القابلية لإعادة إنتاجها عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا، ومحاكمة قيادة تحالف تقدم للشراكة الجنائية، أما المحاكمة الجماهيرية والاخلاقية فقد قضى عليهم الشعب السوداني بالإعدام السياسي وللأبد.

                  (٣)

لذلك فإن أي حوار مع الأطراف الخارجية الداعمة لتحالف مليشيا آل دقلو / وتقدم الارهابي يجب أن يحقق هذا الهدف الاستراتيجي والهدف الأهم عدم التفريط في السيادة والمصالح الوطنية العليا.

وأي حوار مع الأطراف الخارجية الداعمة لتحالف مليشيا آل دقلو / وتقدم الارهابي يجب ألا يثبط الهمم والعزائم في استمرار التعبئة والاستنفار والمقاومة الشعبية الشاملة والمسلحة من الكلاش حتى الدبابة لدحر المليشيا المجرمة من كل بيت وكل حي وكل قرية وكل مدينة وكل محلية وكل ولاية وكل ذرة من تراب السودان دنسته المليشيا،

وأي تفاوض مع هذه الأطراف الخارجية الداعمة لتحالف آل دقلو وتقدم المجرم يجب ألا يؤدي إلى وقف عملية انضاج الشراكات الاستراتيجية بين السودان وروسيا والصين وتركيا وقطر وإيران فهؤلاء هم الشركاء الاستراتيجيون للسودان في تحقيق أهداف الحرب، وإعادة الأعمار،  وبعث مشاريع النهضة الوطنية الشاملة من جديد.

الجمعة ٢٠٢٤/٧/١٩

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى