بعد ساعات من مغادرة المبعوث السعودي.. رئيس الوزراء الأثيوبي في بورتسودان ماذا هناك؟
تقرير – أمير عبدالماجد
بعد مغادرة مبعوث المملكة العربية السعودية بساعات وصل إلى بورتسودان رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، وبعده من المتوقع أن يصل رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت قبل أن تسري تسريبات عن وصول وفد مقدمة روسي قيل إنه تمهيد لزيارة تاريخية سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السودان المشتعل الان.. ماذا حدث لتتقاطر الوفود الآن على بورتسودان؟ وهل مايحدث إيجابي أم سلبي من زاوية إيقاف الحرب مع الحفاظ علي كيان الدولة السودانية وتماسكها؟ وما الرابط بين كل هذه الزيارات وما المختلف؟ وهل تغيرت مواقف بعضهم مثل آبي أحمد وسلفاكير أم أن المطالب القديمة نفسها لازالت مطروحة وهذه الدول لازالت واجهات لدول أخرى منخرطة في الصراع ولم تتخلص بعد من تبعيتها؟ وماهو موقف الجيش من هذه التحركات المتسارعة وهل سيقبل بالمقترح السعودي ويعود إلى منبر جدة فوراً وماهو رده على مقترحات إماراتية غالباً ما تصل عبر رئيس الوزراء الأثيوبي وماذا عن الدب الروسي الذي يحوم شبحه على طاولة كل اللقاءات ويلقي بظلاله خاصة بعد حديث قائد الجيش عبدالفتاح البرهان عن حصار فرض على بلاده من أجل عدم الحصول على الأسلحة وهو ما فهم على أنه إشارة واضحة إلى أنه سيتعامل بجدية مع من يساعد الجيش في الحصول على مايحتاجه من سلاح وهو في هذه الحالة الاتحاد الروسي الذي أبلغ البرهان في وقت سابق انه سيوفر الأسلحة للجيش بدون قيود وهو التعهد الذي يحتاجه البرهان وفقاً للواقع العملياتي والعسكري.
مهدد استراتيجي
وهو أيضاً الواقع الذي يقود إلى الحكومة ومن خلفها الجيش سيدعمون أي اتجاه لإقامة روسيا قاعدة عسكرية على البحر الأحمر على الفور وهو أمر بات مقلقاً للولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في المنطقة وخصوصاً المملكة العربية السعودية التي ستكون في مرمى القاعدة الروسية، كما أن وجود قاعدة روسية هنا على الجزء الشمالي الشرقي للسودان سيعزز فرضية التواجد الإيراني في القاعدة وهو مهدد استراتيجي لأمريكا ودول الخليج لذا تسعى السعودية جاهدة الآن وربما تخطت هنا دور الولايات المتحدة في مفاوضات جدة أو ربما هي استجابة لمحددات أمريكية إلى إعادة ضبط المشهد على ساعة جدة بحمل الحكومة على الجلوس للتفاوض وهو أمر قالت تسريبات من داخل اجتماع المبعوث السعودي مع البرهان أن الأخير رفضه وأكد بوضوح أن السودان لن يعود إلى منبر جدة لأن المسهلين لايفرضون ضغوطاً على التمرد لتنفيذ ماتم الإتفاق عليه مسبقاً، وجدد رفضه إلحاق جهات داعمة للتمرد بمنبر جدة وانتهى اللقاء بوعد أن يقدم السودان خلال ثلاثة أيام خارطة طريق للتفاوض يأمل أن ترد عليها الأطراف المسهلة والضامنة لمفاوضات جدة.
صدمة كبيرة
بعدها وصل رئيس الوزراء الأثيوبي والتقى البرهان مطالباً بالعودة إلى المنبر نفسه، وطرح رؤية ليست بعيدة عن ما تطرحه السعودية بالإضافة إلى مناقشة ملفات خاصة بمبادرات الاتحاد الأفريقي العديدة التي لم تحقق أي نجاحات لأن الجيش رفضها وآخرها تكليف الرئيس اليوغندي يوري موسفيني بتنظيم لقاء يجمع البرهان بقائد المليشيا دقلو.
يقول محمد الحاج إسماعيل الباحث في العلاقات الأفريقية إن الأمر كله متعلق بتقارير استخباراتية غربية قالت إن تعامل المجتمع الغربي والأمريكي مع مايحدث الآن يدفع السودان إلى أحضان روسيا ويوفر للأخيرة دون جهد موطئ قدم في واحدة من أهم دول القارة جيو سياسيا، وأضاف “القوى التي تماهت مع الدعم السريع وآمنت بقدرته على الوصول إلى السلطة عبر البندقية تلقت الآن صدمة كبيرة لأن الدعم السريع أصبح قوة خارجة على القانون الدولي والإنساني وتحول إلى قوة تقتل وتنهب وتغتصب وتحرق وتدمر لذا من غير المنطقي أن تخرج علينا لتساند الدعم السريع الذي تجرد من الأخلاق والإنسانية وتحول إلى تنظيم إرهابي أخطر حتى من داعش وبوكو حرام وغيرها لذا تحركت هذه الدول لأن من يدير المشهد منزعج من الصور والتقارير التي تصله عن جرائم الدعم السريع ومنزعج أكثر من تغلغل الدب الروسي في السودان وكونه المنفذ الرئيسي للسلاح الحكومي الآن ما قد يقود مباشرة إلى الإسراع في تنفيذ مشروع القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر وهو أمر كارثي بالنسبة لامريكا ودول الخليج وهذا الانزعاج بدا واضحاً لقيادات الجيش لأنهم كلما جلسوا إلى مسؤول أجنبي من الغرب أو أمريكا أو الخليج كان يسأل عن القاعدة الروسية”، وتابع “القاعدة هذه أصبحت كرت قوي جداً لكن القيادة السودانية وهي تدرك ذلك وتوافد الرؤساء والمبعوثين ليس لأنهم شعروا بأزمة إنسانية أو لأن مصالح الشعب السوداني تهمهم كل ما هناك أن الأجندة تحركت، ويبدو أن الكواليس فيها مافيها وإلا لما شهدنا كل هذا الزخم الذي اتجه هذه المرة إلى بورتسودان وليس كما كان يحدث خلال الفترة السابقة بتحرك القيادة السودانية نحو الخارج”.
أمر مقلق
ولايتفق الباحث السياسي وأستاذ العلوم السياسية أحمد عمر خوجلي مع فكرة أن من يحرك المشهد بالضرورة هو اللاعب الأمريكي أو الأوروبي لأن المصالح القارية هنا لها وقعها فأثيوبيا تدرك أن الصراع يكاد يصل أراضيها كما أن جنوب السودان المنخرطة أصلاً في الصراع باتت تخشى من تداعياته عليها خصوصاً وأن وضعها هش جداً ومتقلب، أما مايتعلق بمخاوف الخليج وأمريكا فاعتقد أنه صحيحة لأن وجود قاعدة بحرية عسكرية روسية على شاطئ السودان أمر مقلق جداً بل وكارثي على دول الخليج التي تعلم تماماً أن هذا الأمر فاتورته على المدى القصير والطويل باهظة إذ ستجد هذه القاعدة شئنا أم أبينا من الحركة المتاحة الآن للأمريكيين والأوروبيين في البحر الأحمر وستعزز الوجود الروسي ومن خلفه الإيراني في المنطقة وفي أفريقيا باعتبار أن الأراضي السودانية ممتدة وتربط كامل الساحل الأفريقي وتصل إلى عمقه، وأعتقد أن الصراع الروسي الأمريكي الفرنسي على أشده الآن ونحن أصبحنا للأسف بعضاً من هذا الصراع وحركة الكروت المستمرة بأيدي اللاعبين”، وتابع “لو صدقت رواية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سيزور بورتسودان فهذا بالتأكيد تغيير استراتيجي لقواعد اللعبة هنا لأنه يعني ببساطة أن الكباتن الكبار دخلوا الملعب”.