الاغتصاب تحت تهديد السلاح.. قصص يندى لها الجبين في الجنينة
الأحداث – أمير عبدالماجد
منذ الأيام الأولى لحرب مليشيا الدعم السريع ضد المواطنين استعملت المليشيا الاغتصاب كسلاح ضدهم وهو سلاح اعتادت عليه في غاراتها البربرية التي ظلت تشنها على المواطنين العزل، ففي كل منطقة عاثت فيها هذه المليشيا فساداً قصص مروعة لحالات اغتصاب وتعدي على الحرمات وهو ماحدث في الجنينة التي اجتاحتها المليشيا وعاثت فيها فساداً.. قتلت واغتصبت وروعت وهجرت وطاردت الفتيات حتى أدري في تشاد حيث معسكرات اللاجئين.
اغتصاب جماعي
تقول ي. م. ا. ذات الـ26 ربيعا إنها تعرضت لاغتصاب جماعي في السابع من نوفمبر الماضي من شخصين ينتميان لفرقة الأشاوس التابعة للدعم السريع غداة سقوط قيادة الجيش في أردماتا شمالي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وتضيف أنهم طاردوها في الشارع حتى داخل بيتها حيث وقعت الواقعة، وتضيف (سألوني إن كانت لدي نقود وحيث لم تكن لدي رددت بالنفي وهناك صرعوني واغتصبني اثنان منهم بعنف وهو ما أدى إلى تمزق في العضو نجم عنه سيلان دماء وآلام حادة في الركبة بسبب قوة الصرعة، وتشير إلى أنها تلقت بعد يومين من الحادثة بعض مسكنات الآلام والأدوية من مستشفى لمنظمة أطباء بلا حدود في الجنينة، قبل فرارها إلى تشاد وانقطاع خبر زوجها واثنين من أشقائها، وتقول (إلى الآن.. لا أدرى إن كانوا أحياء أو أمواتا).
بالمقابل ووسط نوبة من البكاء والألم سردت ع.م (38 عاما) وهي معلمة قصة اغتصابها -مطلع يونيو أمام شقيقها الأكبر من قبل عناصر من الجنجويد (الدعم السريع)، وتقول بعد استعراضها شهادة من قبل منظمة أطباء بلا حدود تفيد بتعرضها لعنف جنسي أمسك أحدهم برجليَّ والآخر بيديَّ، وجردني الثالث من ملابسي واعتدى عليّ، وتضيف أن من أمسكا بيديها ورجليها كانا يرتديان لباس الدعم السريع، بينما كان الثالث في جلابية عادية وتفيد عوضية باختفاء أثر زوجها نهائياً مطلع نوفمبر الثاني الماضي بعد سقوط معسكر الجيش في شمال الجنينة، رغم أنه مدني بينما لا يزال شقيقها خميس معتقلاً لدى الدعم السريع، وتصر والدتها على البقاء في الجنينة انتظاراً للإفراج عنه، وتقول إن اثنين من أشقائها لا يزالان يعانيان آثار خنق وضرب عنيف بأعقاب البنادق وإن الواقعة تسببت لها في خدر بإحدى رجليها فضلاً عن آلام مبرحة في الظهر.
خيارات مريرة
أما الطالبة في جامعة بحري (ص. م. خ) فقد وقعت بين خيارين مريرين هما قتل والدتها أمامها أو القبول بتمكين المجرمين من نفسها، وتقول الفتاة ذات الـ22 ربيعا (لم يمهلوني كثيراً لتقليب الرأي في هذا الخيار إذ أرغموني تحت تهديد السلاح على اصطحابهم إلى منزل فارغ قرب المكان الذي كنا نتجمع فيه مع العائلات وهناك وقع الاعتداء وكان ذاك أواسط نوفمبر الماضي، وتضيف (تألمت وبكيت وصرخت).
فيما تبدو الفتاة وفاء (وهو اسم مستعار) أكثر حظاً إذ أسعفها التظاهر بالموت فنجت من الاغتصاب، وتقول (كنت مع أخواتي خارج المنزل في أحد أحياء الجنينة يوم 24 أبريل.. دخلت المنزل لأخذ أغراض وهناك وجدت عناصر من الدعم السريع لسرقة البيت على ما يبدو، وتضيف الفتاة ذات الـ17 ربيعا (خيروني بين القتل والاغتصاب ففضلت الموت طعنني أحدهم بسكين على ثديي وركلني آخر على الخاصرة وسقطت متظاهرة بالموت ضربوني بأعقاب البنادق وسمعت أحدهم يقول هي ميتة.. سرقوا كل شيء وهربوا)، وتتابع (تحاملت على نفسي حتى وصلت إلى أقرب عصاة اتكأت عليها وغادرت).
وتعضد هذه الروايات شهادة ح. أ. ح وهي مسؤولة سابقة للتوليد بمستشفى الجنينة وتقول إن أهالي النساء كانوا يحضرون بناتهم إليها للكشف عليهن وإنها شاهدة على 20 امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب.
مطاردة وضرب
وبعد ثلاثة أسابيع من مغادرتها المدينة في 27 يونيو قررت الشابة (ه) البالغة من العمر 24 عاماً ووالدتها المغامرة بالعودة إلى منزلهما المحترق لجلب ما تبقى من أغراضهما لكنهما واجهتا في الطريق مجموعة من الرجال الملثمين من المليشيات العربية وتبعهما إثنان إلى المنزل وأخذ المسلحان – وكلاهما كانا يرتديان الملابس التقليدية للقبائل العربية – يستجوبان الشابة وأمها بأسئلة مثل هل كانتا تخبئان مقاتلين من المساليت وأسلحة؟ وأضافت أن الرجلان أمراهما بعد ذلك بالجلوس على الأرض وقالا إنهما سيقتلاهما وطلبا منهما النطق بالشهادة وبدلاً من ذلك، أمسك الرجلان بذراع الشابة ودفعاها إلى غرفة وهدداها بالسلاح عندما قاومت وقالت إن جدران الغرفة كانت سوداء اللون وتفوح منها رائحة الخشب المحروق ونزع المسلحان ملابسها ووقفت والدتها عند الباب المفتوح تصرخ وتطلب منها أن تقاوم ووجه المسلحان أسلحتهما نحو الأم وهددوها بإطلاق النار عليها ثم تناوب الرجلان اغتصاب الشابة واستمر الاعتداء حتى دخل رجل ثالث إلى المنزل وأوقفهما وأمر الجميع بالخروج من المنزل وطارد إثنان من رجال المليشيات الشابة ووالدتها وقاموا بضربهما وجلدهما وقالت إنها أخبرت قريبتها بما حدث لها بعد مدة قصيرة من وقوع الاعتداء، وأجرت رويترز مقابلة مع قريبتها في أدري وقدمت رواية مطابقة للقصة وقالت إنها نفسها تعرضت للاغتصاب وبعد أيام من الاعتداء فرت الشابة إلى تشاد وقالت إنها بدأت تعاني في يوليو من الصداع والدوار والغثيان وأسرت إلى قريبتها بمخاوفها من أن تكون حبلى وبعد أن أكد الاختبار الحمل ذهبت إلى المركز الطبي في المخيم وحصلت على دواء استخدمته للإجهاض وأكدت امرأة تعمل مع الناجيات من حوادث الاغتصاب في المخيم أنها رأت الشابة تتلقى الدواء وقالت الشابة (بكيت لثلاثة أيام بعد أن علمت بالحمل) وأضافت (لم أستطع الأكل أو النوم لم أكن أريد هذا الطفل).
محاولة فرار
وفي 15 يونيو كانت الشابة (ه) وإخوتها الخمس الصغار ووالدتهم من بين الآلاف من سكان المساليت في الجنينة الذين حاولوا الفرار بشكل جماعي إلى قاعدة للجيش في شمال المدينة وسط هجمات قوات الدعم السريع والمليشيات العربية لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى هناك بعد تعرضهم لإطلاق نار كثيف وقالت إنها شاهدت والدتها تسقط قتيلة في الشارع بعد إصابتها بنيران القناصة وفي ظل الفوضى انفصلت الفتاة عن إخوتها وفي صباح اليوم التالي يوم 16 يونيو قالت إنها كانت تفر من المدينة على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى تشاد عندما أمسك بها مسلحون هي وثلاث شابات أخريات، وأوضحت أن الرجال غطوا وجهها بوشاح وحملوها هي والأخريات إلى سيارة دفع رباعي واقتادوهن إلى كوخ بدائي مصنوع من أغصان الأشجار به حشايا على الأرض وأُخذت إلى غرفة بمفردها وهناك تناوب أربعة مسلحين يرتدون زي قوات الدعم السريع في اغتصابها وفي اليوم التالي اغتصبها اثنان مرة أخرى وفي اليوم الثالث تعرضت للاغتصاب مجدداً على يد أحد الرجال، وقالت في مقابلة أجريت معها في أدري في خيمة مصنوعة من العصي والقماش والأغطية البلاستيكية (اغتصبوني لثلاثة أيام) وأضافت أنه عندما حاولت المقاومة ضربها الرجال وجلدوها ورفعت كم عباءتها السوداء لتظهر ندبة داكنة عميقة جراء الضرب على ذراعها قالت وهي تنفجر بالبكاء (تركوني في اليوم الرابع) وتابعت أن الرجال ألقوها في الشارع وأقنعت امرأة مسنة سائقاً عابراً بتوصيل الفتاة إلى أدري.
اعتقال واغتصاب
وتقول إحدى الناشطات بالجنينة إنهم استهدفوها في يونيو إذ اعترضتها سيارة دفع رباعي أثناء خروجها من منزلها واعتقلوها باسم الدعم السريع وكانوا يرتدون الزي الرسمي للدعم السريع وأضافت إن الرجال كانوا سبعة قام إثنان منهما بتقييدها بينما عصب ثالث عينيها بوشاحها وقيدوا يديها قبل ضربها والتحرش بها ودفع رأسها إلى أرضية السيارة، وأضافت (شعرت وكأنني أختنق) وكان وجهها معروفاً في الجنينة إذ كانت تظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في لايفات شهيرة تنتقد قوات الدعم السريع والمليشيات العربية لمهاجمتها المدنيين في المدينة حسبما أوضحت، وقالت إن الرجال يعرفون إسمها ولاحظت أن أحدهم كان لديه صورة لها على هاتفه وقاموا بضربها وجلدها بالسوط خلال توجههم بالسيارة إلى مكان بعيد ثم توقفوا واقتادوها إلى منزل مهجور وقالت إنها تعرضت هناك للاغتصاب على يد عدة رجال بينما كانت محتجزة معصوبة العينين لساعات وأضافت أن المنزل كان يعج بصوت ضحكات الرجال وتنتشر فيه رائحة الكحول ودخان السجائر وسمعت أحد الرجال يتفاخر بأنه قتل تسعة أشخاص، وقال آخر إنه اغتصب فتاة عذراء فيما تفاخر ثالث باغتصاب عدد من النساء أكثر مما يستطيع حصره. وتابعت الناشطة أن المعتدين رددوا مراراً كلمات تنم عن عنصرية خلال تلك التجربة المروعة، وتذكرت كيف أنه بعدما احتجزوها وجه الرجال إهانات عنصرية لقبيلة المساليت وهددوا بقتل الرجال والاعتداء على النساء، وأضافت أنهم أعادوها إلى منزلها وألقوا بها خارجه على جانب الطريق في وقت متأخر من الليل وتابعت (بسبب الصدمة بقيت هناك حتى الفجر) وقالت لرويترز إن والدها عثر عليها وهو في طريقه لأداء صلاة الفجر.