خط نقل نفط الجنوب.. الأوضاع الأمنية تُعطِل استئناف الضخ
تقرير – رحاب عبدالله
توقف خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل النفط من دولة جنوب السودان عبر السودان للتصدير، منذ شهر مارس الماضي، بسبب الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع. حيث تعرض الخط إلى تمزق بسبب انسداد خط أنابيب تحت الأرض في أراضي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع، وأعلنت الحكومة السودانية عن مساعٍ جادة لإصلاح الخط واستئناف ضخ نفط الجنوب، لأن هنالك فوائد يجنيها الطرفان كما أن هنالك خسائر وأضرار تقع على الطرفين، فضلاً عن أن هنالك شركاء أجانب، إلا أن موعد اكتمال الإصلاح لم يتم الإعلان عنه حتى الآن.
صعوبة تحديد موعد
وزير الطاقة والنفط د.محي الدين نعيم محمد أكد صعوبة تحديد زمن محدد لإعادة تشغيل خط الأنابيب الناقل لبترول جمهورية جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، وعزا في حديثه ل(الأحداث) الأمر للأوضاع الأمنية وعدم تمكن دخول المهندسين لبعض المواقع حتى تتم عمليات الصيانة المطلوبة للخط.
وقال إن المتبقي للإصلاح نحو 80 كيلو فقط من الخط، متوقعاً عودته للعمل قريباً، مؤكداً أن التحدي الكبير يكمن في الوضع الأمني، وقال “حسب البرنامج الموضوع لتفريغ الخط حالياً نحتاج إلى فترة قصيرة لتكملة هذه العملية وبعدها يكون الخط جاهز لاستقبال خام الجنوب واستئناف تشغيل الخط بصورة طبيعية.
أصل الحكاية
وأوضح وزير الدولة بوزارة النفط الأسبق مهندس إسحق جماع، أن أصل نفط الجنوب الذي آل إليه بعد مشروع استغلال البترول الذي صرف عليه حينها (السودان)، والحقول التي آلت للجنوب هو حقل الوحدة في منطقة بانتيو المتاخم لهجليج وحقول 3و7 في منطقة “فليج” ونقل الخام للصادر عبر خطّ هجليج بغرب النيل الأبيض وخط دار عبر شرق النيل الأبيض محطة الجبلين.
وأضاف إسحق “أن الوضع الحالي هو توقف الخط نتيجة التمرد وخاصة هنالك جنوبيين مشتركين متعاونين في الحرب مع مليشيا الدعم السريع”، وكشف إسحق أن معلومات تفيد بعلم السلطات الجنوبية بفعل خارجي لخنق السودان من جيرانه والجنوبيين هم أول المخنوقين، ولكن لم يتم حساب لذلك على السودان، وأكد إسحق إمكانية إصلاح الخط لأن العطل ليس جسيماً لأن الخط غير ملئ ويمكن تمرير خام خفيف لإزالة التجمد إن وجد.
وكشف الوزير أن كل الفريق العامل في عمليات الإصلاح سودانيين بنسبة 100% ولهم خبرات ثرة منذ الإيقاف الأول الذي حدث في العام 2011.
حجم الضرر
على الصعيد الآخر أكد إسحق ان السودان متضرر لأن محطة كهرباء أم دباكر بربك وقودها من خام دار وأيضاً هنالك 14 ألف برميل يومياً للمصفاة بصيغة شراء من الجنوب والمصفاة متوقفة بفعل التمرد.
وأضاف إسحق أنهم كخبراء نبهوا المسؤولين في بداية مشروع استغلال البترول السوداني لأن المشروع تم مع الصينيين وأصل الاستكشاف تم بواسطة شركة “شفرون” إلا أن “شفرون” عطلت المشروع باستخدام قوة قاهرة عندما تدنت أسعار البترول عام 1982 ما يسمى ب( oil glut )، مضيفاً أنه الآن حسب معلوماتهم إن شفرون تلعب مع الفاعلين الخارجيين في تدمير السودان، وأشار إلى أن ما يهم شفرون تدمير البنية الاستثمارية التي عملتها الصين على صعيد النهضة البترولية.
خبرات سودانية
وكشف وزير النفط محي الدين، أن كل الفريق العامل في عمليات الإصلاح والتفريغ للخط يتم بأيادي سودانية بنسبة 100% ولهم خبرات ثرة منذ الإيقاف الأول الذي حدث في العام 2011.
عائد نقل البترول
وأوضح وزير الطاقة والنفط د. محي الدين نعيم محمد ان عائد نقل البترول للحكومة السودانية يتراوح حسب معدل الإنتاج وكميات الصادر التي يستقبلها هذا الخط من بترول الجنوب، مبيناً أنه في الفترة الأخيرة تقريباً يكون العائد لحكومة السودان من رسوم المعالجة في الجبلين ورسوم النقل حتى ميناء بشائر يبلغ حوالي المليون دولار ونصف في اليوم.
فيما قال وزير الدولة بوزارة النفط الأسبق مهندس إسحق جماع إن الرسوم كانت 25 دولار ( 15) دولار لنقل الخام وعشرة دولار تعويضات) محسوبة مع نظام النقل من ناحية حسابية.
فقدان ملايين الدولارات
وأكد الخبير الاقتصادي د.هيثم فتحي أن حل مشكلة انسداد الخط تتطلب تشغيل محطات ضخ وتدفئة بكامل طاقتها وتوفير إمدادات كافية من الديزل، وقال في حديثه ل(الأحداث) “هي مسائل تواجه تحديات بسبب ظروف الحرب الحالية في السودان”.
وأكد فتحي أن توقف خام النفط من جنوب السودان أثر على محطة أم دباكر بولاية النيل الأبيض، والتي تنتج الكهرباء في السودان، لأن الوقود الخاص بالمحطة ضمن صفقة تمرير الخام من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية.
وقطع هيثم فتحي بتأثير توقف تصدير النفط عبر موانئ السودان، سلباً على الاقتصاد السوداني، لأن هنالك اتفاق مع دولة جنوب السودان يتضمن رسوم لنقل البترول، مشيراً إلى تضرر السودان من خلال فقدان عائدات من النقل السنوي عبر الخط قدرها 300 مليون دولار سنوياً، مضيفاً أن هناك خطر من تعرض خطوط نقل النفط للتلف لمتبقي خطوط النقل، ولفت إلى أن تدفق النفط الخام من مناطق الإنتاج إلى موانئ التصدير تحكمه اتفاقيات دولية، وهو مصلحة عليا للسودان.
وأكد فتحي أن التوقف يؤثر بصورة أكبر على إقتصاد دولة جنوب السودان، خاصة مع تراجع إنتاج النفط.
تدني الإنتاج
وقلل الخبير الاقتصادي د.محمد الناير، من أثر توقف تصدير نفط جنوب السودان بصورة كبيرة على اقتصاد السودان رغم إقراره بأثره على اقتصاد البلدين (السودان وجنوب السودان).
وأقر الناير في حديثه ل(الأحداث) بتأثير توقف مرور النفط على اقتصاد السودان، لكنه قال إنه ليس بنسبة كبيرة، وعزا ذلك لأن ما يحصل عليه السودان من تصدير نفط جنوب السودان لم يكن كما كان في السابق حينما كان جنوب السودان ينتج بطاقته القصوى، ومعلوم أنه حينما انفصل جنوب السودان كان إنتاجه يزيد عن 330 ألف برميل في اليوم، ولكنه انخفض بسبب الاضطرابات الأمنية التي تمت في جنوب السودان في ولاية الوحدة والولايات المجاورة للسودان المنتجة للبترول، ما أدى لتوقف إنتاج النفط في هذه المناطق تماماً، وبالتالي انخفض إنتاج نفط جنوب السودان إلى ربما 150 أو 100 ألف برميل، وبالتالي قطع الناير بأن أثرها أصبح على السودان ليس كبيراً، وأكد في ذات الوقت فائدتها للسودان، بقوله إنها كان يمكن أن تساعد في مثل هذه الظروف التي يمر بها السودان في تحسين الوضع الاقتصادي بالنسبة إلى العائد من النقد الأجنبي الذي يتم الحصول عليه كرسوم عبور ورسوم سيادية لنقل جنوب السودان.