رأي

“مصطفى سعيد.. لعنةُ اللهِ عليك”! (4)

يبدو أنَّ موضوع مطاردة مصطفى سعيد لي قد استهوى بعض أصدقائي، لقد انبسطوا من إفساده لأيامي في لندن، وطربوا لذلك أيِّما طرب، اللهُمَّ قِني شرَّ حسادة أصدقائي، أمّا أعدائي فأنا كفيلٌ بهم.

 

أيامي في لندن باتت معدودة، سألتُ الله أن تمرَّ بسلامٍ، فلستُ بحاجة لأي مفاجأة. في آخر ثلاثة أيام، استفسرتني إدارة الجامعة إذا ما كُنتُ أرغبُ في قضاء بعض الأيام في لندن بعد انتهاء الكورس حتى يقوموا باللازم، شكرتُهُم وقلتُ لهُم: بعد نهاية الكورس بساعة سأكون في مطار هيثرو عائداً لوطني. أغلب الذين كانوا معنا في الكورس مدَّدوا فترة إقامتهم لثلاثة أو أربعة أسابيع، ولكني كنتُ مُسرعاً إلى حلب ومُنغصات العيش كلها في حلب.

 

اتصل بي “المحبوب” باكراً قائلاً إنَّ الـ‘بي بي سي’، تُحضِّر ليوم عن السُّودان، وإنَّ عُمر الطيب يرغبُ في استضافتي في البرنامج الذي يُعِدَّه لذلك اليوم. المهم، حدَّدنا مواعيد للقاء مع عمر في الـ‘بي بي سي’.. في الاستقبال، وجدتُ الأستاذ حاتم السر، الناطق الرسمي باسم التجمُّع الديمقراطي، قلتُ له: يا حاتم ياخي، إنت مشعللها اليومين دي مالك، هي البلد ناقصة نيران؟!  قال: مشعللها أنا ولا جماعتكم؟!  اتفقنا على لقاءٍ، للأسف لم يتم.

أخذني عُمر لداخل الاستديوهات وقُمتُ بتسجيل المادة المطلوبة، وبعدها كان عليَّ أن أغادر مبنى الإذاعة إلى مباني جامعة لندن التي تبعُد مائة متر فقط عن مباني الـ‘بي بي سي’. ولكن الأخ عُمر بوُدِّه المعهود رغم زحمة عمله، استبقاني معه. فجرى الحديث عن جامعة لندن، سألته عن السُّودانيين الذين درسوا فيها، فقال لي إنه لا يذكر أحداً غير الطيِّب صالح. قلتُ: يا ساتر؟!  فقال لي: مالك؟!  قلتُ: لا شيء، لقد تذكرتُ أمراً وعليَّ أن أغادر، وبالفعل نهضتُ من الكرسي بسرعة، وتقدَّم معي عُمر مُودِّعاً لخارج المبنى، وفي الدهليز قال لي عُمر: بمناسبة الطيِّب صالح، يُقالُ إنَّ الطيِّب كتب “موسم الهجرة إلى الشمال” في هذه الغرفة..!! لم تكُ لي أدنى رغبة في الالتفات ناحية الغرفة التي أشار إليها، بل أسرعتُ في السير وكدتُ أعدو، ولكنني لم أكُن أستطيع ذلك.. إذن هذا المكان شهد أيضاً مولد هذا اللعين. كيف تسنَّى لهذه الشخصيَّة أن تولد في أكثر من مكان في آنٍ واحدٍ؟!  مصطفى سعيد وُلد في ضواحي الخرطوم، على حسب إفادات الرَّاوي، وإن كان المُؤلف يُشكِّك في ذلك.. مصطفى سعيد وُلد في الرِّواية، بذلك المطعم التركي كما علمتُ، وها هو الآن يُقال لي إنه قد وُلد في مباني الـ‘بي بي سي’، حيث كان يعمل الطيِّب صالح في الستينيات.

 

مصطفى سعيد.. لماذا تهبط عليَّ في مثل هذه الأوقات؟!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى