مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية الأسبق في حوار مع (الأحداث): الحرب تسببت في تعطيل إنتاج 400 كيلو جرام ذهب شهرياً
حوار – ناهد أوشي
كشف المدير الأسبق للشركة السودانية للموارد المعدنية مجاهد البلال عن تسبب الحرب التي اندلعت في 15 أبريل من العام الماضي في تعطُل إنتاج ما بين 300 – 400 كيلو جرام من الذهب شهرياً، خلال الأشهر الأولى للحرب من قطاع شركات الإمتياز.
وقال في حوار مع (الأحداث) إن الحرب تسببت في توقف كل الشركات الأجنبية عن العمل، فضلاً عن أنها قامت بإجلاء موظفيها منذ بداية الحرب، لكنها عاودت الإنتاج لاحقاً بعد عدة أشهر، مشيراً لتباطؤ الإنتاج في معظم شركات معالجة المخلفات، وذلك بسبب شح مدخلات الإنتاج وتراجع أنشطة التعدين التقليدي المغذي للقطاع بالخام، مضيفاً أن الحرب أدت إلى توقف الاستكشاف بالشركات، ما عدّه أثّر على إيرادات الدولة من قطاع التعدين، بالإضافة لتناقص حجم الذهب المصدر عبر القنوات الرسمية في الفترة الأولى للحرب وتصاعد أنشطة التهريب.
وكشف عن انتشار كثيف للأنشطة العشوائية المتمثلة في المعالجة بالمواد الكيميائية بعيداً عن أجهزة الرقابة والإجراءات الرسمية، وأرجع ذلك لضعف الرقابة الحكومية في الفترة الأولى للحرب، بيد أنه أشار إلى أن سرعة حركة وزارة المعادن وأذرعها وانتشارها في الميدان في الولايات الآمنة مكّن من سرعة عودة النشاط لشركات الإنتاج وضبط الممارسات العشوائية.
ونبه لخطورة ضرب رئاسة الوزارة ومقر هيئة الأبحاث الجيلوجية ومقر الشركة السودانية للموارد المعدنية بما يفقد البلاد معلومات فنية وإدارية لا تقدر بثمن، وتوقع مواجهة قطاع التعدين مصاعب لاسترجاع تلك المعلومات.. المزيد من المعلومات في إفاداته أدناه..
برأيك كيف سيكون وضع وزارة المعادن في تشكيل الوزارات المرتقب؟
حملت الأخبار أن تقليصاً للوزارات بين يدي رئيس مجلس السيادة، تتبنى فيه التوصيات دمج وزارة المعادن مع وزارة الطاقة والنفط، ولنا رأي في ذلك من خلال ما مرت به الوزارة في السنوات الماضية، حيث تقلبت صناعة المعادن بمكوناتها الفنية والرقابية والتجارية والإدارية، تقلبات غير منطقية في فترة وجيزة من عمر السودان تشئ للمراقب بأن هناك تعجلاً دائماً في أمرها وذلك وفق الآتي:
* قبل العام 2010 كانت المعادن مدمجة مع الطاقة تحت مسمى وزارة الطاقة والتعدين.
* في العام 2010 تم تأسيس أول وزارة منفصلة للمعادن في تاريخ السودان الحديث ما بعد الاستقلال، وكانت شواهد الذهب وقتها كبيرة جداً، وترأس الوزارة الدكتور عبدالباقي الجيلاني.
* فى العام 2018 وبدواعي التقشف تم دمج وزارة المعادن مع الطاقة والكهرباء في حكومة معتز موسى وترأسها الجيلوجي المستشار أزهري عبدالقادر.
* في فبراير 2019 ومع قرارات التصحيح تمت إعادة المعادن لوزارة منفصلة في حكومة محمد طاهر إيلا وتقلد الوزارة الدكتور محمد أبوفاطمة.
* في أول حكومة بعد ذهاب الإنقاذ وبدواعي الحكومة الرشيقة تم دمج المعادن مرة أخرى مع النفط والكهرباء في حكومة الدكتور عبد الله حمدوك وترأسها الجيلوجي المستشار عادل علي إبراهيم.
* في العام 2020 جرت تعديلات عادت على أثرها المعادن وزارة منفصلة ترأسها الوزير محمد بشير عبد الله أبونمو.
هذا السرد يوضح أن هنالك ست تقلبات للوزارة بين الأفراد والدمج في فترة قصيرة.. خمسة منها تمت في غضون ست سنوات في حقب مختلفة بواقع قرار لكل عام.. والأمر في تقديرى يعزى إلى أمرين، أولهما أن اللجان التي تعمل في أمر الفرز والدمج لا تكون الصورة لها واضحة عن تركيب أجسام الدولة ومايمكن أن تساهم به كل وزارة.
وثانيهما عدم استصحاب أصحاب المصلحة وإدارات المؤسسات المتخصصة لكل قطاع في تلك المداولات فتكون دوماً المعايير قاصرة والنتائج تؤخر ولا تقدم، والدليل هو أن مع كل دمج تقدم الجهات الفنية المتخصصة من الجيلوجيا والمعادن مجهوداً كبيراً في شرح واقع الحال فيتم فرز الوزارة مع أول تعديل وزاري قادم.
لماذا وزارة معادن منفصلة؟
أولاً.. في عمر قصير.. استطاعت المعادن بمعدن واحد فقط أن تتصدر قائمة صادرات السودان وصارت مصدر عملته الحرة الأكبر وذلك بمجهود لا يوازي عشر ما يتوجب القيام به في المستقبل تجاه صناعة التعدين في البلاد.. فما بالك بعشرات المعادن الأخرى التي في القائمة.. وما بالك بعديد الشركات الواجب تأسيسها على مثل ما تأسست عليه الشركة السودانية للموارد المعدنية وشركة أرياب وشركة معادن السودان للتدريب.
ثانياً ..
بلادنا في حالة حرب أو فلنقل أنها خارجة من حالة حرب منهكة مدمرة للبنى التحتية فما بالك بقطاعات كبرى كانت أساساً قبل الحرب تمثل تحديات عظيمة مثل النفط والكهرباء، فيدمج معها المعادن، فهذه ملفات ذات تعقيد تحتاج أن تكون مطروحة باستمرار في اجتماعات الكبار وقضاياها حاضرة، سواءا على مستوى مجلس الوزراء أو مجلس السيادة، فماذا سيقول وزير لا تتاح له إلا دقائق معدودة على المستوى السيادي ليعبر عن ثلاثة ملفات كل منها تحتاج لمجلس وزراء متفرغ ليدعمها بالقرارات السيادية.
ثالثاً ..
تخصص الوزير سيحدد غالباً أولوياته.. إما مهتماً بالنفط أو بالكهرباء أو بالمعادن.. وبالتالي حضوره وهمومه الحاضرة في الغالب ستكون في مجال يفهمه مباشرة ومعلوماته حاضرة، وسيحتاج إلى وقت طويل لفهم قضايا القطاعات الأخرى على عكس ذلك في حال وزارة منفردة حتى إن كان الوزير غير متخصص، فإنه يكرس وقته وجهده في حله وترحاله تجاه مسؤوليته فينام ويصحو بها.
رابعاً:
من الواضح أن أجهزة الدولة في مراجعاتها المختلفة تعود وتكتشف خطأ دمج المعادن مع قطاعات أخرى وسرعان ما تصحح الخطأ بإعادة المعادن إلى وزارة مستقلة، وذلك الأمر رغم إيجابيته، لكنه أدى لتأخر تطور ونمو وزارة المعادن كثيراً، وأضعف حضور قضاياها على مستوى الجسم السيادي ونقصان المعلومات على مستوى الأجهزة العليا للدولة.
ظني ورأي أن وزارة تضخ لميزانية الدولة مباشرة ما لا يقل عن 350 مليون دولار سنوياً، ووزارة تشرف على ما لا يقل عن 50% من قيمة صادرات البلاد، ووزارة تدير ميزانيات تشغيل للشركات والمعدنين داخل الدورة الاقتصادية للدولة بما لا يقل عن 2 مليار دولار سنوياً، ووزارة ترعى مسؤولية أكثر من ستة ملايين سوداني من عاملين ومتعاملين ومعدنين ومن يعولون، ووزارة تمثل اقتصادا مصغرا للبلد بوجود جميع رؤوس الأموال وكبار رجال الأعمال والشركات داخلها.
ظني ورأيي أن وزارة بهذا الحجم وبقدر هذا التحدي ويتعشم فيها الجميع لتقود ركب الأعمار يجب أن تكون وزارة منفصلة تحت مسمى وزارة المعادن.