تقارير

مأساة فتيات نقلن من المدن إلى دارفور لبيعهن كـ(سبايا)

“خور جهنم”..

مأساة فتيات نقلن من المدن إلى دارفور لبيعهن كـ(سبايا)

تقرير – أمير عبدالماجد

لا أعلم متى سمعت إسم هذا الخور (خور جهنم) أول مرة لكن المؤكد أنني سمعت الإسم كثيراً بعد الشهر الرابع للحرب.. ربما قبله أو في منتصفه أو بعده، كل الاحتمالات واردة لكن “الخور” هذا أصبح بعبعاً لكثير من الأسر التي سمعت بوجوده في دارفور فغادرت الأسر منازلها بسرعة عندما علمت أن منطقة سكنهم أصبحت مهددة بدخول مليشيا الدعم السريع إليها. لاتستطيع تجاهل حقيقة أن الأسر في الخرطوم أو الجزيرة أو غيرها غادرت منازلها بسبب الخوف على بناتها من الاختطاف والاغتصاب.

اغتصاب حرائر :

هذه من السمات المعروفة لقوات الدعم السريع بالإضافة إلى القتل والنهب. فهذه القوات لم يثبت حتى الآن أنها دخلت منطقة ولم تقتل مواطنين فيها أو تنهب منازل مواطنين أو تغتصب حرائر هنا وتختطف حرائر هناك، كل المناطق التي دخلتها قوات الدعم السريع شهدت اغتصابات وحالات خطف للفتيات، صحيح أن حالات الخطف في البداية لم تكن موسعة بالشكل الذي وصلت إليه حالياً لكننا كنا نتابع على الوسائط أحاديث عن عمليات اختطاف فتيات ونشر عن مفقودة هناك وهناك.

وصمة عار:

في الأثناء كانت تجري في الخرطوم عمليات اغتصاب في أجزاء واسعة من المناطق التي انتشر فيها الدعم السريع وهذه لن تجد لها سجلات لأن الأسر السودانية غالباً ما تعتبر جرائم الاغتصاب وصمة عار للفتاة لذا تمتنع عن الحديث العلني عنها وتنكفئ على آلامها وجراحاتها وتتلمس سبل معالجة إبنتها.

اختطاف:

لم تتوقف حالات الاغتصاب إلى يومنا هذا إذ خرجت للعلن الأسبوع الماضي مأساة الطفلة الصغيرة التي تم اغتصابها في منطقة توتي بالخرطوم، كما بدا الدعم السريع مبكراً في نهب البنوك والبيوت والمؤسسات بدأ في اغتصاب الفتيات في الخرطوم بل وأقاموا لهن منازل في مدينة بحري على سبيل المثال كما روت الناجية ماريا حسن التي اختطفت من الدروشاب شمال بحري وألحقت بمنزل وجدت فيه (19) فتاة اختطفن بواسطة مليشيا الدعم السريع وأجبرن على البقاء هناك لإعداد الطعام للجنود وغسل الملابس وغيرها، وقالت الجنود هناك كانوا يستخدمون الفتيات كخادمات وممرضات للجرحي وأنهن كن يعانين من عدم توفر مياه الشرب ويحرمن من الطعام.

إخفاء قسري:

هذه نقطة واحدة من نقاط كثيرة أقامتها المليشيا للإخفاء القسري للفتيات وهناك نقاط أخرى في بحري نفسها وفي الخرطوم وأم درمان وأعتقد أن فكرة النقل وإقامة أسواق تغذت من هنا وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة قد وثقت في وقت مبكر في تقرير لها عن السودان وجود 50 حالة عنف جنسي تشمل الاغتصاب الفردي والجماعي في الفترة من 15 أبريل حتى 2 نوفمبر 2023، وقالت المفوضية في تقريرها إن الوضع في مناطق سيطرة الدعم السريع أشبه بالعبودية. وأشارت لاحقاً في بيان أن مصادر أكدت لها أن سيارات تحمل نساء وفتيات غادرت الخرطوم نحو دارفور وهو ما أشارت له مصادر متطابقة بينها عامل الإغاثة مهيب الدين فارس والصحافي الهادي عبدالله الذين أشارا إلى أن اختطاف الفتيات انتشر في دارفور، وأكدا أن مقاتلي الدعم السريع الذين فروا من المعارك في الخرطوم نقلوا عشرات الفتيات المختطفات إلى دارفور، وكشفوا عن وجود أسواق لبيع الفتيات في الضعين وشمال غرب دارفور.

مبالغ ضخمة :

مايطرح السؤال هنا هل سوق جهنم موجود في هذه المنطقة فقط.. الإجابة لا لأن أخريات وثقت مصادر محلية بيعهن في مناطق أخرى مثل حادثة الفتاة التي حررها زميلها في الدراسة في كبكابية ودفع مبلغ (600) ألف جنيه أو حادثة بيع فتاتين بمليار وسبعمائة ألف جنيه وذهب بهن المشتري إلى منطقة أردمتا بالقرب من الجنينة.

موقع السوق :

لفك طلاسم موقع السوق ونوعية التجار وإلى أين يذهب المشتري بالفتيات تواصلت بعدد من الملمين بالأمر لكن البعض رفضوا الحديث والبعض الآخر لم يتم التواصل معهم لانقطاع الاتصالات بدارفور فيما عدا شخص يدعى “حماد”.
(حماد) وهو ليس الإسم الحقيقي له لأنه طلب حجب الاسم لوجود أقرباء له في دارفور يخشى أن يتعرضوا للقتل وكان موجوداً لحظة الاتصال بشرق السودان للعلاج بعد أن أصابته شظية في ظهره.. ابتدرت حديثي معه بالسؤال عن إسم “خور جهنم” فقال إنه لقرية في شمال دارفور ربما كانت نقطة تجمع أو أقيم فيها سوق لبيع النساء المختطفات من الخرطوم والجزيرة وبعض مدن دارفور لكن إجمالاً لا اعتقد أن سوق خور جهنم في دارفور مقتصر علي منطقة بعينها هذا السوق أصبح كسوق دقلو المنتشر في مناطق عدة في الخرطوم، سوق دقلو معروف ببيع المسروقات وسوق جهنم معروف ببيع الفتيات المختطفات وعلى مارأيت فان الفتيات في السوق يأتين كما كان يقال في الكتب القديمة كسبايا مقيدات بالسلاسل ويتم النداء عليهن وبيعهن بأسعار تبدأ من خمسمائة ألف جنيه إلى مليار ومليار ونصف حسب لون الفتاة فالفتاة ذات البشرة الداكنة تباع بسعر أقل من سعر الفتاة ذات البشرة البيضاء، كما أن الفتاة المختطفة من الخرطوم سعرها أعلى من الفتيات المختطفات من الولايات الأخرى.

بيع لأجانب:

وأضاف حماد في حديثه ل”الأحداث” (بعض الفتيات تم بيعهن لأشخاص من خارج السودان قدموا إلى سوق جهنم من تشاد والنيجر ومالي وغيرها هؤلاء دفعوا بالعملة الحرة واشتروا فتيات تم نقلهن إلى نيامي وانجمينا وغيرها)، وتابع (هذه الأسواق متحركة وهي أشبه بالأسواق التي تحمل أسماء الأيام كسوق الثلاثاء والأربعاء وغيرها فالسوق في هذا المكان اليوم وغداً في مكان آخر وأغلبها في الفرقان والقرى وفي أطراف المدن الكبيرة بدارفور).
ورداً على سؤال إن كانت هذه الأسواق لازالت تعمل قال (أنا خرجت بإصابتي للعلاج قبل فترة ولا أعلم ما يحدث الآن هناك لكن حسب خبرتي في التعامل مع هؤلاء الناس نعم الأسواق تعمل وكلما دخل الدعم السريع إلى منطقة جديدة أرسل فتيات أخريات لبيعهن هناك أو لابتزاز الأسر والحصول على أموال مقابل إعادة إبنتهم المخطوفة) وتابع (الأمر تحول إلى تجارة بالنسبة للدعم السريع.. الفتاة تجلب لهم المال بالبيع أو بإعادتها إلى أسرتها) وأضاف (في كل الأحوال المال سيأتي إليهم فلماذا يتوقفوا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى