مع أبالسة باريس.. بعد رفع الفراش
فيما أرى
عادل الباز
1
عن ماذا تمخضت فعاليات الأبالسة في باريس؟. أربع مخرجات هي:
1/ سمنار الإغاثة تمخض عن إعلان بتعهد يلتزم فيه المجتمع الدولي بملياري يورو للإغاثة.
2/ أنكر الرئيس ماكرون شرعية الحكومة في السودان.
3/ زفة تليق بالأبالسة.
2
التفاصيل:
نفس هؤلاء الأبالسة لا غيرهم، تعهدوا في مؤتمر جنيف بدفع مبلغ مليار ونصف دولار وصلت منها السودان بعد ثلاثة سنوات أقل من 5%.!! أي والله، والغريب أن كثيراً من المشاركين كانوا في السلطة وقتها وشكوا مُر الشكوى من خذلان المجتمع الدولي الذي لم يغث سلطتهم المتهاوية حتى انهارت.. نفس هؤلاء الناشطين الأبالسة الذين كانوا في السلطة يومها، الآن يطبلون ويرقصون لمجرد إعلان كبير الأبالسة ماكرون عن تعهد بملياري يورو بلا ضمانات.
نسوا تماماً خذلان ذات الأبالسة لهم قبل ثلاثة أعوام.
أذكر أنه في مؤتمر أوسلو 2005 بعد توقيع اتفاق السلام الشامل، ذات هؤلاء الأبالسة أعلنوا تبرعات بـ 5 مليار دولار، وقتها كنت بصحبة الأستاذ علي عثمان (حياه الغمام)، كان سعيداً بوعود الأبالسة فقلت له والله ياسعادة النائب لو حصدتم منها 20% تكونوا أفلحتوا.!! وقد كان.. حتى انفصل الجنوب لم تبلغ نسبة المساهمات التي وصلت لدعم السلام الشامل أقل من 10%.!! ولا يزال الأغبياء يصدقون أن هنالك 2 مليار يورو سيجود بها الأبالسة لضحاياهم في دارفور وعموم السودان!! انتو في ونحنا في… ختو نجمة على هذا المقال ونتلاقى قدام.
3
الإنجاز الثاني الذي طرب له نواطير أبواب الغرب.. تصريح ماكرون الكذاب الذي قال فيه إنهم لم يتقدموا بالدعوة للسودان لأنهم لا يعترفون بشرعية الحكومة في السودان بسبب انقلابها على الديمقراطية!!.
بالله شوف كيف يكذب الأبالسة، فذات هذا الإبليس ماكرون نفسه قدم دعوة رسمية للرئيس البرهان للمشاركة في قمة المعهد المالي العالمي التي انعقدت في باريس في يونيو 2023، أي بعد مرور شهرين فقط من اندلاع الحرب في السودان واعتذر الرئيس البرهان عن المشاركة بسبب تلك الظروف.!!!
ترى متى فقدت الحكومة شرعيتها إذن؟. مؤكد أن ذلك حدث بعد أن فشل انقلاب الجنجويد في الاستيلاء على السلطة، ولو أنهم أفلحوا لكانت بيانات الاعتراف والترحيب بانقلاب الجنجويد وقحت تترى وبأعجل ما يكون!!.
ثم كيف تدعو وتناشد حكومة لا تعترف بها للتعاون مع الأبالسة في انهاء الحرب؟ وهل يمكن الآن أن تثق الحكومة السودانية في وعود أو أي أعمال تقوم بها حكومة باريس التي لا تعترف بها؟. بمثل هذا الغباء السياسي فقدت فرنسا أغلب حلفائها في أفريقيا وتكاد تخرج منها بسبب غطرستها وجشعها.
4
الإنجاز الثالث هو إصدار إعلان المبادئ.. يقول الأستاذ الكاتب الصحفي الساخر المصري أحمد رجب.. الكلام نوعان.. كلام فارغ.. وكلام ملان كلام فارغ.. والمؤكد هنا أن إعلان المبادئ من النوع الثانب.. إذ احتشد إعلان المبادئ بالترحيبات والدعوات والنداءات، وفاض بالقلق والمناشدات والإشادات ومثل هذا الزبد التي تحتشد به بيانات (الغمم) العربية، على أنه استوقفتني فقرة واحدة تقول (نظل ملتزمين بدعم التطلعات الديمقراطية للشعب السوداني وعملية تمثيلية وشاملة يقودها ويملكها السودانيون وتؤدي إلى استعادة الحكم المدني.)… بالله عملية تمثيلة شاملة؟ يعنى تشمل كل الناس.. طيب وين (ماعدا) نسيتوها؟! الكيزان معانا هنا ولا ما داخلين في شاملة دي؟، وهل تلقيتم بيان توبتهم الذي طالبتهم به؟ طبعاً الخواجات قالوا لهم بالإنجليزي لابد من عملية
(inclusive)
وكذلك قال لهم الاتحاد الأفريقي.
سؤال آخر، عاوزين تغرقوا العملية السياسية ليه الآن؟. مش زمااان كنتو بتقولوا نحن وبس؟ الأسياد عندهم رأي ولا شنو؟. سبحان الله، مش كان من الأول؟، لكان وقتها تجنبنا الحرب وكل كوارث الجنجويد.
المهم انتهت حفلة باريس بحصاد بائس وسيرحل السياسيون الرُحّل قريباً إلى جنيف ليصدورا بيانات ونداءات أخرى، ولابد أنهم سيستمتعون بزفة جديدة من أبناء السودان مثل التي قلبت عرس الأبالسة في باريس إلى مأساة ونهر من الدموع وجدت طريقها لنهر السين بالقرب من قاعة السمنار.